خبير اقتصادي: الاقتصاد الوطني لن يتحمل حجرا صحيا آخر والجائحة كشفت عن نقائص المنظومة الصحية والاجتماعية
هوية بريس – متابعات
قال الخبير المالي والاقتصادي الطيب أعيس، بأن الاقتصاد الوطني وكذلك اقتصادات العالم بأجمعه، عانت كثيرا من جائحة كورونا، فلأول مرة في تاريخ البشرية، تتخذ دول العالم ومعها المغرب قرارا بإيقاف الاقتصاد بشكل إرادي.
وأضاف الخبير المالي والاقتصادي، في تصريح لـ »منارة »، بأنه ولأول مرة في تاريخ العالم كله تتخذ الدول هذا القرار، فحتى خلال الحروب تظل عجلة الاقتصاد مستمرة. لكن مع ظهور جائحة كورونا، قررت دول العالم أن تلجأ إلى الحجر الصحي، كإجراء إرادي يوقف معه عجلة الاقتصاد.
في هذا التصريح الذي خص به الخبير المالي والاقتصادي الطيب أعيس « منارة »، تحدث فيه عن التغطية الصحية والاجتماعية التي ستشمل كل المغاربة بداية 2021، والتي أكد بأنه خبر مهم على المغاربة أن يحتفلوا به.
كما تحدث عن التدابير الاستعجالية لإنقاذ الاقتصاد وإعادة انطلاقه، كما دعى كل المغاربة إلى ضرورة الالتزام بحماية أنفسهم والآخرين من الجائحة حتى تدور عجلة الاقتصاد.
الاقتصاد الوطني عانى كثيرا وشهد انكماشا صعبا
في المغرب، توقفت الشركات، وأغلقت المطاعم، المقاهي، الفنادق.. مما أثر بشكل كبير على الاقتصاد الذي عانى كثيرا وشهد فترة انكماش صعبة خلال فترة الحجر الصحي، مضيفا: « كنا ننتظر أن ينمو الاقتصاد الوطني بـ +3 أو +4 في المائة، أما الآن فهو بصدد تسجيل -7 أو أكثر إلى حدود نهاية دجنبر.
عند بداية الحجر الصحي، كنا ننتظر بأن تنفرج الأوضاع وترجع الأمور إلى طبيعتها مع حلول يونيو أو يوليوز، لكن ما حصل هو أنه مع بداية شهر غشت بدأت موجة ثانية من الجائحة وازدادت حدتها في أكتوبر، وفي نونبر تصاعدت.
أزمة صحية خلقت أزمة اقتصادية واجتماعية
لا ننس أن هذه أزمة لديها تداعيات كبيرة، فهي أزمة صحية خلقت أزمة اقتصادية وهذه الأزمة الاقتصادية خلقت أزمة اجتماعية.. كيف ذلك؟
هناك 20 ألف شركة أغلقت ولدينا 580 ألف مستخدم فقد وظيفته.. الاقتصاد الوطني لن يتحمل كل ذلك..لدينا انكماش اقتصادي حقيقي.
ما كشفت عنه الجائحة
عندما أرخت هذه الجائحة بظلالها على المغرب، اكتشفنا معها، أننا نعاني من عدة نقائص، اكتشفنا أن المنظومة الصحية ضعيفة جدا، ربما لم ينتبه المسؤولون لذلك من قبل، لكنها منظومة ضعيفة وتعاني من عدة مشاكل، لدينا قطاع غير مهيكل، هناك 2 مليون أسرة تعيش بالرميد، و2 مليون ونصف أخرى من الأسر التي ليس لديها رميد وهذه كارثة.
هذا بالإضافة إلى مشاكل أخرى وتحدّيات أمام الاقتصاد الوطني، وعلى المنظومة الاقتصادية والصحية أن تواجهها، لكن كل ذلك يحتاج لتكلفة باهظة.
بركات الجائحة
من بركات الجائحة أنها أثارت الانتباه لهذه النقائص والتحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني، فتم إحداث مخطط استعجالي للاقتصاد الوطني بقيمة 120 مليار درهم، كخطة لإعادة إطلاق وإنعاش الاقتصاد الوطني، وليس من السهل جمع كل هذا المبلغ، فهناك 75 مليار درهم كقروض بنكية مضمونة من طرف الدولة، وهذه عملية ليست سهلة، فإذا لم يتم سداد القرض، فالدولة هي التي ستسدده.
أما الـ45 مليار أخرى، فمن إحداث صندوق استراتيجي للاستثمار، لإصلاح البنية التحتية، والاستثمار في القطاعات المهمة، والاستثمار في شراكات بين القطاع العام والخاص، بالإضافة إلى مجموعة من الاستثمارات المهمة والمهيكلة.
وهذه الـ45 مليار، ثلاثين منها نقترضها من الخارج ومن الداخل، وتبقى 15 مليار تأخذ من الميزانية العامة للدولة.
هو غلاف مالي لإنعاش ولإعطاء الانطلاقة للاقتصاد الوطني.
بهذا البرنامج سنتجاوز بعض تداعيات الأزمة التي خلفتها جائحة كورونا وتوقفت معها عجلة الاقتصاد، ونعطي انطلاقة جديدة للاقتصاد الوطني.
على المستوى الاجتماعي
أما على المستوى الاجتماعي، فيتم العمل على برنامج طموح لتعميم التغطية الاجتماعية والصحية لتشمل كل المغاربة، وهذا البرنامج ستطلقه الحكومة فاتح يناير 2021.
سيصبح لكل المغاربة تأمين على الصحة، تغطية صحية ستشمل 22 مليون أسرة.
هذا بالإضافة إلى التقاعد، سيصبح لكل المغاربة تأمين على الصحة والتقاعد وحتى الضمان ضد البطالة، في حالة ما إذا تعرض المستخدم لفقدان وظيفته فإن الدولة ستتكفل به.
هذه الشبكة الاجتماعية ليست متوفرة لدينا الآن، إلا أنها ستنطلق بداية يناير 2021 وستنتهي دجنبر 2022 وهذا إنجاز عظيم وعلى المغاربة أن يحتفلوا به.
بهذه الآليات يمكننا أن نتجاوز عواقب الجائحة التي فرضت علينا وعلى العالم أجمع.
ماذا لو فرض حجر صحي آخر؟
هذا ما لا نتمناه أبدا، فالاقتصاد الوطني لا يتحمل ذلك والأمر لا قدر الله سيكون كارثيا، وأعتقد أن الدولة تفعل كل ما في وسعها لتجنب ذلك، كما أعتقد أنه حتى وإن فرض حجر صحي فلن يكون مثل السابق، بل حجر صحي محدود، بحيث لا تغلق المطاعم والفنادق والشركات، لأن المغرب لن يتحمل أكثر من ذلك.
كما أن الدولة لن تذهب إلى اعتماد الحجر الصحي إلا إذا خرجت الأمور عن السيطرة، فالأمن الصحي يظل أولوية، وستفعل كل ما في وسعها لحماية الأرواح التي لا تقدر بثمن.
فالمعادلة بين الصحة والاقتصاد، هي أن نحافظ على الاقتصاد ما دمنا نتمتع بصحتنا، وعلى المواطنين أن يشاركوا في هذه المجهودات ويلتزموا بحماية أنفسهم والآخرين.