خطبة الجمعة الموحدة.. الخطباء محل ثقة وكفاءة في ذلك ولماذا؟

30 نوفمبر 2025 19:04

خطبة الجمعة الموحدة.. الخطباء محل ثقة وكفاءة في ذلك ولماذا؟

هوية بريس – مصطفى بنامر

الخطبة الموحدة تحد من دور المسجد وتقتل روح المبادرة لدى الخطيب، وتلغي دور العلماء والخطباء وتؤثر على قدرة الخطبة على معالجة القضايا المحلية المختلفة في مناطق مختلفة، ويلغي دور الخطيب ويقلل من شخصيته في المنبر وجعله مجرد أداة لترديد ما يُملى عليه .

عندما تكون هناك مصلحة معينة في توحيد الخطبة فإن هذا الأمر يكون جائزاً ولا حرج فيه و عدم اتخاذها سنة متبعة، و ليس جعلها سنة متبعة، بل أداة لتحقيق مصلحة معينة .

وأما اتخاذ الخطبة الموحدة ديدنا بصفة مستمرة فإن هذا ليس من سنة المسلمين . فالمسلمون لم يزالوا من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا الحاضر يخطب كل خطيب بما يراه مناسبا لحال المصلين وحاجتهم وذلك مما شرعت لأجله الجمعة وخطبتها ، ولم يعرف في التاريخ الإسلامي توحيد خطبة الجمعة، فتوحيدها بصفة مستمرة بدعة لا يجوز تشريعها خاصة أن من يدعون لتوحيدها يسعون بذلك غالبا للوصول إلى غرض فاسد، لأن توحيد خطبة الجمعة إنما هو اعتداء على حقّ الخطيب وجمهور المصلين، فالخطيب من حقّه بل من واجبه أيضا أن يبدع في اختيار موضوع الخطبة في ضوء فهم الواقع ممثلا بأوضاع النّاس والمستجدّات وهذا من شأنه أن يعزّز الثّقة بالخطيب والاهتمام بالخطبة وتمثّل القيم والتوجيهات التي تضمنتها الخطبة، كما وأنها تريد بذلك أن تجعل من الإمام ببغاء يردد ما يكتب له ، ما يجعله يصغر في نفوس الناس وتقل هيبته فلا يعود ذلك الخطيب المفوه الذي يؤثر في الناس أو يأمرهم فيطيعوا .

توحيد خطب الجمعة هو تعدٍّ واضح وصريح على منبر رسول الله وتفريغ له من رسالته ودوره وإضعاف لرسالة المسجد .

إن الوزارة ليس لها أكثر من أن تقترح عنواناً مقترحاً أو أن تدعو لخطبة موحدة مرة واحدة لمناسبة أو حدث خاص، أما غير ذلك فهو ليس لهم وهذا تعدٍّ واضح وصريح على منبر رسول الله وتفريغ له من رسالته ودوره وإضعاف رسالة المسجد .

توحيد الخطبة يجب أن يكون كاستثناء خاصة بمناسبة عيد وطني أو قضية من قضايا الأمة وهذا لا اعتراض عليه لكن التوحيد التام ليس في محله وليس له من داع .

الأمر سيحول الخطيب من شخص له تكوين شرعي يؤهله لاختيار القضايا المناسبة لرواد المسجد لإلقائها بأسلوبه إلى مجرد قارئ لخطب مكتوبة في ظروف قد لا تكون مواتية وكأنه مذيع أخبار أو مذيع آلي ، وحَطٌ من قيمة الخطيب ودوره أمام الناس وتنزع ثقتهم فيه كشخص مؤهل ومثل هذه الخطوة “تجمّد” الخطاب الديني

أما من يرى بأن هناك ضعفاً في بعض الخطباء فدور الأوقاف أن تدربهم وتطور قدراتهم أو تعين بديلاً عن الضعيف لا أن تتعدى على دين الله عز وجل فتبتدع فيه ما ليس منه .

من خالف الخطبة الموحدة فقد عرض نفسه للمساءلة أو العقوبة ومن المضحك المبكي والسخيف كذلك أن دولاً تقوم بنشر هذه الخطبة عبر موقعها على الانترنت فتقرؤها قبل الذهاب لحضورها وكأنك جالس ترقب كل كلمة يقولها الإمام كما كتبت له دون أن يتجاوزها .

وللإمام مالك قصة مشهورة مع أبي جعفر المنصور الخليفة العباسي آنئذٍ حين طلب منه اعتماد كتابه “الموطأ” في مختلف البلاد الإسلامية رحم الله الإمام مالك الذي كان ردّه على الخليفة أبي جعفر المنصور حين أراد أن يجمع النّاس على الموطأ: “لقد تفرق أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومع كل منهم علم فإن جمعتهم على كتاب واحد تكون فتنة”!

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
7°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة