خبير مالي: الزكاة قادرة على إنهاء الفقر بالمغرب في خمس سنوات فقط

الزكاة قادرة على إنهاء الفقر بالمغرب في خمس سنوات فقط!
هوية بريس – عابد عبد المنعم
في الوقت الذي تتزايد فيه التحديات الاجتماعية والاقتصادية بالمغرب، تكشف الأرقام أن تفعيل نظام الزكاة بشكل فعّال يمكن أن يشكل ثورة اقتصادية واجتماعية حقيقية، قادرة على الحد من الفقر في ظرف وجيز.
فبحسب الدراسات، يمكن أن تدر الزكاة بالمغرب موارد ضخمة، كفيلة بإعادة توزيع الثروة وإنعاش الدورة الاقتصادية بشكل مستدام.
وفق ما أفاد به ذ.نبيل لاعسال المحاسب المعتمد والخبير والمستشار المالي تشير بعض الدراسات إلى أن إمكانية جمع الزكاة في المغرب قد تصل من 1,94% إلى 4,3% من الناتج الداخلي الخام، وفي المتوسط 3,12%، أي ما يعادل حوالي 48 مليار درهم سنة 2024.
وتشير إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط إلى أن سنة 2024 عرفت عددا من الفقراء وصل إلى 2,5 مليون شخص، وأن الأسرة المغربية تتكون في المتوسط من 4,2 أشخاص.
وباستعمال مبلغ الزكاة الذي يمكن تحصيله حسب معطيات سنة 2024 نستطيع أن نحقق النتائج التالية:
– تمويل 192 ألف سكن اقتصادي سنوياً، ما يعني إسكان جميع العائلات الفقيرة (≈ 600 ألف عائلة) في 3 سنوات فقط.
– تغطية أجرة SMIG شهرية (≈ 3111 درهم للشخص) لما يقارب 1,3 مليون شخص لمدة سنة كاملة، أي أزيد من نصف الفقراء في المغرب (2,5 مليون شخص).
وأكد ذ.العسال أنه إذا جمعت الحزمة بين سكن اقتصادي لكل عائلة + أجرة SMIG لكل شخص من العائلة، فإن الموارد تكفي لـ 117 ألف عائلة سنوياً (≈ 490 ألف شخص مع سكنهم)، وهو ما يعني تغطية جميع الحاجيات السكنية والمعيشية للعائلات الفقيرة في حوالي 5 سنوات فقط.
وبناء على مضاعف الوظائف الاقتصادي (Job Multiplier)، الذي يشير إلى أن كل مليون درهم إضافي في الإنفاق يولّد ما بين 15 إلى 20 فرصة عمل (بناءً على دراسات اقتصادية لـ UNIDO حول أثر الاستثمارات الاقتصادية) ضخ 48 مليار درهم سنوياً يمكن أن ينتج ما بين 720 ألف إلى 960 ألف منصب شغل خلال سنة واحدة فقط.
كما أن ضخ 48 مليار درهم سنوياً في الاستهلاك سيُشغّل ما بين 700 ألف و1 مليون يد عاملة، مما ينعش الاقتصاد الوطني ويدفع عجلة الاستثمار والاستهلاك إلى الأمام.
إذا كان الضخ السنوي لـ48 مليار درهم يُولِّد 700 ألف –1 مليون فرصة شغل في السنة، فلتشغيل كل الفقراء (≈ 2.5 مليون شخص) نحتاج تقريبًا بين 2.5 و3.6 سنوات فقط.
وفي تصريح لمنبر “هوية بريس” وجّه الخبير المالي المغربي الرأي العام للنظر في أثر الزكاة الاجتماعي والاقتصادي الكبير، حيث تُظهر التقديرات أنه في غضون خمس سنوات فقط يمكن للزكاة أن تكفي جميع الفقراء وتغطي احتياجاتهم الأساسية. بل وأكثر من ذلك، ففي غضون أربع سنوات يمكن أن تسهم في إدماجهم في سوق العمل ومنحهم وظائف قارة تحفظ كرامتهم وتحوّلهم إلى أفراد منتجين. وبعد هذه المرحلة، تبقى أموال الزكاة تُستخرج كل سنة لمعالجة قضايا اجتماعية واقتصادية أخرى، فتتحول إلى أداة دائمة للإصلاح والتنمية.
وأكد ذ.العسال أن هذا المشهد يذكّرنا بما وقع في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله، حيث رُوي أنهم لم يجدوا فقراء ولا محتاجين ولا غارمين يأخذون من الزكاة، حتى صارت الأموال تُصرف في مجالات أخرى نافعة للأمة.
وفي نهاية تصريحه أكد الخبير المالي المغربي على أثر الزكاة الاجتماعي والاقتصادي الكبير… فالزكاة، وفق قوله، لا تقتصر على سد حاجات الفقراء فحسب، بل تتعداه فتنعش الدورة الاقتصادية، وتُشغًل اليد العاملة، ويترتب عنها استهلاك إضافي يعيد إنعاش الدورة الاقتصادية، وهلم جراً. وهذه الدينامية بدورها سترفع من موارد الزكاة مستقبلاً، فتستمر عجلة الخير والرخاء بلا توقف.
قال الله تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ البقرة: 276 .
وقال تعالى: “قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له ۖ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ” سورة سبأ، الآية 39 .
وقال رسول الله ﷺ حين بعث معاذًا رضي الله عنه إلى اليمن: «أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم» [متفق عليه].
هذا ويبقى تفعيل مؤسسة الزكاة في المغرب ليس مجرد خيار ديني، بل ضرورة اقتصادية واجتماعية، يمكن أن تحل إشكالات الفقر والبطالة وتعيد التوازن في توزيع الثروة. ويتطلب ذلك إرادة سياسية حقيقية لتقنين الزكاة ضمن المنظومة المالية الوطنية، ووضع آليات فعالة للتحصيل والتوزيع العادل وفق الضوابط الشرعية. فالزكاة، إذا ما أُديرت باحترافية، قادرة على أن تكون رافعة قوية للتنمية المستدامة وتعزيز الأمن الاجتماعي في المغرب.
المصادر:
- البنك الدولي (World Bank Data) – معطيات الناتج الداخلي الخام للمغرب سنة 2024.
- المندوبية السامية للتخطيط (Haut-Commissariat au Plan, HCP) – إحصائيات الفقر وعدد الفقراء (≈ 2,5 مليون شخص سنة 2024) ومتوسط حجم الأسرة (≈ 4,2 أشخاص).
- وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات / HCP – معطيات حول قيمة الحد الأدنى للأجر (SMIG) (≈ 3 111 درهم شهريًا سنة 2024).
- ACEEE (American Council for an Energy-Efficient Economy) – تقديرات مضاعف الوظائف (Job Multiplier) التي تبين أن كل مليون دولار من الإنفاق يولّد ~17 وظيفة.
🔗 aceee.org
- ResearchGate / UNIDO Job Multiplier Studies – جداول مضاعفات التشغيل التي تؤكد أن كل مليون وحدة نقدية يمكن أن يخلق 15–20 فرصة شغل.



