حكم التهجد في العشر الأواخر من رمضان زيادةً على صلاة التراويح
هوية بريس – د.أحمد محمد الصادق النجار
مقصود الشارع من التهجد في العشر الأواخر: الاجتهاد في العبادة, وإدراك فضيلة ليلة القدر، ولذا كان يجتهد النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيره.
ومشروعية القيام آخر الليل بعد الانصراف من صلاة التروايح مبني على ثلاث مقدمات:
الأولى: جواز زيادة التعبد بالقيام في العشر الأواخر؛ تحقيقا لمقصد الشارع.
الثانية: جواز الزيادة على إحدى عشرة ركعة.
الثالثة: جواز التعقيب.
أما المقدمة الأولى، وهي: جواز زيادة التعبد بالقيام في العشر الأواخر؛ تحقيقا لمقصد الشارع؛ فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يزيد في التعبد في ليالي العشر الأواخر ويميزها عن يقبة الليالي؛ تحقيقا لمقصد الشرع.
وأما المقدمة الثانية وهي: جواز الزيادة على إحدى عشرة ركعة،
فقد دل عليها عمل الأعم الأغلب من المسلمين، وهو يحقق مقصد الشارع من قيام رمضان وهو: طول القيام.
وأما المقدمة الثالثة فهي: جواز التعقيب في المسجد.
والمراد بالتعقيب: رجوع الناس إلى المسجد بعد انصرافهم.
والراجح: جوازه؛ لأمور:
1- أخرج أبو داود في سننه (2/67): ((عن قيس بن طلق، قال: زارنا طلق بن علي في يوم من رمضان، وأمسى عندنا، وأفطر، ثم قام بنا الليلة، وأوتر بنا، ثم انحدر إلى مسجده، فصلى بأصحابه، حتى إذا بقي الوتر قدم رجلا، فقال: أوتر بأصحابك، فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا وتران في ليلة»
2- أخرج ابن ابي شيبة في مصنفه(2/167) عن أنس لما سئل عن التعقيب في رمضان قال: «لا بأس به, إنما يرجعون إلى خير يرجونه، ويبرءون من شر يخافونه»
3-أنه داخل في استحباب الاجتهاد في العشر الأواخر.
4-أنه محقق لمقصد التعبد في ليلة القدر.
فإن قيل: لِم لَم يتهجد النبي صبى الله عليه وسلم في المسجد؟
قيل: علة عدم تهجده في المسجد هي علة عدم صلاته التراويح في المسجد, وهي: خشية أن يفرض على الأمة.
وأما تخصيص ليالي العشر الأواخر بالتهجد فقد دل عليه فعل النبي صلى الله عليه وسلم, فقد كان يخصص هذه الليالي بمزيد تعبد, وكان يميزها عن بقية الليالي بالعبادة؛ مما يدل على مشروعية هذا التخصيص.
وأخيرا
إن من الأحكام التي يحتاج إليها المتهجد في ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان مسألة نقض الوتر…
والمراد بنقض الوتر، أن يصلي ركعة مستقلة قبل البدء في التهجد في آخر الليل تنقض وتره الأول.
وقد فعل ذلك كثير من الصحابة
والنقض في مسألتنا:
1- يحقق مصلحة راجحة، وهي: إدراك فضيلة من قام مع الإمام حتى ينصرف.
2- وروده عن جماعة من السلف.
3- موافق لمعنى حديث “لا وتران في ليلة”؛ ذلك أن الوتر الثاني يكون ناقضا للوتر الأول،
4- محقق لحديث “اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا” فيكون من نقض وتره قد ختم صلاة الليل بوتر، وهذا بخلاف من لم ينقض؛ قال ابن رجب في فتح الباري (9/170): ((ومن تطوع بركعة في الليل، من غير نقض، ثم أوتر لم يبق لوتره فائدة؛ فإنه صار وتره شفعاً)).
والذي أنصح به الإمام في العشر الأواخر ألا يوتر في التراويح؛ فهنا المأموم أيضا لن يوتر, وإنما سيوتر معه إمامه في التهجد, فيحصل له أجر إحياء الليل, ويكون قد أدرك فضيلة :” من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة.