حوار هادئ مع «دونكشوط» الأصالة والمعاصرة إلياس العماري
خالد الغزالي
هوية بريس – الأحد 21 فبراير 2016
حقيقة استغرب بقيمة الاستنكار لما يقوم به بعض السياسيين من ذوي الاحتياج التربوي سياسيا ووطنيا فضلا عن دينيا، ممن يدعون امتلاك مشروع سياسي يمزج بين الأصالة والمعاصرة مع فقدان منهجية كيف يدافع عن الوطن بمكوناته.
ولا غرابة إذ حزب المحراث الذي يستمد منطقه السياسي من روح شعاره ورزمه أكد في رغبته حرث الساحة السياسية اعتمادا على خلفية إيديولوجية متجاوزة أقفرت من حيث الإنتاج النخبوي السياسي وقبح الطرح البرامجي السليم، والتي تسخر بكلية في الطعن بوهم اسمه التطرف الإسلامي، فلا أدري أين يتجلى هذا التطرف الإسلاموي على حد تعبير إلياس العماري، والذي نرفضه معه.. معتمدا على قراءة خاطئة لخريطة الساحة السياسية وبخبث مقيت غير احترافي.. إذ ما صرح به إلا فصل أولي وجس نبض بمرحلة الألف في مسلسل مؤامرة يتعرض له الجسم الإسلامي شكلا بغير مضمون والمفرغ من قيمة العمل السياسي التشاركي… وقد تأكد اليوم أكثر من ذي قبل من أن همّ حزب علي الهمة سابقا والعماري راهنا هو التعرض حصرا لمشروع الإصلاح لحزب يعتمد الاعتدال بمرجعيته والمتفوق من حيث الطرح السياسي بمقابل طرح حزب المحراث الأصالة والمعاصرة…
مما يؤكد أن نوع الإسلام الذي انبرى العماري لمحاربته هو رهاب نفسي تأجج وعشش بنفسية اليسار القديم والحديث وله تداعياته التاريخية المرتبطة بالمتروك الإرثي الاستعماري إيديولوجيا تعامل ولايزال بمنطق استغلال بئيس لثقب الذاكرة لديه في إرادة التطبيع مع أرضية الفساد كما هو حال الجو السياسي عموما.. والذي أكدته أجواء المؤتمر الوطني الثالث للأصالة والمعاصرة ببوزنيقة لتنصيب الأمين العام إلياس العماري بحضور وازن لتمثيلية حزبية أوروبية ذات مرجعية يسارية، الشيء الذي يؤشر على توجه يساري مطبع لحزب المحراث العماري… سعيا لتشكيل قطب موازن للإسلاميين وفق وثيقة من نحن المذهبية، التي تستشرف الانفتاح على كل الاحتمالات… بيد أن الياس العماري غير المتواني في التلميح بمحاربته المقاربة الإسلامية سياسيا متوخيا إثارة الجدل الإصلاحي بوصفة علاج لزكام الديمقراطية فأصابها بذبحة صدرية في مقتل.. والمريد بذلك فك العزلة السياسية التي يعيشها حزبه معية أحزاب مغربية أشباح..
ويتجلى هذا في نوع تحالفاته كونه يعاني خلل التنشئة والتباساتها مع أعطاب أخلاقية سياسيا لتمتع الحزب ببنائه على فن البراغماتية المقربة من الانتهازية المقيتة رغم تموقعه، ومحاولة إقناع المجتمع المغربي الواعي بإمكانية تدبير هذا التموقع داخل المشهد السياسي بمنطق انتزاع المناصب والمقاعد كيف ما كان الثمن، أمام صمت مريدي الحزب مما يرسخ قوة العماري ونفوذه المالي الذي يغنيه عن أي مساءلة إزاء تصرفاته وخرجاته ضاربين بذلك عرض الحائط قيمة ربط المسؤولية بالمحاسبة…
من هنا نقول إن المنظومة السياسية المعتمدة داخل حزب المحراث واعتمادا على نوع تأطيره وتصريحه، وإن سلمنا جدلا إبعاد فكرة المؤامرة على الإسلاميين يعتبر انتحارا واندحارا وتأبيدا لفقه الهزيمة وعجز وإقفار في ساحة الإنتاج السياسي بأفق الإسهام فيما يمكن اعتباره تسييرا وتدبيرا للشأن السياسي محليا وكذا خارج المملكة المغربية، لكون حزب الاأصالة والمعاصرة يعتمد بؤسا فكريا مسطحا ورماديا ظاهرا في بؤس تسييره داخليا.. فكيف بتمكنه من تسيير مجتمع بمؤسساته ذو مرجعية إسلامية بالأغلبية وتنوع فسيفسائي مرتكز على قيمة اللهجات واللهجات والتوجهات والتخصصات.. ضف على ذلك وجود إطارات حزبية أخرى تفرخ نوع إنسان فقير على مستوى القيم والمبادئ تصنع مواطنا ممسوخا فكريا ومطموسا فطريا بدلالة المشهد الإنساني بعالم السياسة في صورته الراهنة… ثم لا يمكننا القول بأن عملية تنصيب الياس العماري أمينا عاما لحزب الاصالة والمعاصرة بشكل غير ديمقراطي بالمؤتمر الوطني الثالث قد حسم الثقل السياسي، وليس متوقفا على التزكية… حصرا إذ الأمر رهين بإنتاج نخب سياسية بيضاء اليد وفق تحالفات توافقية ساعية لخدمة الوطن والمواطن المغربي وفق هويته الخصوصية، تجاوزا لنعرة المزايدة السياسية التي تعتمد في تدافعها فلسفة الإنهاء والوجود بدل التشارك والحدود، وتكرس منهجية التقاطب والصراع السلبيين والمؤلوف بالمشهد السياسي حزيبا وبرلمانيا، باستعمال آلية الإنهاء والإبادة لكل مبادرة تصحيح للمسار وتقويم للاعوجاج كما صرح العماري بقوله “جئنا لمواجهة الاسلاميين”، وكأنه مسعر حرب على نمط الدونكشوط متغافلا عن قيمة الدعوة إلى التشبث بالقيم على أرضية الهوية المغربية الممتزجة بمبدإ الحفاظ على مجموعنا وكياننا، إذ رجل السياسة كالداعية إن لم يتحرك من قاعدة الأخلاق والمبادئ الدينية والوطنية فهو أنموذج عديم الشرف والكرامة، فالعبرة بالالتزام الاخلاقي لا الادعاء المجوف، فمتى ما فقد العناصر المكونة لروح ذاته المجسدة لروح انتماءه لوطنه يتحول إلى مسترزق دنيء وصفيق تنعدم فيه محسوسات الإنسان السوي المطلوب للمهمة والمرحلة، فيصير التشكك في رغبته الإصلاح أمرا حتميا لاعتماده نظرية الفيلسوف فلوتر صاحب نظرية تقنين الفساد الأخلاقي سياسيا وما أكثره بالمغرب…
برأيي واتفاقا مع صوت الجماهير إن العمل السياسي بالمغرب بحاجة إلى قيم الترشيد بمعزل عن محركات النعرة الحزبية التي تعرقل مسار الإصلاح المطلوب الساعية لإعاقته داخل جسم نواب الأمة.. وبالتالي الإساءة للوطن، إذا فليكن تحركنا نابع من وطنيتنا وهويتنا فلا يحركنا غيرنا كي لا نستجر إلى معارك وهمية خاسرة ولا شك، ولنسمو عن كل بذيء وساقط، فنحن اليوم مطالبون أكثر مما مضى بتأسيس حجر الزاوية وهندسة التوازن وتقسيم الأدوار انطلاقا من مبدإ القرار، مرورا بتفعيل البرامج بشكل تشاركي واع بحجم المسؤولية المنوطة بالجميع، مع استيعاب وإدراك قيمة الرهانات والمعيقات سعيا منا جميعا لرفعة الأمة المغربية والنهوض بمتطلبات فطرتها، نحن إذا أمام فرصة ذهبية تؤسس لمنظور جديد للتدبير الترابي بعلاقته الإدارية والجهوية، فلابد أن تعتمد قوة اقتراحية تشاركية أكثر منها تقاطبية جوفاء، وكذا خيارات توافقية تؤكد قدرة النخب السياسية على إسهام يثمن ويستشرف التحكم في المتغيرات لتنزيل راق لأسس التنمية عمليا بشكل يسير في ركب التطور بكل مضمار ومجال لتعزيز قيم التضامن تلبية لمتطلبات الفطرة وحاجيات المواطن نوعا وكما…
أختم بقولي: يا الياس العماري إن الفكر الإسلامي بالمغرب على علاته وأخطائه رائق بمقابل الفكر المستورد والمنزل بسلبية بوطن له خصوصيته حري بالسادة السياسيين استيعاب مركزيتها وما يستنطق منها لبلوغ المنشود.. دولة الحق والمؤسسات تنعم بعدالة بكل المجالات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محاضر تنمية ذاتية وهندسة بشرية.