حفظ الفروع وضياع الأصول
هوية بريس – ماهر جعوان
لوجه الله احفظوا الفروع ولا تضيعوا الأصول
من الناس من يعمل الخير ويكثر الصدقة، ثم يمن بها ويتباهى عجبا وكبرا وبطرا.
ويُطيع في صغار الأمور دون كبارها، وفيما كلفته عليه خفيفة أو معتادة، وفيما لا ينقص شيئاً من عاداته في مطعم وملبس، فإذا تأثر مستوى الراحة والرفاهية نكص على عقبيه.
يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر للضعفاء والفقراء ومن ليس لهم شوكة،
فإذا كان الواجب أمر ونهى للكبير القوي، نكص على عقبه، بائعا آخرته.
ومن القوم من يلين الكلام، حلو اللسان مع الفاسق الجبار،
أما مع المكلوم فذو بأس شديد وأصلب من الحديد.
المداهنة والملاطفة والتودد والتقية وخانع ذليل، مطأطأ الرأس، يجاري أرباب المعالي في الباطل، بينما اللعن والسب والقهر والذل مع أولى القربى.
ونرى أقواماً يتحاشون الوسوسة في الحق، ولا يتحاشون الجهر بالسوء غيبة وكذب وافتراء وبذاءة، يصد الجهود، ولا يتعاون إلا على الإثم والعدوان،
يناصر الظالم ويتنكر للمظلوم.
ومن القوم من يتاجر بدينه يدَّعى العلم ويمالئ الفاسدين،
والفاجر في الخصومة يدعي الإصلاح، وهو سائر خلف الظالمين بلا هوادة،
والدجَّال يدَّعى التقوى ويجري وراء الدنيا،
والخائن يدَّعى الوطنية ويفرِّق الصفوف تنكيلا، والسفيه يدَّعى الحكمة وهو منحرف،
والرعديد يدَّعى البطولة وهو عبد لأهوائه، يدَّعى الزعامة وهو حقود،
والمخرب يدَّعى التحرُّر وهو ملحد، والضال يدَّعى الهدى وهو مخالف للكتاب والسنة،
والجاهل المحتال يدَّعى الإرشاد وهو مخالف لهدي الرسول ﷺ
يقيم الدنيا ولا يقعدها لترهات وقضايا وهمية ومعارك جانبية للانشغال عن واجب الوقت، يسول لنفسه القعود مع القاعدين.
يتبع الزلات ولا يهتم بالعواقب ولو أتت بأم الكبائر،
ولو أسفرت عن تقطيع ما أراد الله له أن يُوصل،
يُقدم ما حقه التأخير، ويؤخر ما حقه التقديم، يؤخر الواجبات ويُقدم المستحبات،
يحفظ الفروع ويُضيع الأصول، يُصغر الكبير ويُكبر الصغير،
يُعظم الحقير ويُحقر العظيم، يصون السنن ويُضيع الفرائض.
فيا قومنا هذا نداء محب يدق ناقوس خطر وجرس إنذار
إنه بقدر إجلالكم لله يجلكم وبمقدار تعظيم قدره واحترامه يعظم أقداركم وحرمتكم.
ولقد رأينا من تعدى الحدود فهان عند الخلق، ومن راقب الله فعظم الله قدره في القلوب.
وفي أشياء يطول عددها من حفظ فروع وتضييع أصول،
فالله الله في تضييع الأصول.
واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله.