جيوش المسلمين كارثة عليهم
هوية بريس – د.أحمد الريسوني
مؤقتا هدأت الجبهة اللبنانية في معركة فلسطين.. إنها استراحة المقاتل لا غير، واستراحة اضطرارية لا شك. وهي فترة للتدريب والترميم وإعادة التسلح والتأهب، وهي استراحة يحتاجها أي مجاهد، في انتظار جولات آتية لا ريب فيها، ما دام العدو يحتل فلسطين، ويحتل أو يتربص بكل مَن حول فلسطين وما حول فلسطين.
وأنا لا أسمح لنفسي، أن أخوض وأصدر الأحكام فيما ليس لي علم به ولا بأسبابه وخفاياه، وأفوض تقدير الأمور للعارفين بها المباشرين لها، متمسكا بما لدي من قطعيات، حتى تتضح المتشابهات والاحتمالات..
لكن ما نعرفه يقينا، ويجب أن يَصدَع به ويستنكره اليوم كل المسلمين، بصوت واحد، وبموقف واحد، هو أن جيوشا عربية وإسلامية يعدُّ ضباطها وجنودها بالملايين، وتعدّ ميزانياتها وأرصدتها بمئات الملايير، وأما أسلحتها فلا تعد ولا تحصى، تقف جامدة هامدة متخشبة..
بل إن واحدا من أكبر تلك الجيوش، يقف على تخوم غزة، يتفرج على حرب الإبادة الشاملة والدمار الشامل.. بل يقوم بحماية الكيان العدو وجيشه المجرم، ويدعم حصاره الخانق على قطاع غزة، ويقوم بتكبيل شعب قوامه مائة مليون مواطن، وإرهابه وإذلاله، ومنعه من أي مبادرة للتضامن أو النجدة لأهل غزة!!
ونرى جيشا “إسلاميا” آخر، من ذوي المليون مجند، يتباهى بأنه يصنِّع أسلحته بنفسه، وبأنه يمتلك السلاح النووي. وهو لا يفعل سوى إحكام قبضته الحديدية على شعب مسلم تعداده نحو 250 مليون نسمة.
هذه هي مأساتنا الكبرى.. جيوش جرارة، تستهلك خيرات الشعوب وأقوات الفقراء وأبناءهم. وهي لا تفعل سوى خدمة الأعداء، واستدامة الفساد والاستبداد. بينما ينهمك بعض العرب الغاوين، في إدانة من بذلوا جهدهم وقدموا تضحياتهم، من اللبنانيين ومن اليمنيين، المحاصرين -هم أيضا- من أشقائهم وأعدائهم، ويتهمونهم بأنهم لم يحرروا لنا فلسطين، وبكون جهادهم يظل منقوصا ومشبوها في نظرهم..
ولكن الأمل يبقى راسخا وموثوقا في أرض فلسطين وأهل فلسطين وأنصار فلسطين..
فها هي الآن شعلة الجهاد والمقاومة، وشعلة الصمود والكرامة، مستمرة لا تنطفئ ولا تخبو، بل هي باقية تُـشِعُّ وتضيئ من دخل فلسطين، حيث توجد قبلتنا الأولى، التي هي اليوم بوصلتنا الأولى.
وفي الحديث الصحيح: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك».