جرائم فرنسا الباردة بالمغرب تغيير القوانين وتدمير الأعراف
هوية بريس – ذ.إدريس كرم
ملخص:
يجب إعداد القانون التشريعي الأساسي الذي يفوض السيادة لممثلي الإدارة الفرنسيين لإدارة بلاد البربر، وتذويب الأعراف البربرية في القانون الفرنسي، بعدما كان ذائبا في الشريعة الإسلامية، وذلك في أفق جعل البربر في يوم ما يتبنون معتقداتنا بشكل كامل، خاصة وقد أعيد بناء البيت المغربي من قبلنا بفضل الاستيطان الاستعماري، فنحن لم نأت لحماية العرف، بل لإحلال قانوننا محله، ومحل الشريعة الإسلامية التي يركن لها، لأن الإسلام بالنسبة لنا، لا يمكن تلاقينا معه، بسبب ما بيننا وبينه من حواجز يستحيل تجاوزها، لذلك نرى في فصل الأعراف البربرية عن الشريعة الإسلامية وتدوينها، وطرد الفقهاء من القبائل سيحقق لنا ما نريد.
كلمات مفاتيح:
بربر المغرب، بربر الجزائر، أزرف، القرآن، جمع العادات، القانون العرفي، الشريعة الإسلامية الثابتة، إذابة العرف، القانون الفرنسي، تفويض السيادة، تسريح الفقهاء، جمع العادات.
النص:
يقول فكتور بيكي في خلاصة كتابه: le peuple marocain ou le bloc berbere
عندما اخترق العرب شمال إفريقيا عربوا السهول، واحتلت لغتهم العربية محل اللغة البربرية التي لم تبق إلا في الجبال، لماذا توقفت الأمور عند هذا الحد؟
عندما حافظنا على وضعهم القبائلي بالجزائر اختاروا اللغة الفرنسية عوض اللغة العربية، فيجب أن يتبع برابرة المغرب نفس الطريق، ومن الواجب علينا مساعدتهم، عندما لا يكون لقانونهم أزرف أي ارتباط بالقرآن، بدعمنا وتكملتنا بطريقة بربرية أو فرنسية، وألا ندع القرآن يتجذر في مناطقهم، ومع ذلك فقد حدث أن وجدنا حاجة لمن يعرف العربية، قمنا بتوظيف ضباط وموظفين حكوميين يعرفون العربية فقط، وبالتالي ساهمنا في نشر هذه اللغة العربية بشكل لا إرادي. فيجب الآن أن يكون الكتبة والمعلمون من البربر أنفسهم، وأن يسرح الفقهاء الذين كانت الجماعات تلتجأ لهم، لأننا سنعوضهم بجزائريين عرب في التعليم، ينشرون العربية والقرآن، وفق ما نريد، لقد وضعنا سنة 1923 برنامجا لتعليم البربر بعقلية فرنسية، ومعظم المعلمين الذين سيقومون بتنفيذه قبايليين، وهي أحسن طريقة لإضعاف اللغة العربية.
يقول (جورج سوردو) في محاضرته سنة 1927-1928:
“ستكون تهدئة البرابرة المغاربة في غضون أعوام قليلة حقيقة ثابتة، وقد حان الوقت للعمل من أجل الوفاء بالوعد الرسمي الذي قطعناه لكل قبيلة خضعت لنا باحترام عاداتها، لذلك يجب إعداد القانون التشريعي الأساسي الذي يفوض السيادة لممثلي الإدارة الفرسيين لإدارة بلاد البربر، يظهر أنه من الصعب القيام بطلب من شريف يسود روحيا وزمنيا، أن يشرع لمغاربة يعتبرهم المُعَرَّبون زنادقة، لقد حان الوقت لإتمام جَمْع العادات كما هي، ليس باللغة العربية، ولكن مباشرة باللغة البربرية، بما أنه قد أعيد بناء البيت المغربي من قبلنا فإن الاستيطان الاستعماري هو الوسيلة الضامنة لذلك البناء” (ص22-23).
وأضاف:
“هناك حاجة ملحة لمعرفة القانون العرفي البربري، ليس من أجل الحفاظ عليه، لأنه يجب أن يختفي من أمام قانون أسمى منه، هو القانون الفرنسي، حتى يسمح لنا ببساطة القيام بعمل تحليلي جدي، يتيح لنا إمكانية اتخاد قيادة تطوير العرف في السياق الذي نريد.
من المعلوم أنه كان يوجد في المغرب قبل مجيئنا له قانونان مكتوبان: الشريعة الإسلامية الثابتة الأصل، والقانون الفرنسي، (المحاكم القنصلية) وكان العرف ذائبا في الشريعة الإسلامية، ونحن اليوم نفضل رؤية إذابته في القوانين الفرنسية بدلا من الشريعة الإسلامية، لأنه من جهة بيننا وبين تلك الشريعة خندق ثابت، صعب التجاوز، لأنه من جهة قانون موحى به، لا يعاني من عملية توافقية مع غيره، ومن جهة أخرى فإن الأسلحة الفرنسية هي التي هدأت بلاد البربر، وهو ما يمنحنا الحق في اختيار التشريع الذي يجب تطبيقه على هذا البلد، نحن محظوظون لأننا وُجِدنا في حَضْرة مسلمين لا يطالبون بالشرع، فلماذا نقيم بأيدينا حاجزا بيننا وبينهم غير موجود في الواقع؟
لقد كلفنا إخضاع بلاد البربر جهودا كبيرة، إثر تكليفنا وحدنا من قبل المخزن طواعية، بغزو تلك البلاد وتهدئتها، بعدما تعذر فعل ذلك على السلاطين من قبل، والذين عجزوا عن ضمها، وإخضاعها لحكمهم عبر العصور، ومن ثَمَّ وجب على المخزن أن يكون مستعدا تماما، للسماح لنا بتنظيم بلاد البربر كما يحلو لنا.
البربر مسلمون، لكن الإسلام بالنسبة لهم مجرد دين، وإن كانوا يتبعون محدداته بالضبط، فهو لديهم إيمان فقط، وليس قانونا، لذلك لا مانِع من تصورهم في يوم ما، تبنيهم ببساطة معتقداتنا خالصة، ويكفي أن يكون هذا التصور واضحا لنا، لنقوم بتطبيقه بلا إبطاء” (ص:290).