خلال سنة 2025.. إغلاق 9 مطاحن تتلاعب في جودة الدقيق

خلال سنة 2025.. إغلاق 9 مطاحن تتلاعب في جودة الدقيق
هوية بريس – متابعة
فتح الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط بحثا قضائيا بخصوص موضوع «طحن الورق مع الدقيق» الذي فجره رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب. وأصدر الوكيل العام للملك تعليماته للفرقة الوطنية للشرطة القضائية للقيام بالأبحاث والتحريات القضائية، والاستماع لكافة الأطراف المعنية بهذه الفضيحة.
وأفادت المصادر بأن رئاسة النيابة العامة تفاعلت مع التصريحات الواردة على لسان أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، أثناء مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026 في اجتماع لجنة المالية بمجلس النواب، عندما شكك في جودة الدقيق المدعم من المال العام، ووجه اتهامات للمطاحن بطحن الورق مع الدقيق، وقال إنها تستفيد من دعم مالي يفوق 16 مليار درهم، قبل أن يتراجع عن هذه التصريحات، موضحا أن المقصود من عبارة «طحن الورق» لم يكن أبداً المعنى الحرفي أو المادي، بل جاء على سبيل التعبير المجازي المتداول في اللهجة المغربية، ويُقصد به التلاعب في الوثائق أو الفواتير المقدّمة إلى المصالح المختصّة بغرض الحصول على الدعم العمومي، ولا علاقة له مطلقاً بمزج أو خلط مواد غير صالحة بالدقيق أو غيره من المواد الغذائية.
وحصلت «الأخبار» على معطيات من المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائيـة «أونسا»، تفيد بوجود مخالفات ارتكبتها بعض المطاحن، تتجلى في عدم احترام المعايير الصحية في جودة الدقيق. وأكدت مصادر من المكتب أن هذا الأخير سحب، خلال هذه السنة، 9 رخص صحية مع تعليق 4 رخص تخص بعض المطاحن غير المطابقة للمعايير الصحية المعمول به.
وأوضحت المصادر أنه، خلال سنة 2024، تم أخذ 710 عينات من الدقيق على مستوى المطاحن والأسواق ونقاط البيع، وتم حجز وإتلاف 38 طنًا، مع إحالة 89 ملفًا على المصالح المختصة للبت فيها، أما خلال سنة 2025 (إلى غاية نهاية شهر شتنبر الماضي)، فتم أخذ 577 عينة، وحجز وإتلاف 33 طنًا، وإحالة 60 ملفًا على المصالح المختصة.
وأكدت المصادر أن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية يقوم بالترخيص الصحي للمطاحن ومراقبتها بانتظام، حيث منح المكتب، إلى غاية سنة 2025، ما مجموعه 191 ترخيصًا صحيًا للمطاحن، وذلك بعد التحقق من احترامها لمعايير النظافة والسلامة الصحية ومراحل الإنتاج والعنونة، وتخضع هذه المطاحن لزيارات تفتيش صحية دورية تهدف إلى التأكد من مدى التزامها بهذه المعايير، حيث تم إنجاز 212 زيارة تفتيشية خلال سنتي 2024 و2025.
وأضافت المصادر أن المكتب ينفذ برنامجًا وطنيًا سنويًا لمراقبة المطاحن، يشمل أخذ عينات من مختلف أنواع الدقيق لتحليلها والتأكد من سلامتها الصحية، وتشمل هذه التحاليل البحث عن الملوثات مثل الأفلاتوكسين، الأوكراتوكسين A والزيرالينون، بالإضافة إلى التحقق من مطابقة الدقيق من حيث نسبة المعادن، الرطوبة، الحموضة الدهنية ونسب الحديد والبروتين، ويقوم المكتب كذلك بعمليات مراقبة ميدانية للدقيق المعروض في الأسواق ونقاط البيع، في إطار عمل اللجان المحلية المختلطة، للتأكد من احترام شروط السلامة الصحية.
وتحدثت مصادر من أرباب المطاحن وتجار الجملة عن وجود تلاعبات في توزيع الدقيق المدعم من طرف الدولة بأموال عمومية ليستفيد منه المواطنون الفقراء، لكن هذا الدعم يتم التحايل عليه وتستفيد منه شبكة تعيد بيع الدقيق بسعر السوق، حيث يعمد أغلب التجار المتلاعبين إلى بيع الدقيق بأزيد من 160 درهما لكيس يزن 50 كيلوغراما، علما أن ثمنه الحقيقي محدد في 100 درهم.
وكشفت معطيات توصلت إليها «الأخبار» أن سعر الدقيق المدعم المحدد في درهمين و20 سنتيما لا وجود له في الأسواق، وذلك راجع لتلاعب بعض تجار الدقيق وتواطئهم مع أرباب المطاحن لتفويت حصص وهمية على الورق بالثمن الذي حددته الدولة، في حين تتم إعادة بيع الدقيق بثمن السوق، وتخزينه في مخازن سرية بغرض المضاربة، في ظل غياب مراقبة الجهات المسؤولة.
وأوضحت المصادر أنه من المفروض أن يباع الدقيق المدعم بثمن لا يتجاوز درهمين للكيلوغرام الواحد، لكن أرباب المطاحن، بتواطؤ مع موظفين بالمكتب الوطني للحبوب والقطاني، يتلاعبون في الفواتير والوثائق على أساس أنه دقيق غير مدعم ويتم بيعه بسعر السوق العادي، أي السعر المحرر بثمن يفوق بكثير ثلاثة دراهم للكيلوغرام الواحد.
وتم تسجيل عدة شكايات من طرف الساكنة بعدة مناطق وكذا مموني الدقيق المدعم حول تدني جودة هذه المادة الحيوية، حيث اضطر بعض السكان إلى العزوف عن شراء الدقيق المدعم وقام آخرون بإرجاع الأكياس التي اقتنوها نظرا لعدم جودتها. وأبانت نتائج التحاليل المخبرية والمحاضر المنجزة من طرف السلطات المختصة، أنه تم، في إحدى عمليات المراقبة، إجراء التحاليل على عينات من 80 كيسا من الدقيق مغلقة أصلا عند التصنيع، وأكدت بعض المخالفات المسجلة ونتائج التحليل المنجزة أن إنتاج وتوزيع الدقيق الوطني للقمح الطري المقوى غير مطابق، لكونه يحتوي على نسب مرتفعة من التمعدن والرفض للغربال ذي القطر 0.2 مم واحتوائه على نسبة منخفضة من الحديد، مقارنة مع الحد المسموح به قانونيا، كما أنه يخالف القوانين المعمول بها.
وفي رد على تصريحات التويزي، أوضح مولاي عبد القادر العلوي، رئيس الجامعة الوطنية للمطاحن في تصريحات صحافية قائلا: “كجامعة وطنية، فوجئنا بهذه التصريحات التي نزلت علينا كالصاعقة، إذ نعتبرها خطأ جسيماً. فحين يتحدث عن رقم 16.8 مليار درهم “مشات في الاوراق”، فإن ذلك رقم لا يقبله العقل. وللعلم، فإن هذا المبلغ يعادل ما يقارب 60 مليون قنطار من القمح الطري، علماً أن المطاحن تؤدي 270 درهماً للقنطار الواحد”. وأضاف العلوي أن النائب ربما كان يقصد دعم الفرق بين ثمن الاستيراد وثمن البيع للمطاحن علما أن هذا الدعم توقف منذ شهر ماي المنصرم، لأن الأسعار العالمية لم تعد في نفس المستوى السابق. وأكد العلوي أن المطاحن لا تستفيد من هذا الدعم، بل المستوردون هم من يستفيدون منه والدولة هي من تتحمل كلفة الفرق، حسب يومية “الأخبار”.



