حول جدلية “التحرش” و”التبرج”
هوية بريس – د. إياد قنيبي
أولاً: الحجاب (الصحيح) هو من أسباب حفظ المرأة من التحرش، هذه حقيقة قرآنية في قوله تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما).
التزامهن بهذا اللباس الشرعي أقرب إلى أن يُعرفن كمؤمنات عفيفات حُرَّات، فلا يؤذيهن منافق ولا مريض قلب ولا ضعيف إيمان.
فهذه الآية نصصٌّ في محل النزاع، و إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل…لا ينتظر المسلم بعدها دراسة غربية ولا شرقية يدخلها ما يدخلها من أهواء وأدلجة للعلم وسوء تصميم وأخطاء.
ثانياً: نحن كمسلمين محركنا الأكبر في حياتنا: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخِيَرَة من أمرهم)..المركزية في حياتنا هي لطاعة لله. وعلينا الحذر من جعل المركزية للإنسان وأهوائه ونحن لا نشعر ! فترانا إذا أردنا أن ندعو الناس إلى التزام حكم شرعيٍّ رغَّبناهم فيه من حيث أنه يحقق لهم مصلحة دنيوية أو يحفظ حقوقهم الإنسانية، ثم اجتهدنا في البحث عن الدراسات والإحصاءات الدالة على ذلك. وكأن عبارة (الله أمَر بهذا) لا تكفي !
المسلم يستجيب طاعةً لله أولاً، وهو مؤمن بأن هذه الطاعة متضمنة لخيرَي الدنيا والآخرة. ولا ينتظر إحصائيات ولا يشرِطُ طاعته بإثبات تحقيق المصالح !
المؤمنة تترفع عن أن تستخدم نعمة الجمال الأنثوي في معصية الله، والمؤمن يستحي أن يراه الله يمد عينه أو لسانه أو يده إلى حرام.
المؤمن والمؤمنة يعلمان أن الله شرع لهما ما يجعل علاقتهما قائمة على التعاون على البر والتقوى والولاية في الإيمان (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)..ويتورعان أن تشيعا في المجتمع حالة الشهوانية المنفلتة التي لا تزيدهم إلا رهقاً ولا تزيد أمتهم إلا ذُلاً ويجعل كُلَّاً منهما عذاباً للآخر، يشغله وينشغل به عن القيام بما خلقا من أجله، وقد علِما أن الشيطان أغواهما أول مرة فتسبب في أن (ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما).
ثالثاً: الانفلات الشهواني الحاصل في المجتمعات ليس شرطاً أن تدفع ثمنه المتبرجة بشكل مباشر، بل قد يقع ضحيتها من سترت نفسها. فالسفينة واحدة والخرق يُغرِق الجميع.
رابعاً: أختي المتبرجة (ونحن نعنيها، فإن التبرج بذاته معصية لا تُسقط الأخوة الإيمانية)..احذري من أن يستدرجك الشيطان لتصطفي تحت (لواء التبرج) فتدافعي عنه على أنه (حرية شخصية) وتبرريه بأنه (لا علاقة له بالتحرش). شيئاً فشيئاً، سوف تستوطنين تحت هذا اللواء، ويصبح جزءاً من هويتك، ويجرك إلى استحلاله والدفاع عنه، بعد أن كنت معترفة لله بأنه ذنب. وسترين نفسك حينئذٍ بين مجموعة نشازٍ مفسدين لا يرجون لله وقاراً ولا يعظمون له حرمة!
أنت رضيتِ بالله رباً، فانظري لمعصيتك على أنها معصية، اكرهيها، افصليها عن كيانك واسألي الله أن يعينك على مغالبتها…لعله سبحانه يتوب عليك فيوفقك لتوبة: (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).