اجتمع مجموعة من الشباب على الساعة العاشرة ليلا بالمدينة العتيقة سلا كعادتهم كل ليلة خميس منذ شهر دجنبر 2015، غير أن هاته الليلة هي آخر يوم من حملة دفء التي أطلقتها صفحة سلاويين %100 على “فيسبوك”.
وحملة دفء في موسمها الثاني هذه السنة مثل سابقتها يقوم من خلالها الشباب بتفقد أحوال شريحة مهمشة ومنسية من المجتمع، ممن تخلى عنهم أهلهم، أو حالت وضعيتهم الاجتماعية في توفير مسكن.. يبتون في العراء بدون غطاء ولا فراش إلا من بعض “الكارطون والبلاستيك” الذي لا يكفي لتدفئتهم في أيام البرد، ومن غير طعام يسد جوعهم إلا ما التقطوه من الطرقات، لو استمعت لقصصهم تذرف عينك حزنا عليهم، وكيف وصلوا لهذه الحالة البئيسة؟!! فالكثير منهم لهم أبناء بمساكنهم، لكنهم تخلوا عنهم، والله المستعان.
شباب “حملة دفء” يقومون بتوزيع وجبات العشاء على هؤلاء المشردين، وتقديم بعض الأفرشة والأغطية والملابس، التي تبرع به المحسنون الذين يحسون بأحوال الضعيف المتشرد التي أجبرته الظروف للمبيت في الشارع بعد تخلي عائلته وأقاربه عنه..
فحملة ليلة الخميس 28 أبريل كانت هي اليوم الأخير في هذا الموسم وكانت واسعة حيث عمت الكثير من أحياء مدينة سلا، وكان الشباب المشاركين فيها يعرفون الأماكن التي يبيت فيها المتخلى عنهم بحكم خروجهم في هذه الحملة كل ليلة الخميس، وبينما الشباب متحمسين وهم يسلمون على المتخلى عنهم التي أصبحت تجمعهم بهم علاقة أخوية إذ تفاجأنا بخبر وفاة أحد الرجال الكبار السن الذي كان يزوره الشباب ويقدمون له الطعام ويتفقدون أحواله؛ لم يستطع أن يقاوم بسبب سنه المتقدم البرد والجوع فغلبه المرض، وأخذ في آخر لحظة للمستشفى، ففارق الحياة هناك ولسان حاله يسأل ويقول: من المسؤول عن هذه الحالة، هل العائلة والأقارب؟ أم الجمعيات الخيرية والحقوقية؟ أما الدولة فلا تعنينا في هذا الكلام لأن بعض وزرائها لا يعترفون أصلا بوجود من يعاني من الفقر والجوع والعراء!!!!!
ومن هنا وعلى لسان هؤلاء المتخلى عنهم لابد من توجيه نداء لكل ابن بار أن يتفقد أحوال والديه وأفراد عائلته ويسأل عنهم ويعينهم فوالله سيسأل عنهم؛ وإلى جمعيات حقوق الإنسان لا يكفي إصدار البيانات والاستنكار والتنديد عليكم بالخروج للعمل الميداني، وتفريغ وقتكم للاستماع لأحوال ومشاكل المجتمع الحقيقية، ولكل شرفاء المجتمع المدني عليكم بالإكثار من مثل هذه المبادرات، وللمحسنين نقول انفضوا غبار البخل عن أيديكم وجيوبكم، وابذلوا المال الذي تجدوه حسنات بين يدي لقاء ربكم، وكونوا لإخوانكم خير سند..