دخول مدرسي مرتبك
هوية بريس – عبد اللطيف بلقادري
يتفاجأ الشعب المغربي من حين لآخر بقرارات أقل ما يمكن وصفها أنها مُرتَجلة تَفتقِر الى الدِّراسة المُتأنية والمُعَمقة ولكن الأدهى والأمر اليوم أنها منقولة حَرفيا مِن تجارب دول أُخرى؛ والأُخرى بالمغرب تَعني دائما وأبدا فرنسا، المُستعمر القديم والجديد، إن لم يكن عسكريا فَفِكريا وثقافيا واقتصاديا؛ ولا يسعني إلا أن اشير الى الزعيم المهدي بن بركة الذي كان واعيا بما ستؤول اليه الأمور عندما نحت مصطلح مَغْرَبَة الحِمَاية أي أن منظومة الحماية استمرت ولكن بأيدي مغربية. وهذه نتيجة طبيعية عندما تُسنَد الأمور الى مَن هم تَرعرَعُوا في كَنَف وحُضن المُستَعمر، دَرسوا في مدارسه وتكلموا بِلُغته وتَشَرَّبوا بِأفكاره، فهم لا يعرفون عن المغرب سوى شمسه وفنادقه وشواطئه.
تفاجأت كعموم أولياء الأمور بقرار وزارة التربية الوطنية بالصيغة المُزمَع نهجها للدخول المدرسي المقبل بعد أيام. قرأت البلاغ الصادر مِرارا أُحاول أن أحُلَّ شِيفراته المُعقدة، ولكني أعترف بالفشل أمام طَلاسِم تحتاج خبيرا مع العلم أنى اعتَدتُ على قراءة المذكرات والبلاغات الوزارية وللأسف لم تُسْعِفني معرفتي هذه.
البلاغ يُكرسُ التَّهرب من المسؤولية ويرمي الكرة لأولياء الأمور في حرية اتخاذ قرار الاستفادة من الدروس الحضورية او الرقمية؛ مع العلم أننا بعيدون كل البعد عن التعليم عن بعد لا من الناحية البيداغوجية ولا من الناحية اللوجستيكية. إذ كيف بوزارة لم تُوفر حتى اللوحات البيضاء مع أقلامها الخاصة بأن توفر حواسيب بجودة عالية وكاميرات رقمية وصبيب انترنيت مرتفع في كافة مدن المملكة فبِالأحرى في القرى والأرياف حتى تتم العملية التَّعليمية التَّعَلُّمية في ظروف مُلائمة ولا أقول جيدة.
إن حالتنا تُشبه قصة الصرصار والنملة التي نَقُصُّها على أطفالنا لنضرب لهم مثلا في الجِدِّ والعمل (النملة) مُقابل الخمول والكسل (الصُرصار)؛ وللأسف ما أشبهنا بهذا الصُرصار الذي قَضى جُلَّ وقته في الراحة والاستجمام وأهدَر ماله في المهرجانات والدوريات الكروية ولما حان وقت الحصاد في زمن الوباء وجدَ نفسه صفر اليدين وقَعدَ يَنْدُبُ حَضَّه العاثر ويتباكى على الوقت والمال المهدورين.
الى متى سنستمر في الحلول الترقيعية وسياسة حل الازمات؟ ألَم يَحِن الوقت أن نستفيق من هذا السبات الطويل وننقذ ما يمكن إنقاذه وخاصة التعليم فهو المبتدأ والمنتهى. لا أحب أن يَصدُق فينا القول الدارج الذي يُرَدِّدُه البَعض “لقد ألِفْنا غسل اليدين في زمن الكورنا ويبدو أننا سنغسل أيدينا عن أمور كثيرة وأشخاص كُثُر”. حَفِض الله بلدنا من كل سوء وأرشدنا سبل السلام.