خلق الحياء.. الخلق المفقود..
هوية بري – د.يوسف فاوزي
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:
شهد الله جل جلاله لنبيه محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام بحسن الخلق فقال (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم،4]،وجعل بعثته لبث مكارم الأخلاق، فقال عليه الصلاة والسلام (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ).
والخلق الحسن هو ما كان وفق الشريعة الربانية والفطرة السليمة، فتستحسنه العقول السليمة، وتمدح صاحبه، وهو –الخلق الحسن- سبب في تثقيل ميزان الأعمال يوم القيامة، فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ»، وسبب في نيل محبة الله، فلقد سأل الصحابة رضوان الله عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقَالُوا: (فَمَنْ أَحَبُّ عِبَادِ اللهِ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: «أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا»، وسبب أيضا في نيل محبة النبي صلى الله عليه وسلم والقرب منه يوم القيامة، فعَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهِقُونَ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ فَمَا المُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: «المُتَكَبِّرُونَ».
ومن الأخلاق الحسنة التي نفتقدها كثيرا في حياتنا اليومية خلق “الحياء”، وهو خلق رفيع تزين به عباد الله الصالحين، قال تعالى (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ) [القصص،25].
وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم (الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ).
ومن الحياء ستر العورة أمام الناس، قال عليه الصلاة والسلام (احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ).
فليس من الأدب فضح العورة أمام الملأ، لما فيه من سوء الخلق وإثارة الغرائز وسط مجتمع الأصل فيه شيوع الفضيلة بدل الفاحشة، والمروءة بدل خوارمها.
والكاشف لعورته يجب أن يعلم أن بفعله هذا يشجع شباب المسلمين على استهتار أخلاقي يستهدف أمه أو أخته أو زوجته أو ابنته أو إحدى محارمه، فإذا كنت لا ترضى هذا لعرضك فلا ترضاه لعرض الناس !!!.
ولقد تشبت فقهاؤنا رحمهم الله بهذا الخلق، حتى أسقطوا شهادة من أخل به وهو مذهب الإمام مالك رحمه الله، قال الفقيه ابن شاس المالكي في من يكشف عورته في حمام عمومي (وقال القاضي أبو بكر: “إذا كان الرجال لا يسترون، فقال مالك: لا تقبل شهادة من دخله“)، فإذا كان هذا في الحمام فما بالك بخارجه كالأسواق والأماكن العامة !!!.
وإذا كان قانون الوظيفة العمومية بالمغرب ينص صراحة على وجوب التزام الموظف بلباس لائق يحترم به وظيفته وإدارته ووطنه، وأنه في حال إخلاله بهذا القانون فسيكون معرضا للمسطرة التأديبية من قبل رئيسه المباشر، فمن باب أولى أن يرتدي المواطن في الأماكن والفضاءات العامة لباسا يحترم به دينه ووطنه وبني جلدته.
ويخطئ الكثير من الناس لما يتساهلون في موضوع الحياء في اللباس بدعوة حرارة الجو في الصيف، فنقول لأمثال هؤلاء (قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ)[التوبة،81].
إن بناء الفضيلة واجب على كل مواطن في هذا البلد العزيز، والشباب رأس الحربة في هذا الموضوع، فالله الله في الحشمة والحياء يا شباب المغرب، فبكم تحفظ الأخلاق وتسمو، وكونوا بعد الله سببا في استرجاع هذا الخلق المفقود الحياء.
وفقنا الله لكل خلق جميل…آمين.
اللهم امين
هذه هي المقالات التربوية التي تعجبني لأنها تربى النشأ على الأخلاق الفاضلة