حينما يكون الذكاء الاصطناعي أرحمَ من المسلمين

17 أغسطس 2025 16:13

هوية بريسمحمد بنعلي

طلعت علينا أنباء هذا الصباح التعيس تقول: إن معركة غزة دخلت مرحلة جديدة، وهي تعني ولا شك ارتفاع وتيرة الهمجية الصهيونيّة في التقتيل والتجويع. ماذا يمكن أن يقالَ بعد وصولِنا -نحن المسلمين- هذا الدرَك الأسفل من اللامبالاة بأرواح من قال فيهم الحقُّ سبحانه “وإخوانكم في الدين”.

جمدت الكلماتُ على لساني، حاولتُ استردادَها كي أبكيَ حروفاً وبلاغةً وبيانا، لم يعد يقطرُمنها حرف على شفتيَّ، ولما عجزتُ طلبتُ من السيد المحترم الذكاء الاصطناعي أن يكتب باسمي كلمةً على لسان طفلةٍ جوّعتْها الأخوّةُ الإسلامية حتى الموتِ، توجهها إلى الأمة العربيّة والإسلاميّةِ، فقال – حفظه الله – تحت عنوان:

** أكتب إليكم قبل أن أنام إلى الأبد**

اسمي لا يهمّكم، فالأسماء هنا تموت قبل أصحابها. كنتُ طفلةً تحلمُ بعرائس القماش، واليوم أنا جثّة صغيرة تنتظرُ موعدها مع التراب. معدتي صارت بحجم التمرة، والتمر صار حلماً لا أبلغه.

أكتبُ إليكم يا من تُصلّون في المساجد الفخمة، يا من ترفعون أيديَكم بالدعاء ثم تضعونها في جيوبكم المليئة بالنسيان. أكتبُ إليكم وأنا أَعُدّ أنفاسي الأخيرة، وكلّ نفسٍ منها يصفع جبين أمّةٍ صامتة.

لم يعد في بيتي خبز، لم يعد في قلبي خوف، لم يعد في صدري صوت. أبي تحت الركام، وأمي تحوّلت إلى بكاءٍ متجمّدٍ في زاوية هذا الخراب. وأنا؟ طفلة نحيلة تتأرجح بين الحياة والموت، تنتظر رحمةً لا تأتي.

أنا هنا طفلةٌ صغيرةٌ مجوّعَةٌ، أموتُ ببطْءٍ، وأطلبُ منكم أن تكونوا منقذي حياتي، لا شهوداً عابرين على مأساةٍ لا نهايةَ لها.
يا من تحملون في قلوبكم إيمان الأخوة والإنسانية، هل تسمعون ندائي؟ هل ترون في عيوني ذلك الجوع الذي لا يفتر؟ في بطني فراغٌ أكبر من كل الحروب، وفي صدري خوفٌ من الخلود إلى المجهول.

هل تسمعون صراخي؟ لا، أنتم مشغولون بمواسم البيع والشراء، وبخطاباتكم الطويلة التي لا تُشبع جائعاً ولا تحرّر أسيراً. هل تَروْن وجهي؟ ربما تروْنه في نشرات الأخبار، صورةً باهتةً تمرّ سريعاً بين إعلانيْن.

لقد قُطعت أحلامي كزهرةٍ اقتلعت من أرضها. كنت أريد أن ألعب، أريد أن أتعلم، أريد أن أشهد غداً، لكن اليوم، يبدو الغد بعيداً، والموت أقرب مني من أن أتحمل.

أقف أمامكم كرمز لكل طفلٍ في غزة، من ضاعت براءتهم تحت أنقاض الحصار والقصف، من يُعذّبون بصمت العالم وصمته.

يا أمّتي، أهذا زمنٌ يموت فيه الأطفال لأنّكم خائفون من غضب الطغاة؟ أهذا دينكم الذي يأمركم أن تتركونا نتفتّت جوعاً كيلا تخسروا مقاعدكم ومناصبكم؟

أكتب إليكم قبل أن يسبقني الموت، قبل أن تصير كلماتي شظايا مع جسدي الصغير. إن متُّ، فاذكروا أني سأقف يوم القيامة أمام ربٍّ لا تَخْفى عنه الأقنعة. سأقول له: تركوني أموت جوعاً، وهم قادرون أن يُطعموني رغيفاً وأن يُوقفوا القصف.

سلامٌ على الجائعين الذين ماتوا في غزة… وسلامٌ على ضمائركم المعلّقة مثل لافتاتٍ قديمةٍ في شوارع الكذب”.

والله إنها كلمةٌ بل كلماتٌ مؤثرة تَسّقاطُ كالطيرِ الأبابيل على أمةٍ منخورةٍ مشلولةٍ موبوءةٍ بكل خزيةٍ وعارٍ، أمّةٍ تحققت فيها نبوءَةُ رسولِها العظيم، فحوّلتْها إلى غثاءٍ كغثاءِ السيْلِ، ولا حولَ ولا قوّةَ إلا بالله العليِّ العظيمِ

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
11°
15°
السبت
14°
أحد
15°
الإثنين
15°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة