خالد الصمدي يكتب: عودة إلى كارثة أسئلة QCM (كوكوت مينوت)!
هوية بريس – خالد الصمدي
وأنا أستاذ بالمدرسة العليا للأساتذة بتطوان لا زلت أذكر أننا كنا نستقبل آلاف الترشيحات لاجتياز مباراة الولوج إلى هذه المدرسة، وتتجند الجهات المنظمة لذلك قبل شهور لتلقي الطلبات وفرزها وضبطها، وتعقد الاجتماعات المتعددة والمتتالية لتدقيق كل الجوانب التنظيمية ذات الصلة بأماكن اجتياز المباراة وتنظيم الحراسة، حيث كانت تتوقف الدراسة في ثلاث مؤسسات جامعية بمدينة تطوان، وهي المدرسة العليا للأساتذة وكلية أصول الدين وكلية الآداب، للتفرغ لاحتضان هذا العدد الهائل من المترشحين القادمين من كل أنحاء المغرب.
كانت الاسئلة تستهدف قياس الكفايات العلمية والمنهجية واللغوية للمترشحين حرصا على التقييم الموضوعي.
ولمزيد من الضبط والاحتياط أذكر أنني كنت أطوف على كل المدرجات كمسؤول عن شعبة الدراسات الإسلامية لأضع خاتم الشعبة وتوقيعي الشخصي عند آخر فقرة يكتبها المترشح وهو يسلم ورقته للجنة الحراسة حتى لا تتغير الورقة أثناء عملية التصحيح.
وكانت عملية التصحيح التي تبدأ مباشرة بعد حجب أسماء المترشحين تستغرق منا أكثر من نصف شهر، وتتم داخل المؤسسة تحت إشراف الإدارة، ولم يكن يسمح لنا بحمل أوراق الاختبار إلى خارجها.
وحرصا على التقييم الموضوعي كنا نعتمد التصحيح المزدوج لنفس الورقة من طرف أستاذين فإذا ما كان الفرق بين التصحيحين أكثر من أربع نقط عرضت الورقة على أستاذ آخر للتصحيح الثالث، ثم ينتقل الناجحون في الاختبار الكتابي الى الاختبار الشفوي أمام لجنة مكونة على الاقل من ثلاثة أساتذة لتقييم قدرة المترشح على ممارسة مهنة الأستاذية معرفة ولغة وتواصلا.
كل هذه الإجراءات الإدارية والعلمية الصارمة التي يحرص الجميع على التقيد بها كان الهدف منها صيانة منسوب الثقة والموضوعية والسمعة التي تتميز بها مباريات الولوج إلى المدارس العليا للأساتذة، والحرص على تكافؤ الفرص بين المترشحين وحماية حقوقهم، لأن الأمر يتعلق بمسؤولية عظمى، وبمناصب مالية ينبغي أن تمنح باستحقاق، ونحمد الله على هذا المسار ونحن اليوم مرتاحو الضمير، لا نحمل فوق كاهلنا مظلمة لأحد، والحمد لله رب العالمين.
حتى إذا دخلت التكنولوجيا على الخط وأسلمت لها الأمور بزعم الحرص على التسريع وربح الوقت والزمن، غابت كل هذه الاجواء، وغابت عن مواضيع المباريات في حقول التربية والعلوم الإنسانية والاجتماعية أسئلة التحليل والتركيب والاستنتاج، وإبداء الرأي والتعليل والاستدلال وغيرها من المهارات العليا التي تتمايز فيها الكفاءات والقدرات، وعلى أساسها تكون التقييمات، وحلت محلها اختبارات الحظ QCM (كوكوت مينوت) اسئلة اختيار من متعدد من الأجوبة الجاهزة، يتم تصحيحها آليا في أقل من ساعات لتعلن نتائج لا لون لها ولا طعم ولا رائحة، نتائج يسهل التلاعب بها والغش فيها بنقرة زر، أسئلة لا تقيم كفاءة ولا تكشف عن مهارة بعبارة ولا بإشارة.
لقد اعتمدت هذه الطريقة في مباريات التعليم وحذرنا منها ومن انعكاساتها، واعتمدت اليوم في الولوج إلى مهنة المحاماة وغدا يمكن أن تعتمد في مهن أخرى مشابهة.
طريقة تشجع على الفوضى يصعب ضبطها ولا تزيد إلا في إضعاف منسوب الثقة في هذه المباريات برمتها.
طريقة تخلف مزيدا من الإحباط للجميع سواء كانوا مكلفين بإدارة هذه المباريات أو مترشحين.
طريقة تفتح باب التلاعب لعديمي الضمير وسباقا محموما الى خط الوصول بين المقربين والمحظوظين.
إن رأس مال كل مباراة هو منسوب الثقة في طريقة التقييم التي تضمن تكافؤ الفرص بين الجميع، فلا تهدموا هذه الثقة بإجراءات خرقاء بزعم ربح الوقت وضغط الزمن.
إنكم بذلك تهدمون الثقة في وطن برمته، وهذه الثقة لا تقدر بثمن.
اخالفك الراي تماما السي الاستاذ
المباريات الوظيفية في المناصب الجامعية لا تخلو من تدخلات وحسابات، وانت تعرف ذلك جيدا، فما كتبته هنا ان سلم به فهو شيء يخصك وحدك دون سواك
في كل مرة اقدم على مباراة استاذ جامعي اواجه بالتهميش الكلي حتى انهم لا يرفعون اسمي ضمن المرشحين، علما بانني … استاذ مشارك ولدي خبرة جامعية تمتد لما يقرب من 10 سنوات
ما اقوله هو حسبي الله على الظالمين