دار الإفتاء تصدر فيديو “شرعي” لدعم الجيش المصري
هوية بريس – متابعات
وصف باحثون وإعلاميون فيديو الـ”موشن جرافيك” الذي أصدرته دار الإفتاء المصرية للإشادة بالجيش المصري، بأنه يأتي في إطار حملة دعم معنوي موسعة تقودها إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة، وتستخدم فيها كل مؤسسات الدولة، لمواجهة الانتقادات التي تواجهها القوات المسلحة مؤخرا.
ويشير الخبراء إلى أن استغلال إحدى المؤسسات الدينية له العديد من الأسباب، خاصة أن دار الإفتاء التي تتبع إداريا وزارة العدل، تمثل إحدى الهيئتين الدينيتين الرسميتين، بالإضافة لوزارة الأوقاف، مقابل الهيئة الدينية المستقلة التي يمثلها الأزهر الشريف.
وكانت دار الإفتاء نشرت عبر موقعها الرسمي فيديو “موشن جرافيك” حول فضل الجيش المصري، مستخدمة عدة أحاديث نبوية تشيد بفضل الجيش المصري.
وأوضحت الدار أن النبي محمد صلي الله عليه وسلم شهد لجيش مصر وجندها بالخيرية والنجاة من الفتن عندما قال: «إذا فتح الله عليكم مصر، فاتخذوا فيها جندًا كثيفًا، فذلك الجند خير أجناد الأرض». فقال له أبو بكر: ولمَ ذلك يا رسول الله؟ قال: «لأنهم في رباط إلى يوم القيامة».
هذا والحديث كما قال المتخصصون ضعيف (انظر الرابط)
وفي تعليقه على الإصدار المثير للجدل، يؤكد الباحث بشؤون الأمن القومي عبد المعز الشرقاوي لـ”عربي21″ أنه يمثل تطورا في استخدام الجيش لمؤسسات الدولة الدينية، وهو ما يشير لوجود شكوك لدى الجيش عن تعاطف ودعم المصريين له بعد انقلاب يوليو 2013.
ويشير الشرقاوي إلى أن سيطرة الجيش على الاقتصاد والسياسة له نتائج سلبية، خاصة أن هذه السيطرة أدت لتردي الأوضاع المعيشية للمواطنين، ما زاد من قناعاتهم بأن الجيش قام بالانقلاب على الرئيس المدني محمد مرسي للسيطرة على مقاليد الأمور، ومعاقبة الشعب على اختياراته الديمقراطية، التي جاءت بالإسلاميين وتحديدا الإخوان المسلمين، الذين تعتبرهم المؤسسة العسكرية عدوها الأول.
وحسب الباحث بشؤون الأمن القومي، فإن هيئة التوجيه المعنوي والمخابرات الحربية يقومان بعمل استطلاعات رأي ودراسات منتظمة عن وضع الجيش لدي المواطنين، ودراسات أخرى داخل الجيش عن آرائهم في المستجدات التي تحيط بهم.
ويتوقع الشرقاوي أن يكون فيديو دار الإفتاء ترجمة لهذه الاستطلاعات التي كشفت عن تراجع شعبية الجيش لدى المواطنين، وبالتالي استخدم الجيش إحدى المؤسسات الدينية لمواجهة هذه الحالة، من خلال تقديم الأدلة الشرعية التي تلامس مشاعر المصريين وعقولهم بشكل مؤثر.
وفي إطار متصل، يؤكد خبير الحملات الإعلامية، يحيى عبد الهادي، أن هناك خلافا ظاهرا بين مؤسسة الرئاسة من جهة ومؤسسة الأزهر الشريف من جهة أخرى حول الخطاب الديني، وهو الصراع الذي يأخذ أشكالا مختلفة من فترة لأخرى، متوقعا أن يكون هذا الفيديو محاولة من دار الإفتاء لتميز موقفها في هذا الخلاف عن مشيخة الأزهر الشريف.
وفيما يتعلق بأهمية هذا الإصدار في توجيه المواطنين نحو دعم الجيش، يشير خبير الحملات الإعلامية إلى أن المؤسسات المصرية تعاني من حالة عدم ثقة بينها وبين المواطنين، سواء كانت هذه المؤسسات دينية أو سياسية أو عسكرية، وبالتالي فإن هذا الإصدار سوف يلقى قبولا عند الفئات التي تثق في مؤسسات الدولة، ويلقى رفضا عند الفئة التي لها موقف سلبي من هذه المؤسسات ذاتها.
ويضيف عبد الهادي أن أخطر ما في الإصدار أنه يعكس عدم الرضا الجماهيري على أداء المؤسسة العسكرية وجهاز الشرطة، باعتبارهما جناحي نظام الانقلاب في السيطرة على المجتمع المصري سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا.
ويرى عبد الهادي أن هذا الإصدار يحاول علاج حالة الغضب من الناحية الشرعية، متوقعا أن يواكبه حملات أخرى لباقي مؤسسات الدولة، كنوع من التمهيد للتعديلات الدستورية المرتقبة التي تسمح للسيسي بالاستمرار في منصبه، مشيرا إلى أن الغرض الأساسي منها تقديم المبررات لأفعال النظام على المستوى الحقوقي والسياسي والأمني والاقتصادي، وأنه لولا الجيش لأصبحت مصر مثل سوريا أو اليمن وليبيا، وهي النقطة التي يركز عليها النظام المصري لتبرير انتهاكاته.
وفيما يتعلق بعدم وجود رد فعل من التيارات العلمانية حول تدخل الدين في السياسة، يؤكد عبد الهادي أن هذه التيارات لا ترفع هذا الشعار إلا في وجه التيارات الإسلامية، خاصة أن المؤسسات الدينية، سواء الإسلامية أو المسيحية، لها مواقف سابقة في دعم نظام السيسي دون أن يعترض عليها أحد.