“خطة تسديد التبليغ”.. هذا موضوع “الخطبة الموحدة” غدا الجمعة

هوية بريس – متابعة
خصص المجلس العلمي الأعلى ضمن “خطة تسديد التبليغ” “خطبة موحدة” في موضوع «تربية الأولاد على المشاركة في الشأن العام» ليوم غد الجمعة فاتح جمادى الأولى 1447هـ/ الموافق 24 أكتوبر 2025م.
وهذا جزء من الخطبة:
“اَلْخُطْبَةُ الْأُولَى
الحمد لله نحمدك يا الله بما أنت له أهل، أهلَ الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، حمد العارفين المقرين بوحدانيتك، الشاكرين لعظيم إحسانك وجزيل امتنانك، ونشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، القائل في محكم تنزيله: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اِ۬للَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُواْ﴾.
ونشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، ومصطفاه وخليله، صلى الله وسلم عليه صلاة وسلاما تامين متواصلين ما تواصل الليل والنهار، وعلى آله الطيبين الخيرة، وعلى صحابته الكرام البررة، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد – أيها المؤمنون والمؤمنات -؛ فإن مما يرشد إليه الإيمان الصادق، ويدخل في إطار العمل الصالح، القيامَ بالواجب تجاه الأمة والوطن بالمشاركة في تدبير الشأن العام؛ في حدود ما تولى كل واحد منا من المسؤوليات والمهام؛ لقول الله تعالى ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى اَ۬لْبِرِّ وَالتَّقْو۪ىٰ﴾.
ومن أعظم ما يجب أن نعنى به تربية الأولاد على المشاركة في تدبير الشأن العام؛ إذ هم رجال الغد، والأمل معقود عليهم في تحمل الرسالة، والمحافظة على الأمانة؛ ولا يكون ذلك مواتيا ومتحققا ما لم يُنَشَّؤُوا على ذلك، فيربون على أخلاق الدين الإسلامي، وعلى مقاصده الكبرى التي منها تحمل المسؤولية، والمشاركة في خدمة الأمة، وحب الوطن، والسهر على أمنه واستقراره، وعلى جمع الكلمة وتوحيد الصف؛ إذ الوطن بمواطنيه، والأمة برجالها ونسائها؛ والمواطن الحق هو من يخدم أمته، وقيمته ما يحسنه؛
كما قال سيدنا علي رضي الله عنه: “قِيمَةُ كُلِّ امْرِئٍ مَا يُحْسِنُ“.
وليست قيمة المرء بما يملك ويقتني، ولكن بما يعطي من العطاءات المختلفة؛ من علمه وماله ومهارته وصنعته وجهده البدني وكياسته، وكل ما يمكن أن يقدمه خدمة لوطنه وأمته.
والانتماء إلى الجماعة لا يكون بمجرد إضافة رقم إلى عددها؛ وإنما يكون بإضافة كفاءة ومهارة ومال وجهد ونصح وغير ذلك من أوجه الخدمة المختلفة؛ يقول النبي ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا؛ يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا، وَأَنْ تُنَاصِحُواْ مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ، وَيَسْخَطُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْـمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ».
فبين الرسول أن رضا الله تعالى يكمن في أن يخلص الناس العبادة لربهم، وأن يتحدوا في أمورهم جميعا بما يضمن مصالحهم، ويدفع عنهم المفاسد، وأن لا يألوا جهدا في النصح لولي الأمر وطاعته والانقياد له في المنشط والمكره، والسير في ركابه، والدعاء الخالص له؛ إذ بصلاحه تصلح البلاد والعباد.
وبين كذلك أن الله تعالى كره ما يعود على الفرد والمجتمع بالخيبة والخسران؛ من القيل والقال في تتبع عورات الناس بالغيبة والنميمة وغيرها من آفات اللسان الخطيرة، وإضاعة المال الذي هو قوام المعاش بين الجميع، وكثرة السؤال فيما لا فائدة فيه؛ مما يفضي للحجاج والمراء والجدال العقيم.
وليس المراد بذلك من يسأل عن دينه ليتفقه فيه أو يسأل عن أي شيء آخر ينفعه؛ فالسؤال في الدين أمر مطلوب لمعرفة أحكام الشرع؛ لقوله تعالى: ﴿فَسْئَلُوٓاْ أَهْلَ اَ۬لذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.
وطلب العلم بالسؤال فريضة على كل مسلم ومسلمة.




