“حماس” تخرج عن صمتها وتكشف عن مساعي حثيثة للتحالف العربي الصهيوني لنزع سلاح المقاومة
هوية بريس – وكالات
أثار ما كشفته كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلّح لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، عبر برنامج “ما خفي أعظم” الاستقصائي (الذي بثّته قناة الجزيرة القطرية)، مساء الأحد، من معلومات مرتبطة بإمداداتها العسكرية، تساؤلات حول أهداف نشر هذه البيانات، وخاصة في هذا التوقيت الذي يتزامن مع موجة “التطبيع العربي، مع إسرائيل”.
وكشف البرنامج أن التحولات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط، والتوجّه العربي نحو التحالف مع إسرائيل، أثّر على الإمدادات العسكرية الواصلة لحماس في قطاع غزة.
ويندرج هذا التحالف، بحسب مراقبين سياسيين، في إطار “صفقة القرن” المزعومة، التي تَعتَبر “نزع سلاح المقاومة، وتحويل غزة لمنطقة منزوعة السلاح”، أحد أبرز مطالبها.
لكن “القسام” أكدت، في البرنامج، أن كل الجهود المبذولة لمنعها من التسلح، قد فشلت، حيث تمكنت من صناعة السلاح، ذاتيا، بالإضافة إلى استمرار نجاحها في تهريب بعض الأسلحة “النوعية”.
وتوصلت كل من الإمارات (التي تربطها حالة من العداء مع حركة حماس) ولاحقا البحرين، إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، من المقرر أن يتم التوقيع عليها من الأطراف الثلاثة، غدا الثلاثاء، في واشنطن.
وظهر في البرنامج، إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة.
وقال هنية في البرنامج إن السودان كانت في السابق، من “إحدى الدول الوسيطة التي ساهمت في احتضان ودعم المقاومة”.
وفي لقاء مع دوري غولد، مستشار سابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في ذات البرنامج قال إن “إيران كانت ترسل سفن أسلحتها الموجّهة لحماس إلى ميناء في السودان، والتي بدورها تشحن هذه الأسلحة إلى الحدود مع مصر، وهناك يتم تفريغ الحمولة وإيصالها إلى غزة”.
وحصلت القناة على مشاهد حصرية من كتائب “القسّام”، فيما يتعلق بمراكمة القوة العسكرية لديها وتطوير الأسلحة، رغم الحصار الإسرائيلي المشدد، للعام الـ14 على التوالي.
ومن هذه المشاهد، إعادة تدوير مئات القذائف التي حصلت عليها من سفينتين حربيتيْن بريطانيتيْن، كانتا قد غرقتا، قُبالة شواطئ غزة، إبّان الحرب العالمية الأولى.
ويتفق محللون سياسيون على أن كافة المحاولات الإقليمية والدولية لنزع سلاح حماس، لن تنجح، وأن الحركة ستواصل مراكمة قوتها بـ“أساليب بدائية لكن إبداعية”.
**دلالات ورسائل
ويرى الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني، أن توقيت كشف “القسّام”، للمعلومات التي زوّدت بها برنامج “ما خفي أعظم” عبر قناة الجزيرة، يأتي في ظل “تطورات بالغة الأهمية تمرّ بها منطقة الشرق الأوسط”.
وقال لوكالة الأناضول “هذه التطورات مرتبطة بهرولة بعض الدول نحو التطبيع، وقرار الفصائل برفع الحصار عن غزة، وتوجههم نحو الوحدة الفلسطينية، إلى جانب الصراعات الإقليمية والدولية في المنطقة”.
وبيّن أن ما كشفت عنه “القسّام” يعكس “حجم التطور والقدرة لدى المقاومة، في ظل المحاولات الحثيثة لإضعافها وضرب حاضنتها الشعبية، وصولا لدفعها للاستسلام”.
وتابع “في سبيل إضعاف المقاومة فرضت إسرائيل حصارا خانقا لـ14 عاما على غزة، وشنّت 3 حروب، وعشرات من جولات الاستنزاف القتالية، إلى جانب تقديم عروض مالية وتحسينات على غزة، مقابل تسليم سلاحها الثقيل”.
ويعتقد الدجني أن كافة المحاولات التي تتبعها أطراف إقليمية ودولية لنزع سلاح الحركة، بوسائل ناعمة أو خشنة، “لن تجدي نفعا”.
**التطبيع ونزع السلاح
بدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم، إن نزع سلاح المقاومة بغزة، وتقويض النضال الفلسطيني بشكل عام، هو “جزء من أهداف التحالف العربي الإسرائيلي الأخير”.
وأوضح إبراهيم في حوار خاص مع وكالة الأناضول أن “التحالف الاستراتيجي العربي الإسرائيلي، خاصة فيما يتعلق بالجانب الأمني، ينعكس بشكل سلبي على الفلسطينيين ومقاومتهم”.
وقال إن ملف نزع سلاح المقاومة، “قديم حديث”، تسعى إليه إسرائيل منذ زمن، لكنّها لم تنجح، فاتجهت اليوم لمحاولة تقويض الإمدادات، بمساعدة أطراف إقليمية.
ومنذ عام 2006، طالبت اللجنة الرباعية الدولية (تضم الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا والاتحاد الأوربي، والأمم المتحدة)، حماس، بـ “نبذ الارهاب، والاعتراف بحق إسرائيل بالوجود، والاعتراف بالاتفاقات الموقعة بين إسرائيل والفلسطينيين، ونزع سلاحها”، مقابل الاعتراف بها كطرف مقبول ومعترف به في الساحة الفلسطينية.
لكن إبراهيم، يرى أن تنفيذ مخطط نزع السلاح، ليس سهلا، خاصة وأن قضية المقاومة “تشكّل ثقافة لدى الشعب الفلسطيني؛ رغم تباينها (حماس تؤمن بالمقاومة المسلّحة وفتح بالشعبية)، إلا أنهم يجمعون على مبدأ (ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة)”.
ويشكّل التحالف العربي الإسرائيلي، على حدّ قول إبراهيم، “عامل ضغط على المقاومة للحد من تطوير قدرتها العسكرية”، إلا أنه في ذات السياق يدفعها للبحث عن وسائل أخرى تساعدها في مواجهة التوفق العسكري الإسرائيلي”.
وأشار إلى أنه “رغم التفوق العسكري النوعي لإسرائيل في المنطقة، إلا أن المقاومة بأدواتها المصنّعة محليا نجحت في خلخلة موازين الردع الإسرائيلية ولو بالحد الأدنى”، كما قال.
** تخوفات حقيقية
من جانبه، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن، أن كشف “القسام” عن هذه المعلومات العسكرية، عبر البرنامج الاستقصائي، مؤشرا على وجود “تخوفات حقيقية لديها من محاولة قطع إمداداتها العسكرية”.
وقال في هذا الصدد “هذه التخوفات ليست وليدة الفترة، هناك مؤشرات من سنوات مضت تم رصدها أن هناك نوع من التوافق في الموقف بين الاحتلال ودول وازنة في المنطقة، تهدف إلى محاصرة المقاومة وتجفيف كل مسارات الإمداد لها، وتحديدا السلاح ومعداته”.
وأضاف “لسنا ببعيدين عن ما حدث على الحدود من تدمير للأنفاق، وملاحقة شحنات السلاح التي كانت تأتي عبر البحر الأحمر وتعبر من خلال السودان”.
وبيّن أن حركة حماس “باتت تدرك أن المستقبل سيكون أكثر ضغطا وإيلاما من ناحية إغلاق كل منافذ الإمداد العسكري”.
ويعتقد محيسن أن “القسام” أرسل عددا من الرسائل عبر البرنامج تتمحور حول “عدم جدوى الحصار ومحاولات تجفيف منابع المقاومة، فهي تنتج من العدم ما يمكن أن يتصدى للاحتلال، ويعطي ديمومة للصراع”. (وكالة الأناضول)