“قرآن بورغواطة”.. قراءة خرافية تعيد إنتاج أوهام قديمة

هوية بريس – متابعات
حذّر المفكر والكاتب المغربي الدكتور إدريس الكنبوري من انتشار أفكار “خرافية” حول ما يسمى بـ“قرآن بورغواطة”، مؤكداً أن هذه المزاعم تجد طريقها إلى “العقول الفارغة التي تعشق الغرابة”، وأن بعض الأصوات تحاول اليوم إحياء أسطورة لا سند لها من التحقيق العلمي.
خرافة تبحث عن جمهور
وأوضح الكنبوري أن بعض المتصدرين للكلام في الشأن الديني “يدندنون هذه الأيام” حول وجود “قرآن بورغواطة”، مستشهداً بما وصفه بمقطع لأحد المتعالمين الذي يحاول إقناع الناس بأن لهذا النص وجوداً تاريخياً، مستنداً إلى أسماء مؤرخين مثل البكري وابن عذاري.
ويرد الكنبوري بأن هؤلاء أنفسهم هم الذين نقلوا أخبار الفتوحات الإسلامية ومكائد اليهود، “ولكن هذه الشرذمة تصدق المؤرخين في قرآن بورغواطة وتكذبهم في قرآن السماء”.
البكري وابن عذاري.. روايات بصيغة التمريض
ويؤكد الكنبوري أن لا البكري ولا ابن عذاري ولا ابن خلدون اطّلعوا على ما يسمى “قرآن بورغواطة”، لأنهم جميعاً ذكروا القصة بصيغ التمريض: “قيل، رُوي، حُكي”.
أما البكري، فيضيف الكاتب، فقد تفرد بذكر بعض طقوس البورغواطيين في الصلاة والصوم والوضوء، وكلها “طقوس مأخوذة من الإسلام ومحرفة”، ما يعني أن صالح بن طريف لم يأتِ بدين جديد، بل قدّم تحريفاً لدين قائم كانوا يؤمنون به.
من صالح بن طريف إلى القراءات المعاصرة
ويرى الكنبوري أنه إذا صحّ اعتبار ما ادّعاه بن طريف “قرآناً جديداً”، فإن الأمر يقود إلى القياس على بعض الطروحات المعاصرة التي تقدّم مفاهيم مشابهة، ذاكراً نموذج محمد شحرور الذي “يقول بأن الصوم ليس ركناً، وأن الصلاة طقس حركي، ويبيح الزنا، وينكر السنة”.
ويتساءل الكنبوري: كيف يعترف “نبي مزعوم” بسنة نبي آخر؟ في إشارة إلى أن بن طريف كان يدّعي النبوة، ما يجعل إنكاره للسنة منسجماً مع خطه الفكري.
وبحسب الكاتب، فإن هذا المنهج “ما زال موجوداً”، لأن دخوله على الإسلام كان بهدف “إفساد الإسلام”، وهو نفس ما يراه في بعض اتجاهات القراءة المعاصرة، “لأن الدعوة الصريحة إلى الإلحاد دعوة فاشلة”.
مصير البورغواطيين في المصادر
ويشير الكنبوري إلى أن البكري يروي أن الله “سلّط عليهم تميم اليفرني فأبادهم وقضى على ضلالهم”.
كما ينقل ابن عذاري أن إلياس بن صالح أعاد الإسلام بعد أبيه، ليتساءل: “فأي دين هذا جاء به أب كفره ابنه؟”.
وينقل الكاتب بيتاً شعرياً ذكره البكري قاله شاعر من بورغواطة في قومه:
همومُ بربرٍ خسروا وضلّوا
وخابوا، لا سقوا ماءً معيناً
يقولون النبي أبو عفير
فأخزى الله الكاذبينا
ويختم الكنبوري بأن هذا البيت “ما زال يتردد على مسامع أصحاب قرآن بورغواطة: فأخزى الله الكاذبينا”.



