حول أراجيف الانتساب إلى التنظيم الدولي للإخوان مرة أخرى
هوية بريس – امحمد الهلالي
في حلقة جديدة قديمة من الهلوسات الاعلامية المبنية على التنجيم وليس على البحث العلمي دبج المدعو “ماهر الفرغلي” مقالا ونشره في “العربية نيت” وذلك بتاريخ الجمعة 05 يوليو 2019 تطرق فيه للاخوان المسلمين ولما يسميه “التنظيم دولي” وفصل من وحي خيالاته ومن صميم تخرصاته ما يعتبره خرائط وتقسيمات لمناطق وفروع وأسماء وممثلين لهذا التنظيم الدولي وخططه الجديدة وتكتيكاته القديمة وغيرها.
وادعى هذا الشخص في معرض فذلكاته وجود عدد من الوقائع المختلقة او المحرفة عن مسارها او المجتزأة من سياقاتها كما زعم وجود ارتباطات تنظيمية بالتنظيم الدولي لحركات او اسماء ورموز اسلامية لا يصدقها احد وذلك لخدمة أغراض لا تخرج عن ممارسة الترهيب او الابتزاز او بهدف تصفية الحسابات.
والمقال المنشور تم توقيعه باسم شخص يسمي نفسه باحثا متخصصا في شؤون “الاسلام السياسي” وهو في حقيقته وجوهره حسب ما يفوح من منشوره مجرد منتسب الى المباحث المكلفين بمهمة التشويش والوشاية برجال وحركات الاصلاح في البلدان غير المنصاعة لمحور الشر العربي.
والغرض الاساسي من هذا المكتوب هو اعادة تركيب وتكييف احداث وقعت سنة 2013 بمناسبة إقامة حزب السعادة التركي لافطار سنوي تزامن مع تنظيم فعالية شعبية مناهضة للانقلابات العسكرية ومناصرة الديموقراطية خاصة بمصر بغرض تشويه الاسلاميين وخاصة الذين نجحوا في تجنيب بلدنهم المصائر التي تخطط لها الامارات.
إن حضور ثلة من الأسماء والقيادات من حركات اسلامية صديقة من بينها المغرب لهذا الافطار هو ما جعل الكفيل الاماراتي للنظام المصري يتكلف بمهمة الدعم الاعلامي للانقلاب والتشويش على مناهضيه وذلك من خلال ادراج فعاليات ووقائع المشاركة في فعالية دعوية وثقافية علنية عادية في اطار فلم سينمائي سيء الاخراج يحمل عنوان “التنظيم الدولي للاخوان” وتم الايهام بأنه حصل على صيد ثمين لاجتماعات سرية وخطط هذا التنظيم الدولي.
ولكي يضيف بهارات على قصصه المختلقة اورد اسماء وصفات من دول مختلفة مثلت حركاتها في الاجتماع المزعوم، منها اسم “محمد الهلالي النائب الثاني لرئيس حركة التوحيد والإصلاح المغربية”.
ورغم أنني سبق ان فندت هاته الاراجيف مباشرة بعد ترويجها من قبل قناة سكاينيوز العربية المحسوبة على الامارات في ابانه، ونفيت تخرصاتها جملة وتفصيلا وقدمت توضيحات ضافية معززة بالصور عن سياق لقاءاتي مع وفود العديد من الحركات التي لبت دعوة حزب السعادة في الفعالية الرمضانية المذكورة؛ فانني اكرر اليوم وانا لا احمل اي صفة تنظيمية في الحركة التي مثلتها يومئذ؛ ان كل هاته الاراجيف لا تدخل سوى في نطاق اساليب المكر الاعلامي والابتزاز الاستخباراتي والامعان في التشويش على المغرب ومعاكسة مساره الديموقراطي منذ ان أعلن رفضه الاصطفاف مع معسكر التخريب وهي مأمورية يقوم بتسهيلها “رجال مباحث” تسللوا إلى بعض مراكز البحث العلمي او بعض وسائل الاعلام بغرض تسخير مناشطها لانتاج “أفكار في خدمة الاستبداد” أو لتبييض وجوه شاحبة متورطة في جرائم ضد الانسانية أو لصرف الأنظار عن فضائح حقوقية ومتابعات عن جرائم جنائية في معسكر والثورة المضادة.
كما انني لن امل من التكرار ولاكثر من مرة ان الانتماء الى الاخوان المسلمين هو شرف لا ندعيه وان نفيه اليوم وهم تحت سياط الظلم والاستبداد والقتل الجماعي والاغتيالات والاعدامات الميدانية ليس بطولة؛ بل لقد سبق ان أعلنا تمايزنا عن الاخوان المسلمين ونفينا أي ارتباط بتنظيمهم رغم استفادتنا من كثير من ادبياتهم الفكرية والتربوية في مرحلة من المراحل وذلك يوم ان كانوا جهة مطلوبة من الجميع وقبلة مرغوبة يخطب ودها القاصي والداني.
واذ نجدد اليوم ان نفينا الانتساب الى هذا التنظيم الاسلامي العريق والمظلوم الذي تتكالب عليه قوى الاستبداد العشائري وتتواطأ ضده قوى الاستكبار العالمي المستفيدة من صفقات النفط والسلاح هو نفي لا يدانيه الا تشبثنا بمنهجنا القائم على الاعتزاز باستقلالنا وحرية ارادتنا ورفضنا لاي ارتباط عضوي بالخارج دولا كانت او تنظيمات او احزابا.
وفي الان ذاته، لا يمكن الا الوقوف مع كل الاحرار والشرفاء في كل مكان ولاسيما اذا كانوا ينتسبون الى الاعتدال والوسطية وظلوا يصرون على مواجهة المحارق والاغتيالات والتصفيات الجسدية والتعذيب الممتهج في السجون بصرخات “السلمية التي هي اقوى من الرصاص” وظل قادتهم يعلنون تقديم حياتهم فداء للشرعية والديموقراطية ويفون بوعودهم كما هو حال الرئيس الشهيد محمد مرسي المدني المنتخب الوحيد في مصر؛ منطلقين من الشعار القرآني الخالد ” كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة” ومجددين لقصص أصحاب الأخدود الذين يموتون لتحيا مبادئهم وقيمهم ومجددين نموذج وسنة الخليفة عثمان ابن عفان الذي قدم نفسه فداء للسلمية ووحدة للامة.
وفي الاخير أجدد التأكيد لمن يهمه الامر وليس لرجال مباحث دول الشر العربي واعلامهم المأجور في العربية وسكاينيوز ان في كل الاجتماعات التي تزامنت مشاركتي فيها باسم الحركة سابقا مع مشاركة قيادات او علماء ينتمون الى حركات اسلامية بمن فيها جماعة الاخوان المسلمين في الملتقيات التي دعا اليها عادة حزب السعادة بتركيا انما كان في اطار الحوار والتثاقف وتقاسم وجهات النظر وتدارس بعض القضايا موضوع الاهتمام المشترك من قبيل قضية فلسطين . وهي ملتقيات كانت مناسبة للترافع الفكري والمعرفي والدعوي حول عدالة قضية وحدتنا الترابية في سياق تقديح واقع ومخططات التجزئة ومشاريع الانفصال وبناء الوعي الوحدوي في الامة.
كما ان تجربة الاسلاميين المغاربة وعناصر تميزها وخصائصها المنهجية كانت موضوع مناقشة ومدارسة لتقاسم التجارب الناجحة والممارسات الفضلى والخصائص المميزة بما فيها اهمية العمل الوطني المستقل وجدوى المشاركة السياسية المتدرجة وفوائد خيار الاندماج السلس للاسلاميين في العمل السياسي وفضائل التفكير بمنهج الخيار الثالث وبمنهج الاصلاح في ظل الاستقرار وآثار ذلك على استقرار وامن ورفاهية الاوطان وتفويت الفرص على اعدائها والمتربصين بها.
وكم كانت غبطتنا كبيرة عندما كنا نقف على آثار هاته الحوارات على المراجعات الفكرية والسياسية التي يجريها الاسلاميون في اكثر من قطر عربي بما في ذلك لا جدوى العمل التنظيمي او الانتظام العضوي الدولي خارج الحدود القطرية للبلدان وان بعض قادة الاخوان لم يكونوا يخفون امتعاظهم من بعض هاته الحوارات وهاته القناعات وذلك عندما يتصادف حضورهم مع حضورنا في بعض هاته الفعاليات الى جانب التنظيمات المستقلة الاخرى وهي كثيرة رغم اصرار رجال المباحث المأجورين على انكارها.
اما الكتابات ذات الخلفية الاستخباراتية التي تفسر كل مشاركة في فعالية فكرية او ثقافية تشارك فيها الحركة الاسلامية بالمغرب في اطار الديبلوماسية الثقافية او الدعوية على انها انتساب للتنظيم الدولي فنحن لا نقرأها سوى في اطار التضايق من تنامي دور الحركات الاسلامية في دعم قضايا بلادها وتعزيز اشعاع اوطانها في محيطها مما يريدون ان يحتكروه للهيئات التي تدور في فلكهم او تتلقى تمويلاتهم او تروج لافكارهم الميتة واقصاء الاسلاميين الوسطيين من المشاركة في ما ينفع بلدانها بدون مقابل.
اما الحركة الاسلامية الوسطية التي ضربت اروع الامثلة في استقلاليتها ومغربيتها ورفض اي ارتباط بغير وطنها في التحام بهموم امتها فسوف تبقى ماضية في طريقها مصرة على منهجها لا تلتفت الى هاته الترهات ولا يثنيها هذا الابتزاز او الترهيب عن مواصلة طريق الاصلاح والدود عن اهله ومناصرة رجالاته والانحياز الى صفه والوقوف والتضامن مع كل ضحاياه أينما وجدوا ولأي تنظيم انتسبوا.