خواطر الأقصى: معنى الإجماع؟ وكيف ينعقد؟
هوية بريس – د. الناجي لمين
الصحابة المفتون رضي الله عنهم معروفون ومعدودون؛ وأقوالهم معروفة. وكذلك فقهاء التابعين وفقهاء الامصار معروفون ومعدودون وأقوالهم كانت معروفة عند العلماء وطلبة العلم. فهؤلاء إن قالوا قولا او قال بعضهم قولا ولم يُعلَم لهم من الاخرين مخالف: فهذا هو الاجماع عند العلماء..
كثير من المعاصرين يعتقدون وجوبَ إعداد لائحة فيها الاجماع على مسألة، وموقعة بالاسفل من الكل. هذا لا يوجد حتى في المعلوم من الدين بالضرورة. هل بإمكان أي باحث أن يُعِد لنا لائحة بأسماء فقهاء الصحابة جميعا وفقهاء التابعين جميعا، وفقهاء الامصار جميعا الذين قالوا ان وجوب الصلاة مثلا يعتبر من المعلوم من الدين بالضرورة.
إن الفرق بين المعلوم من الدين بالضرورة وباقي مسائل الاجماع: هو ان الاول يعرفه الخاص والعام والثاني يعرفه الخواص فقط. فالاول يفيد العلم الضروري والثاني يفيد العلم النظري..
هؤلاء يرددون فقط كلام بعض المعاصرين، كالشيخ احمد شاكر والشيخ ابي زهرة، فهم مقلدون لهؤلاء وأمثالهم لا أقل ولا أكثر، ولم يطلعوا على الاجماع في مصادره أو اطلعوا عليه ولم يفهموا ما قرأوا؛ ولا علم لهم بما يحصل به الاجماع من الناحية العملية. هل هؤلاء المعاصرون أعلم من الشافعي الذي استدل بالاجماع فقط في مسائل كثيرة. وها هي كتُبُه الفقهية المجموعة في “الام” بين أيدينا.
وأنا ذكرتُ الشافعي لانهم يزعمون انه يشكك في الاجماع، أو أنه يعتبر الاجماع هو المعلوم من الدين بالضرورة؛ فالاجماع عنده في المرتبة الثالثة؛ فهل المعلوم من الدين بالضرورة في المرتبة الثالثة؟!
وهل هؤلاء المعاصرون اعلم من ابن المنذر في كتابه “الاوسط”، والجصاص في كتابه “احكام القرآن” وابن عبد البر في “التمهيد” و”الاستذكار” وابن قدامة في “المغني” وباقي العلماء الذين استدلوا بالاجماع وحده عبر تاريخ المسلمين.. هل هؤلاء الذين قَلّبوا بعض الاوراق في علم اصول الفقه أعلم من هذا الجم الغفير من العلماء عبر التاريخ. شيء من العقل والمنطق!