خطورة الفكر النسوي على الاستقرار الأسري

09 فبراير 2025 20:24

هوية بريس – د.يوسف فاوزي

الفكر النسوي أو: النسوية (Feminism)؛ هو عبارة عن مجموعة من القناعات والمبادئ الداعية إلى تكريس المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة؛ وينطلق أصحاب هذا الفكر إلى اعتبار المرأة مظلومة مسلوبة الحقوق في كل المجالات؛ وأن الرجل قد استحوذ على كل شيء؛ مهمشا بذلك المرأة؛ ولقد نشأ هذا الفكر أولا في العالم الغربي نتيجة الاضطهاد الذي مارسته المجتمعات الغربية على المرأة قبل الثورة الصناعية؛ لتكون النسوية ردة فعل تطالب بالمساواة وإنصاف المرأة لدرجة الاقتسام مع الرجل في الحقوق والواجبات.

ثم تسللت هذه الفكرة إلى الوسط الثقافي العربي عن طريق الاستعمار الأجنبي؛ ثم اشتد عودها في سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي بفضل قوة انتشار الفكر العلماني في شريحة الشباب؛ مستغلة شيوع الجهل وضعف الخطاب الشرعي الإصلاحي.

ولقد اعتمد دعاة النسوية بالدرجة الأولى العمل الجمعوي والنقابي والحزبي لنشر أفكارها؛ ودعت إلى تحرير المرأة (حسب قولها) من كل القيود الدينية والعرفية والاجتماعية والثقافية؛ لتكون سيدة نفسها في أقوالها وأفعالها؛ ومن هنا كان الدين الإسلامي بشريعته وتعاليمه العدو الأول للنسوية؛ فاتهمته بالظلم واغتصاب حقوق المرأة؛ وأنه دين رجعي يكرس التخلف بتفضيله للرجل على المرأة؛ وللأسف لاقت هذه الدعاوى الكاذبة قبولا عند فئات مختلفة من أبناء وبنات المسلمين بسبب جهلهم بمحاسن الشريعة الإسلامية الغراء وانصافها للمرأة من حيف وظلم الجاهلية؛ التي كانت أبرز سماتها دفن المولودة الأنثى حية خشية العار؛ قال سبحانه: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ).

فلما جاء الإسلام أعطاها حق الحياة وهو أول حق إنساني للبشر.

وينطلق الفكر النسوي أيضا من فكرة حرية المرأة المطلقة في التصرف في ممتلكاتها؛ من ذلك حق التصرف في جسدها لدرجة إباحة الزنا وممارسة كل أشكال الفساد باسم الحرية الفردية؛ فأصبحت المرأة مجرد سلعة رخيصة لسد شهوات الذئاب البشرية؛ ومجرد وسيلة لكسب المال عن طريق التوظيف الاشهاري في وسائل الإعلام؛ فصارت المرأة مجرد سلعة تباع وتشترى؛ مثل حالها في الجاهلية لما كانت سلعة في سوق النخاسة.

والأخطر من هذا كله هو أن يلبس هذا الفكر المقيت لبوس الدين؛ ليوظف نصوص الشرع لصالحه؛ محاولا فرض نمط جديد من النسوية؛ ألا وهي: النسوية الإسلامية؛ وهي نسوية خطيرة سقط في مستنقعها الكثير من النساء المسلمات؛ وينظم لها الآن مؤتمرات وملتقيات برعاية دول غربية مثل فرنسا وهولندا؛ قصد تذكية فكرة مظلومية المرأة المسلمة في المجتمعات المسلمة الذكورية.

تنطلق النسوية الإسلامية من الدعوة إلى إعادة قراءة النص الشرعي؛ ليكون في منحى يكرس المساواة بين الجنسين؛ وتفسير قوامة الرجل تفسيرا جديدا يجعل المرأة قادرة على الاستغناء عن الرجل؛ كما تحاول النسويات هنا توظيف مقاصد الشريعة لتبرير هذا التفسير.

والأخطر من هذا توظيف الفكر الغربي القائم على أطروحات فلسفية غربية لمعالجة قضايا المجتمع المسلم؛ بذريعة فتح باب الاجتهاد وتدبير الاختلاف الفقهي -الكد والسعاية نموذجا-؛ واستحضار روح الشريعة في التيسير على البلاد والعباد؛ وضرورة مواكبة الشريعة للسيرورة الحضارية؛ وغيرها من الشعارات البراقة التي يراد منها علمنة المرأة المسلمة باسم الشريعة.

كما تعتبر مسألة تعدد الزوجات والإرث؛ من أهم المسائل التي تعالجها النسوية الإسلامية المعاصرة؛ وتجتهد اجتهادا كبيرا في تأويل النصوص الشرعية لتكون متوافقة مع الطرح العلماني في بناء مفهوم الأسرة المسلمة؛ ليكون موقع الرجل فيها مبهما؛ وتكون المرأة فيها العنوان الأبرز؛ فهي المستقلة بذاتها في كل شيء؛ والرجل مجرد شريك في العنوان؛ لا يحق له المطالبة بحقوقه الشرعية لأنها حقوق ذكورية تكرس غطرسته وساديته على المرأة (المسكينة).

والمرأة الموظفة سيدة القضية في الفكر النسوي؛ فهي صاحبة الراتب الشهري الذي يمثل وجودها وسيادتها وفردانيتها؛ ويعزز لديها فكرة الاستقلالية بطلب الطلاق والتهديد به عند أي خلاف زوجي؛ لدرجة انتشار فكرة الطلاق بين الموظفات؛ والتشجيع على فكرة العزوف عن الزواج من أصله؛ لما فيه من رغبة ذكورية مبيتة للاستحواذ على الراتب الشهري!!!

من هنا نفهم فكرة الخطاب النسوي المزهد في مصطلح “ربة بيت” واعتبارها نمطا جديدا من العبودية للمرأة؛ وتقوية للرجل.

وعليه كان الفكر النسوي عامل هدم للأسرة المسلمة؛ وللأسف فإن تكريس مبادئ هذا الفكر في بنود مدونة الأسرة سيكون ايذانا بهدم ما بقي من معالم الأسرة المغربية القائمة على قوامة الرجل والمودة والرحمة بين الرجل والمرأة؛ للقيام بوظيفة بناء الأمة بتخريج نشء صالح؛ وليس تأسيس شركة تجارية تنافسية؛ تكون ورقة الطلاق ورقة التهديد الحاضرة في أبسط الخلافات…

والله غالب على أمره…

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
21°
18°
الأربعاء
20°
الخميس
20°
الجمعة
20°
السبت

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M