خطبة الجمعة الموحدة.. خطة تسديد التبليغ و”أهمية الماء”

21 أغسطس 2024 19:04

هوية بريس – متابعة

خصصت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الخطبة الموحدة ليوم الجمعة ليوم 18 صفر 1446هـ، الموافق 23 غشت 2024، في موضوع “أهمية الماء وحسن تدبير استعماله”.

وهذا نص الخطبة ورابط تحميلها:

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة ليوم 18 صفر 1446هـ، الموافق 23 غشت 2024

 «أهمية الماء وحسن تدبير استعماله»

 الخطبة الأولى

الحمد لله الذي أنزل من السَّماء ماءً لكم منه شَرابٌ ومنه شجرٌ فيه تُسِيمُون، نحمده سبحانه وتعالى حمد المقِرِّين بنعمه ولها يشكرون، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حيٌّ لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، ونشهد أن سيِّدنا محمداً عبده ورسوله، ومصطفاه من خلقه وخليله، صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله الأطهار، وصحابته الأخيار، والتَّابعين لهم بإحسان، صلاةً وسلاماً تامَّين متعاقبين ما تعاقب اللَّيل والنَّهار.

أما بعد، فيا أيها الإخوة المؤمنون، يقول الله تعالى:

﴿يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ اُ۪سْتَجِيبُواْ لِلهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْۖ﴾[1]

فهذا نداءٌ ربَّاني نذكِّر به في هذا المقام بعد أن استمعنا إلى الخطاب الأخير لمولانا أمير المؤمنين، وما جاء فيه من توجيه وحث على ترشيد استعمال الماء، والانتفاع به على الوجه الذي أمر الله تعالى به؛ أداء لحقِّ الشُّكر لهذه النِّعمة.

في مقابل نداءات ربانية أخرى نهى فيها سبحانه عن الإسراف والتبذير في استعمال الماء، وهو سلوك يتنافى وواجب الشكر لهذه النعم. قال تعالى:

﴿وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيراًۖ اِنَّ اَ۬لْمُبَذِّرِينَ كَانُوٓاْ إِخْوَٰنَ اَ۬لشَّيَٰطِينِۖ وَكَانَ اَ۬لشَّيْطَٰنُ لِرَبِّهِۦ كَفُورا﴾[1]

ففي هذا النص نهي عن الإسراف والتبذير في سائر الأمور عامة، وفي الماء خاصة.

ولنا أيضاً في رسول الله ﷺ أسوة حسنة، فلو أخذنا مثالاً واحداً من سيرته العطرة في استعمال الماء لكان كافياً، ودالاً دلالة واضحة على حسن استعماله. فقد روى الإمام البخاري عن أنس بن مالك، رضي الله عنه،

“أن النبي ﷺ كان يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، ويتوضأ بالمد”.[3]

والصاع: أربعة أمداد، والمد: ملء الكفين معا، وهو ما يساوي: ثلثي اللتر الواحد.

ومن هذا الحديث وغيره استفاد العلماء أن تقليل الماء في الغسل والوضوء من مندوباتهما. وتكره الزيادة ولو كان المتوضئ على ضفة النهر، لما روى أحمد وابن ماجه،

أن النبي ﷺ مر بسعد، وهو يتوضأ، فقال: ما هذا السرف؟ فقال: أفي الوضوء إسراف؟ قال: “نعم، وإن كنت على نهر جار”[4]

وفي سنن النسائي

أن أعرابياً جاء إلى النبي، ﷺ، يسأله عن الوضوء، فأراه الوضوء ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: “هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا، فقد أساء وتعدى وظلم”[5]

فسمى النبي ﷺ الزيادة على الثلاث إساءةً وتعدياً وظلماً.

وإذا كان تقليل الماء مطلوباً في الوضوء والغسل، وهما عبادتان عظيمتان، تستباح بهما الصَّلاة والطَّواف وغيرهما، فماذا يمكن أن يقال في الأمور الأخرى كالاستحمام غير الضروري، وغسل المحالِّ، والأرصفة، والطرقات، والسَّيارات، وما شاكل ذلك بخراطيم ورشاشات المياه، وترك صنبور الماء مفتوحاً أثناء غسل الأسنان، والحلاقة وغيرها مما تضيع معه كميات كبيرة من الماء، مع شدَّة الحاجة إليه، ونذرته خصوصاً في هذه الظُّروف والتَّقلبات المناخية، فكلُّ هذه التَّصرفات على ضوء حديث رسول الله ﷺ من أشدِّ الظُّلم والاعتداء.

عباد الله: إنَّ الحديث عن حُسن استعمال الماء؛ هو حديثٌ يهمُّ حفظ الحياة التي تعد من كليات الدِّين العظمى التي جاءت الشَّريعة لحفظها، فهو قوامها، كما قال تعالى:

﴿وَجَعَلْنَا مِنَ اَ۬لْمَآءِ كُلَّ شَےْءٍ حَيٍّۖ[1]

وما نداء ولي أمرنا لنا، وحثّه على حسن ترشيد استعمال الماء، إلا تأكيد على هذا المقصد الربَّاني الرَّامي إلى حفظ الحياة.

معاشر المؤمنين: إنَّ من الواجب على كل واحد منا أن يعتبر نفسه معنياً بمقتضيات هذه الدعوة، مطالَباً بهذه الاستجابة في سلوكه، وكلّ التدابير التي ستتخذها السلطات المعنية للحفاظ على نعمة الماء؛ إذ لا يجوز بأي حال أن يستهين أي واحد منا بما يمكن أن يقوم به لتحقيق هذه المصلحة، كما ينبغي على كل واحد منا أن يسأل نفسه بأي شيء يمكن أن يُسهم في حسن تدبير استعمال الماء، بدءاً بمحاسبة نفسه على ما اعتادته من سلوك غير مقبول في استعمال هذه المادة الحيوية.

كما علينا كجماعة أن نولي هذا الأمر ما يستحقه من العناية والاهتمام في كل وقت وحين، مستحضرين واجب الدعاء والاستغفار والإنابة؛ عسى ربنا أن يقبل توبتنا ويجيب دعاءنا كما استجبنا لدعوته لنا لما يحيينا، وهو إحياء يشمل إصلاح الفرد والمجتمع.

ألا فلنتق الله، عباد الله، ولنقتصد في استعمال الماء ما استطعنا حتى نوفر على أنفسنا وعلى غيرنا ما يسد الحاجة، مع ما في هذا السلوك من اتباع لسنة نبينا ﷺ، في تعظيم هذه النعمة وعدم الاستهانة بها.

بارك الله لي ولكم في القرآن المبين، وفي حديث سيد الأولين والآخرين، وغفر لي ولكم، ولسائر المسلمين، آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

قد تكون صورة ‏نص‏

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وإمام المتقين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة المؤمنون؛ إذا عرفنا قيمة الماء وأهميته في حياتنا، وتدبرنا توجيه ربنا وهدي نبينا في ترشيد الانتفاع بهذه النعمة، فإن الواجب علينا أن نتواصى فيما بيننا بتغيير سلوكنا في استعماله على قدر الحاجة، دون إسراف أو تبذير، وأن نُسهم في كل الجهود التي تبذل لتوفيره مستحضرين قول نبينا ﷺ، لما سئل عن أفضل الصدقة فأجاب: “سقي الماء”؛ وذلك لما فيه من سر الحياة، وإطفاء ظمأ العطشان، وإنقاذه من الهلاك.

جعلني الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولوا الألباب.

فاتقوا الله، عباد الله، واعرفوا فضله وآلاءه عليكم، واشكروه على نعمه يزدكم، وأكثروا من الصلاة والسلام على ملاذ الورى وشفيع الأنام في الموقف العظيم، فاللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت على سيدنا إبراهيم، وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم، وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين المهديين، أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن باقي الصحابة أجمعين، خصوصا منهم الأنصار والمهاجرين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

وانصر اللهم من قلدته في الأرض أمر عبادك، مولانا أمير المومنين صاحب الجلالة الملك محمداً السادس، نصرا عزيزا تعز به الدين، وترفع به راية الإسلام والمسلمين. اللهم احفظه بالسبع المثاني والقرآن العظيم، واجعله في كنفك الذي لا يضام، واحرسه بعينك التي لا تنام، وأقر عين جلالته بولي عهده، صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، وشد أزر جلالته بشقيقه السعيد، صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي رشيد، وبباقي أفراد الأسرة الملكية الشريفة.

وارحم اللهم الملكين الجليلين، مولانا محمداً الخامس، ومولانا الحسن الثاني، اللهم طيب ثراهما، وأكرم مثواهما، واجعلهما في مقعد صدق عندك، مع الذين أنعمت عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.ً

اللهم اجعلنا من الشاكرين لنعمك، المتعرضين لكرمك، الواقفين ببابك، المضطرين إلى رحمتك وكرمك. اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا سقيا رحمة لا سقيا عذاب ونقمة.

واغفر اللهم لآبائنا وأمهاتنا، وسائر موتانا وموتى المسلمين، واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم. ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  [سورة الأنفال، الآية: 24].

[2] [سورة الإسراء آية: 26- 27].

[3] أخرجه البخاري. رقم الحديث بمنصة محمد السادس للحديث الشريف: 11894.

[4] أخرجه ابن ماجه: رقم الحديث بمنصة محمد السادس للحديث الشريف: 6145.

[5] أخرجه النسائي: رقم الحديث بمنصة محمد السادس للحديث الشريف: 6117.

[6] [سورة الأنبياء آية 30].

رابط الخطبة ليوم 18 صفر 1446ه، الموافق 23 غشت 2024 في موضوع : أهمية الماء وحسن تدبير استعماله

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M