خطورة بنكيران.. أنْ يفضح “البنية”..
هوية بريس- محمد زاوي
في كتابه “المؤمن الصادق”، يؤكد إيريك هوفر على ما يجب توفره في خطاب كل قائد أو زعيم سياسي، وهو “تحديد الشيطان للجمهور”. لا تحدِّد للجماهير حليفها، لأنها ستبحث عنه بنفسها إذا عرفت نقيضَها (خصمَها أو عدوها). يكفيك أن تريها خصمَها ببراعة، حتى تراها فاعلة منضبطة لكل خطاب سياسي/ إيديولوجي يوجَّه إليها.
وتلك من العناصر المميزة لخطاب ذ. عبد الإله بنكيران، يحدد الخصم بدقة، يفضحه، يحاصره، حتى تظهر كل مكوناته جلية للجماهير، فلا يستطيع التخفي ولا التواري، أما التقدم بخطوة إلى الأمام فيجعله مفضوحا، تلتقط الجماهير أنفاسه، وتحسب خطواته خطوة بخطوة.
هذا ما كان يميز خطاب ذ. بنكيران دائما، وهذا ما ميز بوضوح خرجته الأخيرة. فما إن أنهى كلمته المباشرة، حتى رأينا “الناس” صرعى لم تنفع معهم رقى، مذهولين وكأن الأرض اهتزت من تحت أقدامهم، أذلةً بعدما كانوا أعزة، متخبطين بعد أن كانوا يلقّنوننا الحكمة، مفتونين بعد أن كانوا يعزفون على أوتار الاستقرار، متهافتي التحليل بعد أن كانت تحاليلهم تدلس على ضعاف العقول وما هي ببيان…
ما السر في كل هذا يا ترى؟
أفي هذا الوقت الوجيز تحولت القوة إلى ضعف؟..
لقد فضحهم، وكفى…
كانوا شتاتا لا يظهرون، فصب عليهم جام غضبه أجمعين..
فنانٌ مأجور يحلم هنا، منابر إعلامية تدلّس هناك، وجوه أخفت سوادها بالمساحيق، محللون يقدمون التحاليل تحت الطلب وعلى المقاس، يساريون أصبحوا يمينيين بتبريرات واهية، شباب ساخط واهم نشد “الإصلاح” في بنية فاسدة وقواعدها فاسدة، أموال وضعت في أيادي “شناقة الانتخابات” يقتحمون بها حصون القرى والمدن… وكلهم في قبضة واحدة، وتحركهم “بنية تحتية” واحدة.
تلك هي البنية السياسية والإيديولوجية التي فضحها بنكيران، ووجه لها نقدا إيديولوجيا، ظل ينفذ بين الفينة والأخرى إلى جزء من عمقها..
وفي العمق الكثير مما يقال..
وهو (العمق) وحده المفسر لما يطفو على السطح من صراع..
أما ما تقتضيه الممارسة العملية، فقد لخصه ذ. بنكيران بتوجيه واحد: “صوتوا على أي حزب، إلا حزب التجمع الوطني للأحرار”.