جهات علمانية تعلن الحرب على التعليم العتيق.. في بيان رسمي!
هوية بريس – طارق الحمودي
تأخر بعض بني علمان في إعلان حربهم على التعليم العتيق وإظهار ضيق قلوبهم منه بشكل رسمي متسللين تحت غطاء بعض الجمعيات الحقوقية -للأسف، وهذا استغلال مرفوض- التي صارت بعضها مطايا لضرب الهوية الإسلامية المغربية، ومحاولات اقتلاع جذورها من هذه الأرض، مع تقديرنا لجمعيات حقوقية تمارس وطنيتها بكل مهنية وإنصاف، منطلقة من الهوية المغربية الأصيلة.
لكن ها هي “جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان” برئاسة “الحبيب حاجي”، تدعو جهات ما إلى إلغاء “التعليم العتيق” الذي تشرف عليه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، تحت ذريعة هزيلة بالية ومتهافتة.. وهي أن التعليم العتيق يزود الفكر المتطرف المعادي للإسلام كما عرفه وتمثله المغاربة الذي يعتبر أحد مكونات الاستقرار على حد تعبير البيان الصادر عن الجمعية في سياق الدفاع عن الفلسفة في التعليم العمومي، وهذا من باب “رمتني بدائها وانسلت”، بل من باب تكفير أسرة التعليم العتيق كلها.. لأنها في نظر بيان جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان ..تحارب الإسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.
من المعلوم عندنا أن هؤلاء لم يندفعوا إلى إظهار ضيق صدورهم من التعليم العتيق وإصدار مثل هذه البيانات في ضوء النهار إلا لأنهم يعلمون يقينا أن هذا التعليم يسعى إلى حماية خريجيه -ومن يتأثرون بهم- مما يريدونه للشباب المغربي من الاستيلاب الفكري والأخلاقي، ويمنحهم فرصة الاستزادة من المعرفة والولوج إلى الجامعات المغربية التي أظهروا فيها قدرات عالية على التعلم والمشاركة الإيجابية، ومنهم اليوم أساتذة في التعليم العمومي وغيره، وفيهم باحثون في سلك الدكتوراه، وهم ممن يتشرف بهم الوطن والحمد لله رب العالمين، لكن ضاقت على هؤلاء العلمانيين الأرض بما رحبت على التعليم العتيق، فخافوا على بضاعتهم المشبوهة من البوار، فسارعوا إلى المطالبة بالمنع من عرض المنتوج الطيب للتعليم العتيق على المغاربة ، والظاهر أن استمرار وجود التعليم العتيق وتوسع آفاق خريجيه لم يزدهم إلا سخنة عين وغيظ نفس وخيبة ظن، وصدورُ مثل هذه البيانات في نظري يعني نجاح التعليم العتيق تحت الرعاية السامية لملك البلاد حفظه الله في مهمته المتمثلة في التعليم والتربية وصيانة الأمن الروحي والفكري للبلاد، والتي يقوم عليها ثلة فاضلة من الإداريين والتربويين والأساتذة المتمكنين ذوي الكفاءات العالية والمؤهلات الممتازة.
الملاحظة المهمة على البيان هو صدوره في سياق الدفاع عن مادة الفلسفة في التعليم العمومي، ووجه الربط واضح، فالمتتبع المخلص للدرس الفلسفي في المغرب يعلم جيدا أن مادة الفلسفة جزء من البرامج التربوية في التعليم العتيق مع المنطق والرياضيات وشيء من علم الفلك واللغتين الفرنسية والإنجليزية، فثم إذن غرض آخر مبيت من كل هذه “الجقلالقة” شبه الحقوقية، مع التنبيه على أن توقيت مثل هذه البيانات غريب ومثير، يعرف مقصوده ومغزاه أهل الشأن، فهل ثم جهات لم تعد تطيق صبرا على فشل المشروع العلماني في المغرب في كل جبهاته التي فتها ضد الهوية المغربية ؟
صدق المرشال ليوطي، المقيم العام الفرنسي بالمغرب زمن الاحتلال، حينما نبه على أن خوفه على فرنسا كان أصالة من علماء وخريجي جامع القرويين، فينبغي أن يعلم المغاربة اليوم أنهم صاروا مستهدفين في واحد من أكبر إنجازات الشعب المغربي المسلم، إنجاز عمره أكثر من ألف وثلاثمائة سنة، وهي المدارس الشرعية على رأسها القرويين، المدارس التي صارت تعرف اليوم بمدارس التعليم العتيق، وقد بلغت الجرأة ببعضهم إلى اتهام هذه المدارس بإنتاج التطرف ومعاداة الإسلام ، فالتهمة واضحة، ولو كان لي من الأمر شيء، لرفعت دعوى قضائية ضد هذه الجمعية ومن شاركها في هذه المهزلة العلمانية الجديدة.
هذه مقدمة لمتابعة أدق.. وإن عادوا عدنا…
بل بالعكس وبالتجربة هذه المدارس نافعة للوطن والمواطنين،بدليل تخرج الآلاف المؤلّفة من الحفظة والعلماء المتفرّغين من غرفها المتواضعة البسيطة والشامخة في نفس الوقت،وكذلك الذين يدخلونها في العطلة المدرسية،فكم من أناس حفظوا سورة البقرة وسور أخرى فقط في العطل،ولم نسمع ونرى على هؤلاء الناس تطرفا أو تزمّتا ولم نلحظ سوى الخير عليهم من قديم الزمان،فإذا كانت هذه المدارس تعطي تطرفا فمالنا لم نره على أحد من الخرّيجين الطيبين،وعلى رأس هذه المدارس القرويين بفاس أول جامعة في العالم؟ولذا يعتبرهذا الزعم سبّة وتحقير لاختيار المغاربة؟! وكان الأحرى أن يدعوا إلى المحافظة على مدارسنا العتيقة لاإلى إغلاقها خصوصا أنها إرث تاريخي وإنساني وأن تعليمها قد انفتح منذ أمد على كل العلوم ومن بينها اللغات الحية،وصارت كل الجامعات الوطنية تستقبل طلبتهابعد حصولهم على الباكالوريا.
يحيا التعليم العتيق ويحيى الاسلا
كم من طالب علم تابع دراسته في كليات العلوم والتقنيات
وقد جلس حينا من الدهر أمام اللوح الخشبي المميز للتعليم العتيق ، ولم اسمع يوما عن اي ممن ضمتهم المدرسة العتيقةيوما ان تحول الى متطرف او نحو .