واقع وآفاق التغير المناخي.. دراسة تحليلية تحاول إبراز أن التغير المناخي قضيتان: إيكولوجية وابستمولوجية
هوية بريس – د. عبد الغني بقاس*
واقع وآفاق التغير المناخي.. دراسة تحليلية تحاول إبراز أن التغير المناخي قضيتان: إيكولوجية وابستمولوجية[1]
تقديم
I – التغير المناخي قضية إيكولوجية ذات انعكاسات متعددة:
I – 1 – الإنعكاسات الإيكولوجية للتغير المناخي:
I – 1 – 1 – ارتفاع مستوى سطح البحر
I – 1 – 2 – ارتفاع وتيرة انقراض التنوع البيولوجي
I – 1 – 3 – حدوث العواصف الشديدة
I – 1 – 4 – تضرر الموارد المائية العذبة
I – 1 – 5 – تلوث الهواء
I – 1 – 6 – تدهور الأراضي الهامشية واتساع التصحر
I – 2 – الإنعكاسات الاقتصادية والاجتماعية للتغير المناخي:
I – 2 – 1 – الإنعكاسات الفلاحية للتغير المناخي
I – 2 – 2 – الإنعكاسات الصناعية للتغير المناخي
I – 2 – 3 – الإنعكاسات التجارية للتغير المناخي
I – 2 – 4 – الإنعكاسات السياحية للتغير المناخي
I – 2 – 5 – الإنعكاسات الاجتماعية للتغير المناخي
I – 3 – الإنعكاسات الصحية للتغير المناخي:
I – 3 – 1 – الإنعكاسات الصحية لارتفاع معدلات درجات الحرارة
I – 3 – 2 – الإنعكاسات الصحية للأمطار الغزيرة
I – 3 – 3 – الإنعكاسات الصحية لارتفاع مستوى مياه البحر
I – 3 – 4 – الإنعكاسات الصحية لتلوث الهواء
I – 4 – التغير المناخي والعلاقات الدولية
II – التغير المناخي قضية ابستمولوجية من أمثلة تأزم الفكر البشري المعاصر:
II – 1 – التغير المناخي و الجغرافية السلوكية
II – 2 – كيف يمكن إنقاذ الأرض من دمار بيئي محقق؟
II – 3 – تعثر الإجراءات بتعارض المصالح
II – 4 – أفرز موضوع التغير المناخي معاناة البشرية المعاصرة من إعاقة فكرية:
II – 4 – 1 – نتجت الإعاقة الفكرية عن اختلاف وتناقض المناهج والإيديولوجيات
II – 4 – 2 – المنهج في العلوم الإنسانية مرتبط بالمرجعية الفلسفية- العقائدية لكل باحث
II – 4 – 3 – الحاجة ملحة إلى تقويم الإبستمولوجية المعاصرة
II – 5 – خالق الكون جعل له أسبابا تمثل سنن توازنه:
II – 5 – 1 – من سنن الله أن جعل التغير المناخي ليس تغيرا في العناصر المناخية
II – 5 – 2 – من سنن الله عدم اعتباطية الجريان السطحي للأنهار
II – 5 – 3 – من سنن الله أن جعل النباتات تمتص ثاني أوكسيد الكربون
II – 5 – 4 – من سنن الله أن قرن بين الإنحراف النظري والعملي للإنسان وبين العقوبات الكونية
II – 5 – 5 – من سنن الله التاريخية مؤاخذة المفسدين ونجاة المصلحين
خلاصة.
تقديم:
عادة ما يطلق مصطلحي التغير المناخي والاحتباس الحراري على مسمى واحد، والصواب أنهما متغايرين؛ إذ يعني الاحتباس الحراري ارتفاع متوسط درجة الحرارة قرب سطح الأرض، بينما يعني التغير المناخي؛ ما يحدث للغازات داخل طبقات الغلاف الجوي من تغيرات، وخاصة غاز ثاني أوكسيد الكربون، مما يحدث خللا في عناصر المناخ ؛ كالحرارة والأمطار، وغيرها من التغير التي يتم قياسها على مدار عقود أو فترات أطول.
حسب أندروس جودي؛ فإن التغير المناخي ما هو إلا جزء من التغيرات البيئية، التي تشمل “تغير كل من مستوى سطح البحر والتجمعات النباتية وحدود الصحراء ومستوى البحيرات وتصريف الأنهار وتكرار الأعاصير والغطاء الجليدي البحري وأعداد الثدييات وأمور أخرى كثيرة”[2].
“يتكون غاز ثاني أوكسيد الكربون عند احتراق أي مادة عضوية في الهواء، ولا يختلف في ذلك الخشب أو الورق عن الفحم أو زيت البترول”[3].
لغاز ثاني أوكسيد الكربون دورة مغلقة، يستهلك خلالها من الكائنات، ثم ما يلبث أن يعود الى الغلاف الجوي؛ فاحتراق الوقود والغابات، وحرق البترول والفحم، وعملية التنفس عند الإنسان من شهيق وزفير، وتحلل المواد العضوية، كلها تطلق غاز ثاني أوكسيد الكربون، الذي ما يلبث أن يعود من خلال الأمطار الحمضية أو بامتصاصه من قبل المسطحات المائية، حيث يتحد مع بخار الماء؛ فيكون دقائق الجير التي تترسب في أعماق البحار والمحيطات. كذلك فإن نسبة كبيرة من الكربون تتحول الى مواد مختزنة كالفحم والبترول، الذي يبقى مختزن في جوف الأرض، ثم ما يلبث أن يعود للاستخدام بعد أن يخرجه الإنسان، هذا بالإضافة الى كمية الكربون التي تختزن على صورة أحجار كلسية.
يشكل غاز ثاني أوكسيد الكربون حوالي 0.03% من الغلاف الجوي، وبزيادة كميته عن هذه النسبة تحدث المشاكل البيئية والصحية.
لم تدرك البشرية مقدار خطر تلوث الغلاف الجوي على تغيير مكونات غازات الغلاف الجوي وتلوثه إلاّ منذ ظهور النهضة الصناعية في الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية. ومنذ ذلك الحين تميزت مدنها الصناعية بكثرة تعرضها للضباب الأسود القاتل، وزيادة تلوث هوائها بالغبار والدخان وغازات ثاني أوكسيد الكربون وأول أوكسيد الكبريت الناتجة عن النشاط الصناعي فيها، ومن بين الكوارث التي حدثت بسبب تلوث الهواء في المدن الصناعية، ما حدث في مدن حوض نهر الميز في بلجيكا سنة 1930، وفي مدينة بنسلفانيا بو.م.أ. سنة 1948، وفي مدينة لندن سنة 1952، مما راح ضحيته أكثر من أربعة آلاف حالة وفاة بسبب تراكم الضباب الأسود، واستنشاق الدخان الصناعي والغازات الكبريتية المركزة في الهواء.
أخطر هذ التأثيرات؛ “تتمثل في ذوبان أجزاء شاسعة من الكتل الجليدية في القارة القطبية، وزيادة حجم الكتل المائية في المحيطات والبحار الداخلية، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع منسوب سطح البحر بشكل ملحوظ ومؤثر، وطغيان البحر بالتالي على أجزاء واسعة من اليابسة، فيما يشبه طوفانا ثانيا كبيرا”[4]
“وأخذ الساسة والعلماء يتبادلون الإتهامات وقد تناسوا أن البيئة لاتعرف الحدود السياسية”[5]
مما ستترتب عليه انعكاسات خطيرة تهم الأنظمة الإيكولوجية والبنى التحتية والأنشطة الاقتصادية، فضلاً عن نزوح السكان وما يليه من أزمات اجتماعية وسياسية، وتوثرات في العلاقات الدولية.
I – التغير المناخي قضية إيكولوجية ذات انعكاسات متعددة:
أضاف خبراء المناخ التغييرات المناخية إلى قائمة الأخطار التي تهدد الحضارة البشرية بعد الخطر النووي الذي يشكل أكبر خطر على الإنسانية.
وقال عالم الفلك الإنجليزي السير مارتن ريس بأن تأثيرات الأنشطة البشرية على المحيط الحيوي من الأرض والمناخ والمحيطات لم يسبق له مثيلا، منذ سقوط القنبلة الذَّرية على مدينتي هيروشيما وناكازاكي. وأنها تمثل تهديدات بدون أعداء. كما ذكرعالم الفيزياء البريطاني الشهير ستيفن هوكينج من أن التغير المناخي أشد خطرا علي كوكب الأرض من الإرهاب.
ويتوقع خبراء الجيولوجيا والبيئة بأن التغيرات التي ستطرأ في كوكب الأرض خلال خمسين سنة المقلبلة؛ تعادل حجم التغيرات على كوكب الارض لمدة 4 ملايين سنة مضت.
من أهم آثار التغير المناخي؛ ارتفاع مستمر ومتسارع لدرجة الحرارة على المستوى العالمي؛ يتراوح حسب بعض التوقعات من 1,1 درجة إلى 6,4 درجة مائوية بحلول سنة 2100.
إلا أنه ينتج عن هذا التأثير حالات تعارض يمكن ذكر بعضها:
– ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار متر إلى خمسة أمتار سيهدد بعض السواحل، هذا التهديد لا يكون مفاجئا لأن مستوى سطح البحر سيرتفع تدريجيا خلال السنين مما قد يعطي الناس فرصة للرحيل أو رفع المباني أو السدود[6]. إلا أن الخطر الداهم قد ينتج عن العواصف المدمرة التي تهب أحياناً على السواحل وتسبب امواجا عاتية قد تحمل مياه البحر بعيدا نحو الداخل، مما سيؤدي إلى انجراف التربة وتحويل مناطق فلاحية إلى أراضي غير صالحة للزراعة، الأمر الذي سيؤثر بشكل خطير على الأمن الغذائي ليشمل مئات الملايين من البشر.
– انقاص كميات المياه في مناطق أخرى عن طريق زيادة التبخر والنتح، مما سيؤدي إلى انتشار الجفاف في مناطق عديدة من المعمور ولاسيما المناطق الإفريقية.
– زيادة درجة حرارة كوكب الارض يعتبر مفيدا لعروض المناخات الباردة، من خلال إطالة موسم الزراعة وبالتالي ستصبح الارض الزراعية أكثر انتاجا[7]. إلا أن العلماء ليسوا متأكدين أي من مناطق العالم ستواجه الفيضان أو الجفاف.
يضاف إلى ظواهر ندرة المياه الحادة في بعض مناطق العالم المذكورة سابقا، ظواهر الأحداث المناخية العنيفة مثل الإعصارات الاستوائية أو العواصف التي تتركز في مكان وزمان محدودين، وتزداد خطورتها على المنحدرات الجبلية أو على مساحات تفتقر لغطاء غابوي واق. ولقد أضحت فجائية هذه الأحداث هي القاعدة؛ بحيث لم يعد من الممكن وضع توقعات موثوقة لأحوال الطقس.
مست آثار التغير المناخي كل المجالات؛ إما بشكل مباشر أو غير مباشر، بدء بالمجال البيئي إلى المجال الصحي، مرورا بالمجالات الاقتصادية والاجتماعية والدبلوماسية.
I – 1 – الإنعكاسات الإيكولوجية للتغير المناخي:
للبيئة مدلولات معنوية متعددة؛ كالبيئة الاجتماعية، البيئة الصحية، البيئة السياسية وغيرها. يهمنا منها هنا مدلولها الطبيعي، إذ تعتبر بمثابة الإطار الذي يعيش فيه الإنسان ويستمد منه كل مقومات حياته[8]، بينما أعطاها مؤتمر ستوكهولم سنة 1972، فهما متسعا؛ بحيث أصبحت لا تدل على مجرد عناصر طبيعية كالماء والهواء والتربة والمعادن ومصادر الطاقة والنباتات والحيوانات، بل هي رصيد الموارد المادية والاجتماعية المتاحة في وقت ما وفي مكان ما لإشباع حاجات الإنسان وتطلعاته.
على صعيد العالم العربي، يعتبراليوم الرابع عشر من شهر أكتوبر؛ مناسبة تحتفل فيه الدول العربية بيوم البيئة العربي، وهو اليوم الذي عُقد فيه الاجتماع الأول للوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة في تونس سنة 1986، ليبدأوا مسيرة التعاون العربي البيئي.
لذلك أصبحت آثارالتغير المناخي على الصعيد البيئي محطة اهتمام وطني وإقليمي ودولي، من أخطر هذه الآثار:
I – 1 – 1 – ارتفاع مستوى سطح البحر:
إن ذوبان الجبال الجليدية والتمدد الحراري لمياه البحار من أهم أسباب ارتفاع مستوى سطح البحر، مما يهدد مناطق الأراضي المنخفضة والجزر الصغيرة؛ لقد ارتفع مستوى سطح البحر على مستوى العالم بمقدار 15 سم خلال القرن الماضي، وفى ظل التغير المناخي القائم فإنه من المحتمل بحلول 2030 أن يصل ارتفاع مستوى سطح البحر الى 18 سم وإذا ما استمرت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الحالية فى الازدياد، فبحلول 2100 سيرتفع مستوى سطح البحر بمقدار 65 سم عن مستواه الحالي.
إن معظم الأراضي الساحلية المهددة غير محمية وبها كثافة سكانية عالية وذلك في بعض الدول شديدة الفقر . شواطئ دولة بنجلاديش معرضة للتدمير الفيضاني ، ستصبح ضحية مثلها مثل العديد من الجزر الصغيرة كجزر دولة المالديف.
ويؤكد العلماء أن الذوبان الكامل للأماكن الجليدية في غرويلاند[9]، سيؤدي إلى ارتفاع مستوى المحيطات بسبعة أمتار، مما قد تكون له انعكاسات مأساوية بالنسبة لأكثر من %60 من ساكني العالم الذين يعيشون على أقل من 100 كيلومتر من الشواطئ ومصبات الأنهار.
بينما كشف وزير البيئة الاندونيسي راشمات وثيلار ان ارتفاع حرارة الارض يهدد 2000 جزيرة من جزر الارخبيل الاندونيسي بالغرق بحلول سنة 2030 وذلك بسبب استمرار ذوبان جليد القطب وارتفاع مستوي البحار والمحيطات بينما أعلن الرئيس مأمون عبدالقيوم رئيس جمهورية المالديف التي تتكون من مجموعة جزر ان بلاده قد تختفي من الوجود تماما خلال قرنين من الزمان بسبب تغيرات المناخ.
و قد ذكر المصري خالد عودة أحد أبرز علماء الجيولوجيا في العالم، بأن مناطق عديدة سوف تتعرض لغرق مساحات شاسعة، وخاصة المدن الساحلية مثل البندقية والإسكندرية ودمياط وبورسعيد والدول الساحلية ذات الأراضي المنخفضة عن سطح البحر مثل البنجلادش وسريلانكا وإندونيسيا وفيتنام وتونس وسيراليون والصومال وموزنبيق وأراضي الدلتات مثل دلتا المسيسبي بفلوريدا ودلتا النيل بمصر وكثير من الجزر بالمحيط الهادي والأطلسي والهندي.
I – 1 – 2 – ارتفاع وتيرة انقراض التنوع البيولوجي:
أثرت الأنشطة البشرية في المناطق البيولوجية، وخاصة الغابات الاستوائية الرطبة؛ بتحويل مساحات غابوية إلى حقول زراعية، وفي السهول الساحلية والأنظمة البيئة الشاطئية، تؤدي هذه الظواهر إلى ارتفاع وتيرة انقراض التنوع البيولوجي.
ومن الممكن أن تتسارع وتيرة الانقراض. فأكثر من 000 16 نوع مما تم تحديده يعتبر مهددا. ومن بين مختلف مجوعات الفقريات التي تم تقدير أعدادها بشكل شامل، تعتبر 30 % من البرمائيات و23 % من الثدييات و12 % من الطيور مهددة بالانقراض. أما فقريات المياه العذبة فقد تقلصت أعدادها بسرعة أكبر من الأنواع البرية أو البحرية حيث انخفضت أعدادها بـ 50 % بين 1987 و 2003، ويتوقع العلماء أن تتعرض جميع المنظومات الطبيعية إلى تهديد شديد بما فيها الأنهار الجليدية والغابات الاستوائية وغابات البحر الأبيض المتوسط والشعب والبحيرات المرجانية؛ يقول بيرنارد سالفاط Bernard Salvat الأستاذ بجامعة بيربينيان Perpignan والمتخصص في البيئة المدارية؛ يقول بأنه على مساحة 000 600 كيلومتر مربع من البحيرات المرجانية، يقدر بأن 20 % من الشعب قد دمرت بشكل نهائي، أو أن حظوظ إنقاذها ضئيلة، وأن 25% منها توجد في حالة خطيرة و25% مهددة و3% فقط هي التي توجد في حالة مقبولة.
وحيث أن هذه الأنواع المختلفة مرتبطة بعضها مع بعض بشبكة متكاملة، فمن الممكن أن تدمر نظم بيئية بأكملها.
I – 1 – 3 – حدوث العواصف الشديدة:
يؤدي ارتفاع معدل درجات الحرارة للغلاف الجوي ومياه البحار إلى زيادة عمليات التبادل في الطاقة، حيث تخلق موجات من الأعاصير الحلزونية الاستوائية المعروفة بـ«السيكلون» والأعاصير العميقة المعروفة «بالتورنادو».
يعتبر إعصار التورنادو من أكثر العواصف الجوية تدميرا، يتكون عندما يزحف هواء قطبي بارد فوق هواء مداري دافىء رطب قادم من خليج المكسيك. غالبا ما يتكون في البحر ثم ينتقل إلى البر.
كيف تتكون العواصف والأعاصير والزوابع العاصفة؟
إذا سخن الماء في بقعة معينة من المحيط؛ يتعرض الغلاف الغازي للتدفئة؛ فيرتفع إلى أعلى لخفة وزنه جاذبا معه الهواء البارد، يبدأ الهواء البارد في تغليف الهواء الساخن على شكل عمود في حركة حلزونية، فيتحرك تيار الماء حركة قد تفوق أحيانا المائتي كيلومتر في الساعة، فتحمل كميات هائلة من الماء تدمر الشواطئ.
إذا احتكت العواصف باليابسة تفقد جزء من سرعتها، لكن على حساب اقتلاع العطاء النباتي وتدمير الزروع والعمران. وترجع السرعة المدمرة للرياح المرافقة للإعصار إلى صغر مساحته و شدة تدرج الضغط الجوي، فأغلب أعاصير التورنادو لا يزيد عرضها عن كيلومترين، بينما تصل سرعة الرياح إلى 500 كلم في الساعة.
أما مصدر الطاقة فيرجعه علماء المناخ إلى الطاقة الكهربائية المتراكمة في الإعصار بفعل شدة البرق[10].
I – 1 – 4 – تضرر الموارد المائية العذبة:
عرفت مصادر المياه العذبة تدهوراً كبيراً في الآونة الأخيرة لأسباب عديدة أهمها:
– قصور خدمات الصرف الصحي؛ وهي مياه المجارى، تحتوى على أنواع من الجراثيم الضارة نتيجة للمخلفات التي تُلقى فيها ولا تُحلل بيولوجياً، مما يؤدى إلى انتقالها إلى مياه الأنهار والبحيرات.
– التخلص من مخلفات الصناعة بدون معالجتها، وإن عولجت فيتم ذلك بشكل جزئي. وخاصة المخلفات السائلة الناتجة عن الصناعات الكيماوية؛ كالمنتجات الأسمنتية ومنتجات البلاستيك، والمنظفات والصباغات وتكرير البترول. مما يجعل المياه تفقد حيويتها بدرجة تصل إلى انعدام الأكسجين الذائب بها، ومن ثَّم تنشط البكتريا اللاهوائية فى ظل انعدام الأكسجين الحيوى فيحدث تخمر وتتعفن المياه. كما تتسرب المواد الملوثة والمعادن الثقيلة إلى المياه الجوفية. لتنقل الميكروبات المعوية المعدية فى حالة وصولها إلى طعام الإنسان.
لذلك فإنه في حدود سنة 2100 سيصعب على دول العالم مواجهة خسائرها نتيجة تزايد الطلب على المياه العذبة، في وقت تتزايد فيه أعداد السكان.
I – 1 – 5 – تلوث الهواء:
يتألف الهواء في الحالات العادية من التركيبة الكيماوية التالية:
– غاز النيتروجين بنسبة 78%
– غاز الأكسجين بنسبة 21%
– غازات أخرى 1%
عندما تدخل مركبات أخرى للهواء يصبح الهواء ملوثاً، أخطرها الدخان المنبعث من المصانع والسيارات والسجائر، وتمثل المدن الصناعية الكبرى فى جميع أنحاء العالم؛ أكثر المناطق تعرضاً للتلوث.
يعتبر الهواء أكثر العناصر المكونة للبيئة عرضة للتلوث، لكون الملوثات الغازية تُحمل عبر مسارات الرياح، مما يؤثر فى التربة والماء والنبات والغذاء ثم الإنسان. وتكمن الخطورة في أن الهواء هو الأكثر طلباً للكائنات الحية من الماء والتربة، فالفرد الواحد يحتاج يوميا كمية من الهواء تعادل ستة أضعاف حاجته للماء وعشرة أضعاف حاجته للطعام. ينجم عن حاجته هذه ازدياد الخطورة على صحته.
I – 1 – 6 – تدهور الأراضي الهامشية واتساع التصحر:
التصحر حسب مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة والتنمية سنة1992؛ عبارة عن تدهور الأراضي في المنظومات البيئية الجافة، نصف الجافة وشبه الرطبة، تحت تأثير عوامل متعددة تضم إلى جانب الأنشطة البشرية التغير المناخي.
وهو حسب منظمة الفاو بروما؛ تهدم الإمكانات البيولوجية للأرض بشكل يؤدي إلى بروز مظاهر صحراوية.
إلا أن امتداد المجالات المتصحرة لا يتم بالإلزام عند الهوامش المباشرة للصحراء، بل على شكل جيوب بعيدة في بعض الحالات؛ بسبب ظروف محلية، قد تتصل هذه الجيوب فيما بينها بعد ذلك؛ مؤدية إلى تعميم ظاهرة التصحر في الهوامش الأصلية للصحراء.
من بين مؤشرات التصحر:
– تراجع الغطاء النباتي تحت وطأة الاستغلال أوانجراف التربة، أو تعريتها بالرياح من عناصرها الدقيقة الخصبة.
– تمليح الأراضي تحت وطأة نمط سقي غير رشيد لم يرافقه تصريف دائم للمياه في مجالات أصلا غنية.
– نزول مستوى الفرشة المائية الباطنية وتجفيف القطاع الترابي، يعتبر مؤشرا هاما لانطلاق مسلسل التصحر.
بلغ مجموع الأراضي المتصحرة، حسب معطيات برنامج الأمم المتحدة للبيئة، 950 مليون هكتار في نهاية الثمانينات، بينما توجد 4500 مليون هكتار أخرى مهددة بالتصحر.
I – 2 – الإنعكاسات الاقتصادية والاجتماعية للتغير المناخي:
سبب التغير المناخي في 30 سنة الأخيرة خسائر اقتصادية فادحة: تقدر في وم أ بحوالي 26 مليار دولار خلال سنة 2004 بسبب الأعاصير. وبلغ حجمها في أوربا 17 مليار يورو سنة 2003 بسبب موجة الحر.
إلى درجة أن وزارة الخزانة البريطانية؛ أصدرت تقريرا حذرت فيه من أن التغير المناخي سوف تكون لها انعكاسات مدمرة على الاقتصاد العالمي؛ قد تفوق الآثار التي سببتها الحربان العالميتان، وأن مواجهة هذه الإنعكاسات سوف تكلف العالم ما بين 5 و20 % من اجمالي الدخل لمختلف دول العالم سنويا.
وأظهرت إحصاءات مجموعة ميونيخ للتأمين أنه ما بين سنتي 1950 و1999 أدت الكوارث الطبيعية الكبرى، التي تعود أسباب معظمها إلى أحوال الطقس والمناخ، إلى خسائر لشركات التأمين بلغت 141 بليون دولار؛ نتيجة الخسائر في الأرواح والممتلكات.
يؤدي كل ذلك إلى تداعيات اجتماعية بسبب هجرات جماعية من المناطق المتأثرة إلى مناطق أخرى أحسن حظا؛ سواء داخل الدولة الواحدة أو دول الجوار أو دول أخرى. مما سينتج عنه ضغوط متزايدة على الموارد البيئية.
I – 2 – 1 – الإنعكاسات الفلاحية للتغير المناخي:
إذا كان المناخ يؤثر في الفلاحة، فإنه يسهم في زيادة تقلباته وتغيراته. بمعنى أن المناخ يؤثر في جميع القطاعات الفلاحية؛ إذ يعزى ما بين 10 و100% من تفاوتات الإنتاج إلى التقلبات المناخية. إضافة إلى الخسائر المرتبطة بالأعاصير والفيضانات.
إلا أنه تأكد لدى المختصين أن أعمال الفلاحة التقليدية، واستخدام الأسمدة التقليدية تمثل مصدرا لنسبة 70% من أكاسيد الأزوت. وأن المصادر الزراعية مسؤولة عن حوالي 30 % من ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض في العالم.
إن الإنعكاسات المحتملة للتغير المناخي على الإنتاج الفلاحي، لن تعمم على الصعيد العالمي؛ فبينما يتوقع انخفاض في حجم المحاصيل الزراعية والثروات الحيوانية في أفريقيا وأغلب مناطق أمريكا الجنوبية وآسيا، ستستفيد بعض البقاع الأخرى، باتساع نطاق الزراعة في نيوزيلندا وشمال روسيا وأمريكا الشمالية.
إلا أن أخطر الإنعكاسات الفلاحية للتغير المناخي تتلخص في:
– ارتفاع مستوي سطح البحر سيهدد بفقدان مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة.
– تهديد البنية الأساسية للفلاحة؛ والمتمثلة في الموارد المائية والتربة؛ سواء على مستوى الكميات القابلة للاستغلال أو على مستوى جودتها.
– تهديد الغطاء النباتي؛ إما باحتدام الحرائق والإجتثات، وبما أن الأشجار جالب رئيسي للأمطار فإن ذلك يسهم في التذبذبات المطرية.
– تضرر الإنتاج الزراعي البعلي (البوري)؛ والإنتاج الحيواني، إثر تعاقب سنوات الجفاف، أو الفيضانات.
– تضرر زراعة القمح والحبوب من جراء عدم انتظام الأمطار زمنيا ومكانيا، مما يؤثر سلبا في إنتاجية محصول القمح؛ أحد أهم ركائز الأمن الغذائي العالمي.
– ارتفاع درجة الحرارة قد يؤدي إلى انتشار الأعشاب الضارة.
– زيادة ملوحة المناطق الساحلية سوف تؤثر في الزراعة الساحلية وإمدادات المياه.
– تداخل الفصول الأربعة مع بعضها البعض؛ مع زيادة متوسط كمية الأمطار في العالم بنسبة تصل إلى 5 %، مع تكثيف وتسريع معدل دوران المياه في الجو؛ نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة معدلات النتح والتبخر؛ أي حدوث تغييرات ملموسة في التوزيع الجغرافي للأقاليم المناخية، وما يرتبط بها من انتقال النظم البيئية والنباتات والحيوانات إلى مناطق جديدة؛ قد يؤثر إيجابا على الإنتاج في المناطق المعتدلة وسلبا في المناطق المدارية.
يتوقع أن ينتج عن ذلك إتلاف لبعض المنتوجات الزراعية، أوانتقال بعضها من منطقة لأخرى، مما يتطلب إجراء دراسات علمية متخصصة لفترة نمو المحاصيل و مدى تحملها ارتفاع درجات الحرارة، ويفرض إعادة النظر في النمط الزراعي؛ باستبدال زراعات تتأقلم مع التغير المناخي، سواء من حيث التذبذبات المطرية أوالحرارية.
وحسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة، لقد مرت تكلفة إصلاح الأراضي المتدهورة من 26 إلى 42 مليار دولار في السنة ما بين 1980 و1991. أما الخسارات السنوية الناجمة عن تدهور الأراضي في المجالات الجافة فهي تقدر ب 26 مليار دولار وهو ما يمثله تراجع الإنتاجية الفلاحية.
I – 2 – 2 – الإنعكاسات الصناعية للتغير المناخي:
إذا كان التغير المناخي يؤثر في الصناعة، فإنه المتهم الأول المسؤول عن هذه التغيرات، إذ أن حدوث تغيرات في درجات الحرارة والرطوبة والأمطار والرياح وغيرها من عناصر المناخ، يؤثر في تكلفة المواد الخام والمياه والطاقة، وفي البنى التحتية اللازمة للصناعة، ويؤثر في تنافسية واستمرارية المشاريع الصناعية، والتنمية الصناعية عموما.
غير أن الدول الصناعية الكبرى لها وجهة نظر أخرى؛ تدعي فيها أن التزامها بقرارات المؤتمرات الدولية؛ يُحمِّل صناعتها خسائر كبيرة ويفقدها الملايين من فرص العمل، وأن النمو الصناعي يعتبر حلا للتغير المناخي وليس سببا له، إذ توفر الأموال التى يمكن استثمارها فى تنمية واستخدام التقنيات الصديقة للبيئة، وتقديم حوافز تشجيعية للشركات والأفراد؛ ويؤدى في النهاية إلى خفض الملوثات اختياريا لا إلزاميا.
وقد انسجم موقف الدول الصناعية، مع موقف الدول المنتجة للنفط؛ باعتبار أن التزامها بالإتفاقيات الدولية سيؤدي إلى إغلاق أسواق منتجها الوحيد. وتطالب بتعويضات عن الخسائر وفق نصوص هذه الإتفاقيات.
I – 2 – 3 – الإنعكاسات التجارية للتغير المناخي:
يؤثر التغير المناخي على السير التجاري العادي، وخاصة الجوي، يتمثل أوضح مثال في توقف الملاحة الجوية بأوربا مدة أسبوع خلال أبريل 2010، إثر ثوران بركان إيسلاندا.
اقترحت الدول الصناعية بفتح أسواق الدول النامية؛ وخفض التعريفة الجمركية على سلع التكنولوجية النظيفة، مثل أبراج الرياح والألواح الشمسية، بدعوى أنها لا تملك التكنولوجية اللازمة لصنع سلع صديقة للبيئة. إلا أن الدول النامية تتخوف من هذا الإقتراح، وتعتبره من النوايا التجارية الخفية للدول الصناعية؛ والتي ستؤدي إلى إغراق أسواقها؛ بحجة ترويج السلع الصديقة للبيئة، على حساب تنمية إنتاجها المحلي، وتكريس التبعية الصناعية والتجارية.
وفي هذا الصدد حذر مجلس الوزراء العرب في دورته 19 دجنبر2007؛ من عواقب اتجاه الدول المتقدمة إلى تشجيع الدول النامية على زراعة المحاصيل المنتجة للوقود الحيوي عوض الغذاء، وشجع انتاجه من المخلفات العضوية. تفاديا لتكريس المزيد من التبعية الغذائية، وبالتالي تهديد أمنها الغذائي.
مما جعل الخبراء الاقتصاديين يعتبرون أن الدول الصناعية الكبرى لا تتعامل مع مسألة إيجاد حلول للتغير المناخي بدافع الحرص على مستقبل البيئة العالمية فحسب، بل وأساسا بدافع حسابات الأرباح والفرص الاستثمارية والتجارية التي توفرها حلول المشاكل المناخية.
في سبيل التوسع في استخدام الطاقة المتجددة وتخفيض حجم الانبعاثات الضارة، قد تلجأ العديد من الدول الكبرى إلى فرض العديد من القيود والحواجز الجمركية، على الدول التي لا تتخذ تدابير للحد من الانبعاثات الضارة، وهو ما قد يزيد من حجم الصراعات الدولية المتعلقة بالقيود الحمائية على الدول.
وعند النظر – على سبيل المثال – إلى السياسة الأمريكية الجديدة المتعلقة بالطاقة والمناخ من خلال (مشروع قانون التغير المناخي) الذي أجازه مجلس النواب الأمريكي، ويلزم الشركات الأمريكية بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة الأخرى بنسبة 17% بحلول سنة 2020 وبنسبة 83% بحلول سنة 2030، وفرض عقوبات تجارية وضرائب باهظة على الدول التي لا تتخذ خطوات في سبيل تقليل حجم الإنبعاثات الدفيئة، نجد أن هذا القانون من شأنه أن يخلق مجموعة من الصراعات الدولية المستقبلية؛ خاصة إذا حذت العديد من الدول الكبرى نفس التوجه الأمريكي، والذي من الممكن أن يخلق حالة من الفوضى والصراعات التجارية بين الدول، وانتقال العديد من الشركات الدولية نحو الدول التي تتمتع بمزايا تنافسية، وتتخذ العديد من الخطوات نحو تخفيض حجم الانبعاثات الضارة.
وواقعياً ثمة تنامٍ واضحٍ لما يعرف باسم (الحمائية الخضراء)، فالاتحاد الأوروبي قد وضع قيودا على دخول أنواع الوقود الحي التي لا تتوافق مع المعايير البيئية، وهدد في سنة 2008 ثمانية من الدول النامية باتخاذ إجراءات قانونية أخلت مكونات لا تنطبق عليها هذه المعايير. وكذلك معروف أن ثمة قوانين تجارية حمائية تخلق توترات راهنة بين الدول النامية والدول المتقدمة وأبرزها ما يتعلق بحق حماية الوظائف المحلية.
ومن ثم فإن أحد أهم مصادر الصراعات المستقبلية؛ يتعلق بانتشار سياسات الحمائية التجارية الخضراء، ولجوء العديد من الدول إلى فرض عقوبات وقيود على الدول التي لا تلتزم بالقيود الحمائية والاشتراطات البيئية.
I – 2 – 4 – الإنعكاسات السياحية للتغير المناخي:
لم تنجُ السياحة بدورها من انعكاسات التغير المناخي، إلا أن الإزدهار السياحي يسهم بدوره في زيادة نسبة انبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون، من خلال النقل الجوي والبري، خاصة وأن رئيس منظمة السياحة العالمية نشر أن عدد السياح عالميا بلغ 610 مليون سنة 2008.
تتلخص الإنعكاسات السلبية لارتفاع درجة حرارة الأرض؛ في فقدان التنوع البيولوجي، وفقدان الشعاب المرجانية، وتراجع الغابات، وغرق مواقع سياحية ساحلية، مما يهديد مواقع جذب سياحي.
I – 2 – 5 – الإنعكاسات الاجتماعية للتغير المناخي:
إذا كانت هذه الإنعكاسات تهم كل دول العالم؛ فإنها بالبلدان المتخلفة تبرز معاناتها أكثر؛ بسبب محدودية قدراتها ومصادرها اللازمة من أجل تلطيف هذه الإنعكاسات أو التكيف معها. يمكن إجمالها فيما يلي:
– تمثل ظاهرة التصحر المتفاقمة بسبب التغير المناخي، أخطر هذه الإنعكاسات؛ فحسب تقرير لجامعة الأمم المتحدة نشر في يونيو 2007؛ فإن الدول ستواجه حركات هجرة واسعة النطاق، إذا لم تضع سياسات لمكافحة التصحر.
ويؤكد نفس التقرير بـأن فقدان الأرض لإنتاجيتها يمثل تهديدا بمجاعة 600 مليون نسمة سنويا، إضافة الى تشرد سبعة ملايين نتيجة الفيضانات. وهجرة حوالي 50 مليون نسمة، خلال العشر سنوات المقبلة.
– يمثل الجليد مصدر حياة ملايين البشر؛ بحكم أنه يغطي القمم شتاء، بينما تبدأ في الذوبان في الربيع والصيف؛ فتنساب المياه إلى السهول، فإذا نفِذ الجليد بسبب ارتفاع حرارة الأرض ستضطر أعداد كثيرة من السكان إلى الهجرة.
– انهيار أنظمة الزراعة نتيجة الجفاف والفيضانات وارتفاع دراجات الحرارة، وتقلب مواسم نزول الأمطار، سيعرض الملايين لسوء التغذية.
– تؤوي المناطق الساحلية عبر العالم؛ أعدادا مهمة من السكان، اعتبارا لثرواتها وللإمكانيات الاستثمارية التي تتيحها. وبالنظر لتأثيرات الاحترار المرتقبة، ولا سيما الفيضانات وارتفاع منسوب المياه؛ فإن مساحات مهمة منها ستغمرها المياه مستقبلا، وهذا ستترتب عليه عواقب خطيرة عديدة تهم البنى التحتية والأنشطة الاقتصادية والأنظمة البيولوجية ، فضلاً عن نزوح السكان وما يليه من أزمات اجتماعية.
أمام كل هذه الإنعكاسات؛ يتحتم التزام كافة الدول بالاتفاقيات الدولية؛ وخاصة منها اتفاقية كيوتو باليابان سنة 1998، والتي دخلت حيز التنفيذ سنة 2005، وقمة كوبنهاكن بالدنمارك دجنبر 2009.
إلا أن هذه الإلتزامات يجب أن تراعي الفوارق السوسيواقتصادية بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة؛ إذ أنها ما زالت في طور النمو، وتحتاج إلى الطاقة الأحفورية لبناء تقدمها ونهضتها، وأن أولويتها الأولى ما زالت تنحصر في القضاء على الفقر، خاصة وأن الدول المتقدمة لم تحقق تقدمها الاقتصادي ونهضتها الصناعيــة بالاعتماد على الطاقـة الشمسية أو طاقة الرياح أو الوقود الحيوي؛ بل بالاعتماد على طاقة الفحم الملوث، حسب ما ورد في الإعلان الوزاري العربي حول التغير المناخي في دجنبر 2007.
I – 3 – الإنعكاسات الصحية للتغير المناخي:
أكد العلماء أن 12 مرضاً مميتاً تتراوح من أنفلونزا الطيور إلى الحمى الصفراء، من المرجح أن تنتشر بشكل أكبر بسبب التغير المناخي. وحذّروا من أنّ مصالح الصحة العمومية ربّما ستجد نفسها في وضع لا تكون فيه قادرة على السيطرة على تداعيات التغير المناخي، خاصة بعد تلوث المياه العذبة. من أخطر الإنعكاسات الصحية:
I – 3 – 1 – الإنعكاسات الصحية لارتفاع معدلات درجات الحرارة:
من المتوقع أن يؤدي ارتفاع معدلات درجات الحرارة و تزايد الرطوبة بمنطقة معينة، إلى توفير المناخ الملائم لتكاثر الحشرات وناقلات الأمراض. كما أن ذوبان أنهار الجليد في منطقة الهمالايا يهدد بغمر المناطق المنخفضة، ويخلق ظروفا غير صحية تنشأ فيها الأمراض. وأن ارتفاع درجات الحرارة لأكثر من 32 درجة مئوية؛ خاصة في المدن الكبرى المزدحمة بالسكان، يؤدي إلى إنهاك القلب والرئتين وهو ما يهدد بتضاعف عدد الوفيات خاصة من كبار السن.
ووفقا لدراسة قامت بها منظمة الصحة العالمية، فإن ارتفاع درجة حرارة الأرض الذي بدأ في السبعينات ظل يتسبب في ما يزيد عن 150 ألف وفاة سنويا حتى حلول سنة 2000. وقد استند هذا التقييم إلى دراسات حول تأثير الأمراض المرتبطة بالمناخ مثل الإسهال الذي يعتبر ثاني أخطر الأمراض المعدية المسببة لوفيات الأطفال؛ حيث يتسبب في حوالي 1.8 مليون حالة وفاة سنوياً.
I – 3 – 2 – الإنعكاسات الصحية للأمطار الغزيرة:
تؤدي الأمطار الغزيرة والمتكررة في العديد من الأماكن لحدوث الفيضانات؛ مما قد يساعد على تجمع وتكاثر الكائنات المسببة للأمراض والملوثات الأخرى.
كما يمكن أن تؤثر الفيضانات أيضا على تخزين المواد الكيميائية وعلى مرافق الصرف الصحي؛ مما يؤدي إلى تعريض جودة الإمداد بالمياه للخطر.
I – 3 – 3 – الإنعكاسات الصحية لارتفاع مستوى مياه البحر:
ارتفاع مستوى مياه البحر سيؤثر على طبقات المياه الجوفية في المناطق الساحلية ومناطق الفيضانات المنخفضة؛ مما يحد من توافر المياه العذبة. وهناك تقديرات بأنه في سنة 2030 سيرتفع خطر الإصابة بالإسهال بنسبة 10% في بعض البلدان بسبب ارتفاع مستوى مياه البحر.
I – 3 – 4 – الإنعكاسات الصحية لتلوث الهواء:
يوضح الجدول التالي الأضرار الصحية التي من الممكن أن تلحق بصحة الإنسان عند التعرض لهذه الملوثات:
الملوثات | الضرر |
– أكاسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين | – أمراض الرئة – إلحاق الضرر بالحيوان والنبات – تعمل على تآكل المواد المستخدمة فى الأبنية |
– الجسيمات العالقة | – تسبب الأمراض الصدرية |
– أول أكسيد الكربون | – يؤثر علي الجهاز العصبي – يحدث قصور في الدورة الدموية |
– الرصاص | – يسبب أمراض الكلي – يؤثر علي الجهاز العصبي وخاصة فى الأطفال |
– الضباب الأسود | – التهابات العين – تأثير سلبي علي الرئة والقلب |
من بين الكوارث التي حدثت بسبب تلوث الهواء في المدن الصناعية، ما حدث في بلجيكا سنة 1930، وفي مدينة بنسلفانيا بو.م.أ سنة 1948، وفي مدينة لندن سنة 1952، مما راح ضحيته أكثر من أربعة آلاف حالة وفاة بسبب تراكم الضباب الأسود، واستنشاق الدخان الصناعي والغازات الكبريتية المركزة في الهواء.
من شأن هذه الأمراض أن تؤثر على أداء العاملين والموظفين، فتقل إنتاجيتهم وترتفع مصاريف علاجهم؛ إذ قدرت ب300 إلى 700 مليون يورو سنوياً.
I – 4 – التغير المناخي والعلاقات الدولية:
يؤدي ارتفاع درجة الحرارة إلى زيادة في الجريان السطحي شتاء نتيجة لذوبان الثلوج، وإلى نقص في جريان المياه في فصل الربيع. ولما كانت منظومة المياه كالأنهار والبحيرات تتجاوز الحدود بين الدول وأن ثلثي الأحواض الضخمة لتجميع مياه الأنهار في العالم هي مناطق مشتركة بين بلدين أو أكثر، فمن المحتمل أن تزداد التوترات الإقليمية بين الدول نتيجة للتغير المناخي، يقول تقرير للأمم المتحدة أن نهرا واحدا من مجموع عشرة أنهار يفقد مصبه بالبحر كل سنة.
لذا يتوقع الخبراء بروز نزاعات حول مصادر المياه وحول مصادر الطاقة وتفعيل الأزمات الحدودية بين الكثير من الدول.
يبني العلماء توقعاتهم المستقبلية عن دراسات تاريخية تبين كيف أدى التغير المناخي في الماضي إلى المجاعات والحروب.
قال ديفيد تشانج أستاذ الجغرافيا في جامعة هونج كونج بأنه عندما تحدث هذه الأوضاع البيئية يميل الناس الى الإنتقال إلى مكان اخر. تؤدي هذه الانتقالات الكبيرة الى الحرب، كما حدث في القرن الثالث عشر عندما عانى سكان منغوليا من الجفاف فقاموا بغزو الصين.
وانطلاقا من أن التاريخ يعيد نفسه؛ فقد حذر خبراء البيئة من أن قارة آسيا؛ مرة أخرى؛ هي الأكثر عرضة للمخاطر الناجمة عن ارتفاع درجة حرارة الأرض، فنصف سكانها تقريباً يقطنون مناطق ساحلية هي الأكثر عرضة لكوارث طبيعية مثل الفيضانات والأعاصير الناجمة عن التغير المناخي، أي أن نحو ثلثي سكان العالم سيجدون أنفسهم على خط المواجهة الأول مع مخاطر التغير المناخي.
والأخطر من ذلك؛ أزمة المياه في منطقة الشرق الأوسط، إذ تعاني دوله من مشاكل بيئية مزمنة؛ الجفاف والتصحر وإفرازاتها على الوضع الزراعي والري ونضوب مصادر المياه؛ سواء الصالحة للشرب أو السقي. مما سيؤدي إلى احتدام الصراعات والنزاعات الإقليمية والدولية.
لذلك فالحروب القادمة لن تكون حروب بترول، وإنما حروب مياه، فمياه الشرق الأوسط الآن تتسرب إلى الكيان اليهودي المختصب، عن طريق الاتفاقيات والأحلاف العسكرية الجديدة بين إسرائيل وتركيا.
نشر الدكتور بيوار خنسي باحث جيولوجي هولندي؛ تقريرا عسكريا، يكمن مضمونه في بروز مشاكل متعددة في أغلب قارات العالم خلال الفترة ما بين 2010 – 2030:
ففي أوربا يتوقع أن تتعرض الى جفاف يدكي صراعات مسلحة بين دول الاتحاد الاوربي حول الغذاء وموارد المياه ومشاكل الهجرة.
اما في آسيا تتعمق النزاعات الحدودية بين بعض الدول لاسيما التي تعاني من مشاكل المياه ومن الهجرات الجماعية ( الصين، الهند).
اما في قارة أمريكا فيتوقع بروز نزاعات سياسة حول المياه بين أمريكا وكندا والمكسيك، حول هجرات بشرية من جزر الكاريبي بأتجاه أمريكا، وبروز مشاكل الصيد في المياه الاقليمية، وارتفاع أسعار النفط بسبب الوضع السياسي غير المستقر.
ومع التوجه العالمي نحو التوسع في استخدام الطاقة المتجددة قد يحدث انقلاب في موازين القوى العالمية؛ فالدول النفطية الغنية ستعاني من تدهور حاد في اقتصاداتها، مما قد يؤدي حتماً إلى تفجير الضغوط الاجتماعية التي تترجم في شكل “انتهازية سياسية” وصراعات إقليمية ناتجة عن توجه السياسيين إلى محاولة السيطرة على الثروة من الدول المجاورة.
II – التغير المناخي قضية ابستمولوجية من أمثلة تأزم الفكر البشري المعاصر:
كان المناخ يغير حياة الإنسان؛ فأصبح الإنسان هو الذي يغير المناخ[11]. “وذلك بما اقترف من أفعال خاطئة وسلوكيات استهلاكية أقل ما توصف به أنها جائرة وتفوق قدرة أي نظام بيولوجي أو إيكولوجي على الاستمرارية”[12].
II – 1 – التغير المناخي والجغرافية السلوكية:
من الإنعكاسات العلمية للأوضاع السابق ذكرها؛ ظهور مدارس جغرافية تحاول تفسير الظواهرالجغرافية؛ منها: الجغرافية السلوكية (الإنسانية)؛ ركزت اهتمامها على مسؤولية الإنسان في إعداد المجـــال الجغرافي؛ أكثر من اهتمامها بالمحددات المـادية والإقتصادية والإجتماعية؛ من أبرز رواد هذا الإتجاه الجغرافي:
ليونارد كيلك Leonard Guelke ثم إدوارد رالوه Edward Raloh و يي فو توان Yi Fu Tuan
من خلال كتابهما “الجغرافية الإنسانية” سنة 1976.
حاولوا المشاركة في تصور حلول لمشاكل المجال الجغرافي؛ مثل: مشكلة الطاقة و طرق استعمالها؛ مشكلة التصنيع والتدهور البيئي، انتهوا إلى استخلاص أن الإنسان هو المسؤول الأساس في المجال الجغرافي؛ بالنظر إلى دور سلوكاته إما سلبا أو إيجابيا؛ سلبا بالتمادي في تخريب المجال الجغرافي؛ إيجابيا بالعمل على تنمية المجال الجغرافي.
الناظر في التاريخ يشهد بأن أطروحة الإتجاه الجغرافي السلوكي؛ سُبِق طرحها في القرآن منذ قرون، وهُمِّش جهلا أو تجاهلا؛ تناولتها الآيات القرآنية التالية:
جمعت الآية الاولى بين مسؤولية الإنسان عن الإفساد في الأرض وإهلاك الكائنات الحية النباتية والحيوانية؛ فقال تعالى:{وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}[13]
وصرحت الآية الثانية بمسؤولية الإنسان عن فساد البر والبحر؛ فقال تعالى:{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[14]
واقعية قرآنية تنبه على أن الإنسان لا يشكل نوعية واحدة؛ وإنما هناك من ” ليس له همة إلا الفساد في الأرض وإهلاك الحرث، وهو محل نماء الزروع والثمار، والنسل وهو نتاج الحيوانات اللذين لاقوام للناس إلا بهما”[15]. كما تشير الآية الاولى إلى حقيقتين هامتين:
- تتمثل الحقيقة الأولى في أن إفساد بعض المفسدين قد ينتج عن استغلالهم مناصب تدبيرية تولوها”
ففيه (تَوَلَّى) من التولي وهو الانصراف والإعراض، وفيه (تَوَلَّى) من الولاية”[16].
- تتمثل الحقيقة الثانية في أن “الأرض بدون تدخل البشر مخلوقة على هيئة الصلاح، والفساد أمر
طارئ من البشر”[17].
تستمر هذه الواقعية القرآنية بالإرشاد إلى ضرورة تقعيد القواعد الزجرية؛ بقوله تعالى” وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ“[18].
ترشد الآية إلى ثلاثة إجراءات للتخفيف من إفساد المفسدين:
- ضرورة تعيين مراقبين يحولون دون وقوع مثل هذا الفساد، لا من خلال تفعيل المساطر العقابية
فقط؛ وإنما من خلال تذكير بالقيم الإنسانية “وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ”
- قد لا يجدي التذكير القولي لصنف بشري حينما يوجه له إنذار شفوي، ينقله إلى ما هو أسوأ
“أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ“، لأن “العزة بالإثم هي أنفة الكبرياء المقرونة بالذنب والمعصية… إنما العزة بالإثم التي إن غلبت تطغى، إنما العزة بالحق إن غلبت تتواضع”[19].
- استمرارية معاناة الراغبين في الإصلاح، بفعل استمرارية الراغبين في الإفساد؛ لأنهم انتكست
ممارساتهم بانتكاس تصوراتهم، ” العزة بالإثم التي إن غلبت تطغى، إنما العزة بالحق إن غلبت تتواضع”[20]. ومما يؤكد استمرارية هذه المعاناة دنيويا؛ أن عقوبتهم أحيلت على إجراءات عقابية أخرى غير دنيوية؛ “فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ“[21].
في الآية الثانية :{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[22]
“الفسادُ: نَقِيضُ الصَّلَاحِ”[23]، “وَالتَّعْرِيفُ فِي الْفَسَادِ: يَدُلُّ عَلَى الْجِنْسِ، فَيَعُمُّ كُلَّ فَسَادٍ وَاقِعٍ فِي حَيِّزَيِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ”[24]، “وَقَالَ زَيْدُ بْنُ رُفَيْعٍ: ظَهَرَ الْفَسادُ؛ يَعْنِي انْقِطَاعَ الْمَطَرِ عَنِ الْبَرِّ يُعْقِبُهُ الْقَحْطُ، وَعَنِ الْبَحْرِ تَعْمَى دَوَابُّهُ”[25]
“وما دام الحق سبحانه قال {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي الناس}؛ فلا بُدّ أن الفساد جاء من ناحيتهم، وبالله هل اشتكينا أزمة في الهواء مثلاً؟ لكن نشتكي تلوث الهواء بما كسبتْ أيدي الناس، أمّا حين نذهب إلى الخلاء حيث لا يوجد الإنسان، نجد الهواء نقياً كما خلقه الله”[26]
ويمكن استنباط إشارة أخرى من قوله تعالى {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي الناس}؛ تخصص الناس المذكورين في الآية، ما المقصود بهؤلاء الناس؟
ليس من العبث أن يرد هذا التحذير للبشرية في سورة الروم؛ خاصة وأن تسمية سور القرآن أمر توقيفي، إن تسمية (الروم) تطلق في القرآن والسنة على ما يسمى اليوم بالدول الاوربية؛ مع امتداداتها شرقا في آسيا وغربا إلى أمريكا، ضمنها توجد الدول المصنّعة، المسؤولة اليوم عن تلويث البر والبحر، كنتيجة متوقعة من كونها حصلت علوما تجريبية متقدمة، لكنها لا تمثل إلا تحصيلا جزئيا، مما كان ينبغي تحصيله من مختلف العلوم الشرعية والاجتماعية، وهي الإشارة العجيبة الأخرى التي افتتحت بها سورة الروم:{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ، يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}[27]
“وتتساءلون أيقول: «لا يعلمون» ثم يقول «يعلمون» بعدها مباشرة؟ نعم فهم لا يعلمون العلم المفيد، وقوله: {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الحياة الدنيا} أنهم لا يعلمون بواطن الأمور ولا عواقبها”[28]
” يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا؛ يَعْنِي أَمْرَ مَعَايِشِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ؛ مَتَى يَزْرَعُونَ وَمَتَى يَحْصُدُونَ، وَكَيْفَ يَغْرِسُونَ وَكَيْفَ يَبْنُونَ”[29]
“أَيْ أَكْثَرُ النَّاسِ لَيْسَ لهم علم إلا بالدنيا وأكسابها وشؤونها وَمَا فِيهَا، فَهُمْ حُذَّاقٌ أَذْكِيَاءُ فِي تَحْصِيلِهَا ووجوه
مَكَاسِبِهَا، وَهُمْ غَافِلُونَ عَمَّا يَنْفَعُهُمْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ كَأَنَّ أَحَدَهُمْ مُغَفَّلٌ لَا ذِهْنَ لَهُ وَلَا فِكْرَةَ، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: وَاللَّهِ لَبَلَغَ من أحدهم بدنياه أن يَقْلِب الدِّرْهَمَ عَلَى ظُفْرِهِ، فَيُخْبِرُكَ بِوَزْنِهِ وَمَا يُحْسِنُ أَنْ يُصَلِّيَ”[30]
“فَحِذْقُ الْكُفَّارِ فِي الصِّنَاعَاتِ الْيَدَوِيَّةِ كَحِذْقِ بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ فِي صِنَاعَتِهَا، بِإِلْهَامِ اللَّهِ لَهَا ذَلِكَ، فَالنَّحْلُ تَبْنِي بَيْتَ عَسَلِهَا عَلَى صُورَةِ شَكْلٍ مُسَدَّسٍ، يَحَارُ فِيهِ حُذَّاقُ الْمُهَنْدِسِينَ”[31].
II – 2 – كيف يمكن إنقاذ الأرض من دمار بيئي محقق؟
نجد في الآية الموالية للآية السابقة من سورة الروم {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى}[32] “وَالتَّفَكُّرُ؛ التَّأَمُّلُ وَالنَّظَرُ الْعَقْلِيُّ، وَأَصْلُهُ إِعْمَالُ الْفِكْرِ”[33]
تكررت في القرآن دعوات صريحة إلى إعمال الفكر؛ بالتأمل والنظر العقلي؛ من ذلك قوله تعالى {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا}[34]
مَنْ هؤلاء الكفار الذين وُجه إليهم هذا الإسْتِفْهَام الإِنْكَارِيٌّ، عَلَى إِهْمَالِهِمْ إعمال الرؤية والنظر العقلي؟
خاصة وأن “الرُّؤْيَةُ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بَصَرِيَّةً وَأَنْ تَكُونَ عِلْمِيَّةً”[35]
بالطبع؛ إن أول من وجه لهم هذا الإستفهام الإنكاري، هم الذين كفروا زمان إنزال الآية، إلا أنه من خصوصيات القرآن؛ وكأنه يتنزل باستمرار؛ لأن الرؤية العلمية تخاطب الذين كفروا في زماننا بشكل مباشر، باعتبار أن أغلب علماء الفلك اليوم غير متدينين! هم الذين رأوا علميا؛ بأن الكون تشكل على إثر ما سموه بالإنفجار العظيم.
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا “كَانَتَا رَتْقًا أَيْ كَانَ الْجَمِيعُ مُتَّصِلًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مُتَلَاصِقٌ مُتَرَاكِمٌ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ، فَفَتَقَ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، فجعل السموات سبعا، والأرض سبعا، وفصل بين السماء الدُّنْيَا وَالْأَرْضِ بِالْهَوَاءِ، فَأَمْطَرَتِ السَّمَاءُ وَأَنْبَتَتِ الْأَرْضُ، وَلِهَذَا قَالَ وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ أَيْ وَهُمْ يُشَاهِدُونَ الْمَخْلُوقَاتِ تحدث شيئا فشيئا عيانا وذلك كله دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ الْقَادِرِ على ما يشاء”[36].
“وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْآيَةَ تَشْمَلُ جَمِيعَ مَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ مَعَانِي الرَّتْقِ وَالْفَتْقِ إِذْ لَا مَانِعَ مِنِ اعْتِبَارِ مَعْنًى عَامٍّ يَجْمَعُهَا جَمِيعًا، فَتَكُونُ الْآيَةُ قَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى عِبْرَةٍ تَعُمُّ كل النَّاس وكل عِبْرَةٍ خَاصَّةٍ بِأَهْلِ النَّظَرِ وَالْعِلْمِ فَتَكُونُ مِنْ مُعْجِزَاتِ الْقُرْآنِ الْعِلْمِيَّةِ”[37].
“وهذا القول الحكيم لم يصل إلى فهمه العميق من سبقونا، لكن إنسان هذا العصر الذي نعيشه فهمها بعد أن توصل العلماء إلى أن السموات والأرض كانتا كتلة واحدة وفصلَهُما الحق بإرادته”[38]
إن الدعوة إلى إعمال الفكر؛ بالتأمل والنظر العقلي؛ وسيلة كفيلة بحل مختلف الإشكالات البيئية والاجتماعية وغيرها.
في إطار التأمل والنظر العقلي؛ يمكن إدراج تحذيرات العلماء عبر مختلف الإتفاقيات والمؤتمرات الدولية، بدء بالباحث السويدي سفانت ارهينوس أول من توقع منذ سنة 1896 أن ثاني أكسيد الكربون وغازات الدفيئة الأخرى تتسبب في الاحتباس الحراري للأرض[39].
وفي سنة 1938، قال المهندس الإنجليزي، جاي ستيورات كاليندار، أن مضاعفة مستويات ثاني أوكسيد الكربون قد تؤدي إلى ارتفاع بنحو 2 درجة مائوية في القرون المقبلة[40].
وعلى مدار العقود القليلة التي أعقبت ذلك، أجرت هيئات متعددة من العلماء بحوثاً متنوعة.
لم يهتم بتحذيرات العلماء حول انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون إلا في فترة السبعينيات، لتبدء على المستويات الرسمية من خلال مجموعة من المؤتمرات والإتفاقيات:
بدء باتفاقية ريو دي جانيرو بالأرجنتين سنة 1992؛ وهي أول اتفاقية في مجال التغير المناخي، وصولا إلى مؤتمر جنيف في 2015، وتبقى الآمال معلقة والأنظار متجهة إلى مؤتمر مراكش في نونبر 2016.
أسفرت مختلف المؤتمرات عن مجموعة من الإجراءات للتخفيف من آثار التغير المناخي؛ عبارة عن توصيات واتفاقيات، قانونية وتقنية ومالية وإعلامية؛ أغلبها غير إلزامي:
من الإجراءات القانونية؛ إسهام الأمم المتحدة منذ سنة 1968 في تشكيل فرع جديد من فروع القانون الدولي العام يُطلق عليه القانون الدولي للبيئة، ثم تتابعت مجموعة من الإتفاقيات الدولية، وفرض رسوم جمركية فيما عرف بضريبة الكاربون.
وتتمثل الإجراءات التقنية في تطوير البحث العلمي بمختلف القطاعات الطاقية والصناعية والزراعية والنقل والمواصلات. من خلال تطوير الطاقات المتجددة أو الطاقة النظيفة؛ واختراع الآليات المستخدمة لغاز الهيدروجين، وتحسين عمليات اعادة تصنيع النفايات الصناعية، وتخزين غاز ثاني أكسيد الكربون CO2 في أعماق باطن الأرض[41].
الإجراءات المالية عبارة عن تعهدات بإحداث صناديق للتمويل، منها تعهد الدول المتقدمة تخصيص مبلغ 100مليار دولار تدريجيا لمساعدة الدول الفقيرة على مواجهة تداعيات التغير المناخي؛ خلال الفترة 2013 و2020 وتأسيس (صندوق المناخ الأخضر) في كوبهاكن لدعم مشاريع الدول النامية.
ومنها موافقة البنك الدولي على تأسيس صندوقين لمساعدة الدول الفقيرة:
«صندوق التكنولوجيا النظيفة» و«صندوق المناخ الاستراتيجي» بهدف مساعدة الاقتصادات النامية في التحول الى تكنولوجيا الطاقة النظيفة.
بينما اهتمت الإجراءات الإعلامية بنشر تقارير سنوية لبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة منذ بدء صدورها في نيويورك سنة 1990، وإدخال ظاهرة التغير المناخي ضمن مقررات «علم النفس البيئي» كتخصص جديد يهتم بدراسة العلاقة الوثيقة بين البيئة والسلوك الإنساني، وإنشاء الشبكة العالمية للتكيف مع تغير المناخ لدول غرب آسيا بهدف تحسين القدرة على التكيف مع التغير المناخي من خلال تطوير وتوجيه التقنيات والمعرفة.
كما تندرج ضمن الإجراءات الإعلامية منح جائزة نوبل للسلام لسنة 2007 مناصفة بين الهيئة الدولية لتغير المناخ ونائب الرئيس الامريكي السابق الْغور تقديرا لجهودهم في التوعية بأهمية إدراك حدوث التغير المناخي[42].
II – 3 – تتعثر الإجراءات بتعارض المصالح:
ما يلاحظ؛ أنه رغم المؤتمرات المتتالية والإجراءات المنبثقة عنها؛ فإن تعارض المصالح يُبقي أغلبها حبرا على ورق، يحتدم تعارض المصالح بين النجاعة الاقتصادية والتنمية الاجتماعية والغاية البيئية، تكمن الصعوبة في استحالة التوفيق فيما بينها، في ظل تنافس اقتصادي- عسكري محموم، تؤكد من خلاله الدول الكبرى، أنها لا تعير البيئة الاهتمام الذى تستحقه، بينما المكسب والخسارة هو الهدف الأساس.
إن الانبعاثات الغازية الصادرة عن النشاط الانساني في أجواء الأرض خلال سنة 2008 ستبقى فيها حتى سنة 2108. وأن مخاطر الظاهرة سوف تكون عامة، وإن كانت الدول المتخلفة ستكون أكثر تضررا.[43]
بمعنى أن التغير المناخي، وإن تسببت فيه الدول الصناعية؛ تورطت به الدول الفقيرة. مما دفع بعض الدارسين إلى القول بأن الدول الكبرى تتلاعب على المحور البيئى تماما كما تلاعب على المحور السياسى والاستراتيجي مستدلا على هذا التلاعب بقوله:” فى الوقت الذى يتزعم فيه الغرب الحديث عن السلام وفرصه واماكاناته فإن مصانع الأسلحة والذخيرة بتلك الدول تحقق أعلى العوائد والأرباح…
فى الوقت الذى تنفث فيه مصانع دول العالم المتقدم أدخنة وملوثات قاتلة، فإن دور النشر العلمية بها لا تتوقف عن انتاج المزيد من الكتب والمجلات التى تغرقنا فى بحار من الجدل اللفظى والتطبيقى وربما اللغط السياسى فى بعض الأحيان بخصوص البيئة وقضايها…
انضمت روسيا إلى اتفاقية كيوتو و كان لها الفضل فى تفعيل هذه الاتفاقية ودخولها حيز التنفيذ منذ 17 فبراير 2005… إلا أن توقيع روسيا … لم يكن من باب الاهتمام بالبيئة الإنسانية وحمايتها لقادم الأجيال، وإنما الاقتصاد ذاته كان هو الدافع لهذا التوقيع… نظراً لأن عام 1990 كان بمثابة سنة الأساس التى سيتم التقليص من الانبعاثات الغازية بنسبة 5% فكان من قدر روسيا الاتحادية أن تصبح لديها وفرة من الحصة المقررة لها أيام كان الاتحاد السوفياتى عملاقاً اقتصادياً، بينما الانبعاثات التى تنتجها روسيا حاليا أقل بنحو 30% مما كان ينتجه الاتحاد السوفياتي، وعلى هذا الأساس فإن روسيا لديها فائض فى الحصة المسموح لها بإنتاجها ولديها عجز فى الكميات المنتجة مما يتيح فرصة ازدهار تجارة الكربون وتحقيق أرباحاً طائلة”[44].
وهنا يصح قول د. عبدالله بن جمعان؛ بأن الاستغلال المفرط والتدمير المصاحب للتنمية هما نتاج للمجتمع الصناعي الحديث، وبخاصة منظومة قيمه ومعتقداته وبناءه السياسي.
مستدلا على ذلك بما قدمته شارلين سَبْرِتْـنَاك (Spretnak 1997) في وصفها لخصائص الحداثة الخمسة:
1- الأولوية للرفاهية الاقتصادية.
2- النزعة التقدمية أي أن التقنية ستجد حلولا لكل المشاكل.
3- النزعة التصنيعية أي أن الإنتاج على نطاق واسع.
4- النزعة الاستهلاكية إي أن استهلاك السلع المادية هو مصدر السعادة البشرية.
5- النزعة الفردية التي تشير إلى التنافس على المنفعة الفردية وإعطاء المصالح الفردية أولوية على المصالح العامة.
قال معلقا:”انطلاقا من هذه الخصائص، نظر الإنسان إلى الأرض على أنها مجرد مصدر غير ناضب للسلع، فركز بشكل أعمى على تحويل الموارد الطبيعية تقنيا إلى سلع استهلاكية تتحول بشكل سريع جدا إلى نفايات”
ليُدرج قول رَسَّل (Russell 1998) “إننا نستهلك الآن في سنة واحدة أكثر مما أستهلكه الإنسان في كل الفترة الممتدة منذ ميلاد المسيح وحتى فجر الثورة الصناعية”
لذا يَخْلُص إلى القول بضرورة الإعتراف بأن القضايا البيئية هي قضايا اجتماعية وثقافية[45].
II – 4 – أفرز موضوع التغير المناخي معاناة البشرية المعاصرة من إعاقة فكرية:
يجب التأكيد على أن الأزمة التي تعاني منها الحضارة المعاصرة؛ ليست أزمة مؤتمرات وتوصيات؛ بقدر ما هي أزمة ثقافية تؤثر في مضامين المؤتمرات والتوصيات.
بعبارة أخرى فإن تفعيل{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ}[46]
من خلال إِعْمَال الْفِكْرِ بالتَّأَمُّل وَالنَّظَر الْعَقْلِيُّ، يبدو أنه تفعيل يعاني من إعاقة فكرية- ثقافية!
II – 4 – 1 – نتجت الإعاقة الفكرية عن اختلاف وتناقض المناهج والإيديولوجيات:
ولا أدل على ذلك أنه رغم تحديد أسباب واضحة للتغير المناخي؛ فإن الشكوك مازالت تحوم حول مصداقية التغير المناخي برمته، واعتباره موضة غربية ترتدي ثوب العلم، وأن ترويجها من طرف الإعلام الغربي؛ إنما هو تسويق الاتجاه إلى السخونة لابتزاز دول و مجتمعات التخلف العلمي والتكنولوجي، استدلالا بأن الادعاء القائل أن مناخ الأرض يتغير نحو السخونة، تكذبه نشرات الطقس بالولايات المتحدة الأمريكية؛ كأكبرقوة تكنولوجية عالمية تفاجئ بالأعاصير والفيضانات التي تؤدي الي غرق مدن كاملة، وأن سنة 2008 اعتبرت في مصر مثلا أبرد شتاء منذ عقود، كما اعتبرت أسوأ شتاء أصاب الصين بشلل تام منذ نصف القرن الماضي[47].
لم يقتصر التشكيك حول ظاهرة التسخين العالمي ممن يرفضون كل ما ينبثق عن الدول الغربية؛ وإنما ارتفعت انتقادات من داخل هذه الدول؛ من ذلك تعليق ريد بايسون أحد علماء الغلاف الجوي قائلاً: “لا يسمح لك بمجرد الحديث حول هذا الأمر إلا إذا قلت: التسخين العالمي، نعم، نعم، ثاني أوكسيد الكربون”[48].
ومن مظاهر الأزمة الإبستمولوجية التي يعاني منها الفكر المعاصر؛ تصرفه في الكون وكأنه خالقه، خاصة بعد التمكن من معرفة أسباب الظواهر الكونية والتنبؤ بها، مما شجع بعض الماديين إلى عزو الحوادث الكونية إلى أسبابها التي علموها، فازدوج إعراضهم عن آيات الله السمعية، بإعراضهم عن آيات الله الكونية، وفق تحليل أحادي مادي، سعوا جادين في تعميمه على مناهج التحليل، ووصفوه بأنه وحده يمثل التحليل الموضوعي المحتكر للصواب!
II – 4 – 2 – المنهج في العلوم الإنسانية مرتبط بالمرجعية الفلسفية- العقائدية لكل باحث:
يجب الإعتراف بأن اختلاف وتناقض المناهج وليد تناقض الإيديولوجيات المرتبطة بتنوع أهواء المنظرين، وهو ما اعـترف بـه P.Georrge في معرض تساؤله عن إمكانية تحرر البحث العلمي من أي تبن عقائدي حيث قال: “بالطبع إن القضية في النهاية هي قضية عقائدية أو بالأحرى قضية تبشير، والجغرافي يرغب في أن يكون نافعا، فهو يشعر بدوره الإنساني، ويشعر في الآن عينه برغبة للإشتراك في السلطة ودوره يبرر رغبته “[49].
“وعليه بات الإفصاح عن الخلفية الفلسفية للدارس؛ شرطا من شروط البحث في الجغرافيا، كما في باقي العلوم الإنسانية، فباستثناء الماركسيين الذين يتحركون ضمن نظرية معلومة، لا يكلف أحد نفسه بشرح مرجعه الفلسفي وتبريره”[50].
هذا الواقع الإبستمولوجي؛ من أوضح الأدلة على أن “نظرية العلوم الإجتماعية التي تتضمنها المناهج الدراسية الحديثة؛ نظرية مغلوطة وناقصة وقائمة على المفهوم المادي؛ الذي لايؤمن بالأديان المنزلة ولا بالقيم الأخلاقية المرتبطة بالدين”[51].
لذلك يخلص الباحثون إلى القول بأن “القصور الإبستمولوجي للعلوم الانسانية سبب من الأسباب الرئيسية في أزمة الحضارة المعاصرة”[52]، “معنى ذلك أنه لايمكن الأخذ بهذه العلوم بحذافيرها كما أسسها الغرب، بل من حقنا أن نعيد النظر فيها لنصهرها من جديد ونفرغها في القالب العقائدي الذي نرضاه”[53].
خاصة وأن التقسيم الإبستمولوجي لمراحل المعرفة، كما يروجه الفكر الغربي، تقسيم الى مرحلتين: المعرفة الأسطورية الدينية الميتافيزيقية والمعرفة التجريبية الموضوعية. تقسيم يجعل من حق كل مسلم أن يتساءل على لسان أحد الباحثين:”هل كل الأديان مرحلة معرفية بدائية محكوم عليها بالتجاوز؟ وهل المعارف العلمية المعاصرة سالمة من الدوافع الدينية؟”[54]. بل أكد نفس الباحث؛ أنه من حقه أن ينسف هذه القسمة للمعارف المعاصرة من أساسها، مرتكزا على الحديث النبوي الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حكـاية عن الاسراء والمعراج:”… فَأُتِيتُ بِثَلاَثَةِ أَقْدَاحٍ: قَدَحٌ فِيهِ لَبَنٌ، وَقَدَحٌ فِيهِ عَسَلٌ، وَقَدَحٌ فِيهِ خَمْرٌ، فَأَخَذْتُ الَّذِي فِيهِ اللَّبَنُ فَشَرِبْتُ، فَقِيلَ لِي: أَصَبْتَ الفِطْرَةَ أَنْتَ وَأُمَّتُكَ”[55]، فقسم المعارف المعاصرة الى ثلاثة أقسام:
“معرفة اللبن: معرفة حقيقية صافية وكلية ، لأن اللبن رمز الفطرة وغذاء كامل للطفل رمز
الفطرة، أدخل في هذا القسم كل المعارف المرتكزة على القرآن والسنة.
معرفة الخمر: معرفة وهمية، أدخل فيها كل المعارف النظرية التي تخوض في العلوم الانسانية
والمعتمدة في تحليلاتها على الفكر.
المعرفة التجسسية: معرفة سفاحية، أدخل في هذا القسم كل العلوم الفيزيائية والكيماوية والبيولوجية والجيولوجية، حيث شبه أصحابها كمن يتجسس على قوم لايعرف لغتهم، يقول: “فالمادة قد احتجبت عن الانسان بأمر خالقها، ولايجوز أن يزول الحجاب بين الانسان والمادة إلا بطرق شرعية، وكل من رفع حجاب المادة بسبيل غير شرعي كان زانيا بالمادة …
فالانسان الذي يتصل بالمادة بطرق الحق يحصل على معرفة مادية شرعية: مولود حلال يرضع لبن المادة…
والانسان الباحث في المادة بطرق التجسس وهتك الحجاب خارج الاطار الشرعي، يحصل على معرفة سفاحية: مولود حرام ينسب في حقيقته المادية الى أمه المادة ومنها يرضع فطرته ولايلحق بنسب أبيه المتجسس الهاتك لحرمة المادة”[56].
II – 4 – 3 – الحاجة ملحة إلى تقويم الإبستمولوجية المعاصرة:
اعتمادا على المنطلقات التقويمية السابقة للإبستمولوجية المعاصرة “ليس من المؤكد أن تكون كل تلك العلوم صالحة للبقاء، كما أنه من المحتمل أن تظهر الحاجة الى تهذيب بعضها وربما الى ابتكار علوم جديدة، وبالتالي أن نصنف العلوم تصنيفا جديدا قد يخالف ماجاء ت به الإبستمولوجيا المعاصرة”[57].
خاصة وأن أخطر ما في الأمر “أن هذه العلوم تترتب عنها تطبيقات ذات تأثير مباشر على الحياة اليومية للبشر”[58]، فأي بشر هذا الذي يخضع قصرا لتطبيقات هذه العلوم؟ أكل البشر ماركسيون؟ أم ليبراليون؟
لذلك فإن اختلاف وتناقض المناهج والنظريات ما هو إلا وليد تناقض الإيديولوجيات المرتبطة بتنوع أهواء المنظرين والإيديولوجيين، “والدليل على ذلك؛ أن المعسكرات المتصارعة لا تختلف في مذاهب العلم، ولكنها تختلف في مذاهب الهوى والنظريات: لا توجد كهرباء أمريكية، ولا كهرباء روسية، ولا توجد كيمياء ألمانية، ولا كيمياء إنجليزية، كل علم الكيمياء في أي دولة خاضع لما تعطيه التجربة الصماء التي لا هوى فيها: وبهذا تكون النتيجة واحدة …فإن جئنا الى مذاهب الهوى، والنظريات، نجدها متناقضة: رأسمالية، شيوعية، إيمان، إلحاد …لأن هوى النفس دخل هنا، فأفسد القضية العلمية وأضاع حقائقها”[59].
كما أن العلم منفصل عن الإيديولوجيات لكون “العلم ليس له محتوى طبقي، فلا نقول عن علم أنه علم بورجوازي، أو علم بروليتاري”[60].
لذلك فإن “قضية الوجود الإنساني ضاعت في متاهات الفلسفة، وضلال الإيديولوجيات “[61]، ولعل هذه المتاهات هي ما جعلت الفيلسوف الفرنسي ليفي ستروس “يرفض الفلسفة ويعاديها، بل ويهجرها، وأنها في نظره لا تخدم معرفتنا بالإنسان في شيء، وأنها سبب تخـلف العلوم الإنسانية عن اللحاق بركب باقي العلوم الأخرى، التي سلكت سبيل الدقة واليقين”[62].
لتبقى العلوم الإنسانية الأخرى، لا تقل خطورة عن الفلسفة، ولعل الجغرافيا البشرية تتصدر هذه العلوم؛ باعتبار”الفكر الجغرافي نتاج محض للمدنية الغربية… وعليه، فلا يجوز التمادي في إغفال أهمية الفلسفات والايديولوجيات في تكوين الفكر الجغرافي المعاصر، وتحديد مساره، كما هو الحال بالنسبة لكافة العلوم”[63].
إلا أن ضرورة إعادة النظر في الوعاء الفلسفي للعلوم الانسانية، لاينبغي أن تصب فيما يسميه بعض المستشرقين بالصراع الإجتماعي العنصري، الناتج عن التعصب الأعمى بين الحضارات[64]، وإنما لتجاوز التعميم الذي تحمل فيه الاسلام أخطاء وانحرافات الكنيسة. يجب أن يفهم جيدا بأن “هذا الغرب الذي جعلته الكنيسة، بعقيدتها المنحرفة، يستبدل الـدين بالعـلم ويرفـع راية العلمانية “[65]، من السخافة العلمية أن تُصب هذه الحقيقة التاريخية على المسلمين، وأن تضيف إلى أزماتهم أزمة فكرية؛ تعد بحق الأزمة المحورية، وما الأزمات الأخرى إلا انعكاسات وآثار مختلفة لتلك الأزمة[66].
II – 5 – خالق الكون جعل له أسبابا تمثل سنن توازنه:
إن التمكن من معرفة أسباب الظواهر الكونية والتنبؤ بها، لا يبرر عزو هذه الظواهر إلى أسبابها، كما لا يبرر إلغاء الأخذ بالأسباب، “وربما كان هذا المنطق حجة على من ينكر قانون الأسباب، أما أهل الإسلام الذين يعلمون أن الله تعالى قد أجرى هذا الكون على نواميس، وجعل النتائج متعلقة بأسبابها، فلا ينبغي أن يرد عليهم هذا، فإذا قال المسلم: إن الله هو الرزاق، فلا يعني ذلك نفيه أسباب الرزق المختلفة… وهؤلاء كذلك فجميعهم عزا الأمر الحادث إلى سبب عرف طريقة عمله، وغفل عن أنه يفتقر هو بدوره إلى سبب آخر ينتهي في سلسلة تنتهي عند مسببها الذي أجراها لحكمة ومراد”[67].
حينما خلق الله الكون؛ جعل له أسبابا تمثل سنن توازنه؛ ستبقى مستمرة عبر الأزمنة والأمكنة؛ بما شاء الله وكيف شاء، إلى آجال أرادها.
II – 5 – 1 – من سنن الله أن جعل التغير المناخي ليس تغيرا في العناصر المناخية:
الأخذ بالأسباب التجريبية؛ يجب أن ينساق مع الإبستمولوجية الشرعية؛ التي تجزم أن التغير المناخي؛ إنما هو تغير في الزمكان، وليس تغيرا في العناصر المناخية؛ باعتبار أن الأمطار النازلة من السماء؛ لا تتغير كمياتها السنوية؛ وإنما تتغير زمنيا ومجاليا؛ بدليلين:
الدليل الأول: قال الله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ نُشُرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا}[68].
الدليل الثاني: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”لَيْسَ عَامٌ بِأَكْثَرَ مَطَرًا مِنْ عَامٍ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُصَرِّفُهُ كَيْفَ يَشَاءُ“[69].
جمع ابن كثير بين الدليلين في تفسيره فقال:
“وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا أَيْ أَمْطَرْنَا هَذِهِ الأرض دون هذه، وسقنا السحاب يمر على الأرض ويتعداها ويتجاوزها إلى الأرض الأخرى، فيمطرها ويكفيها ويجعلها غَدَقًا، وَالَّتِي وَرَاءَهَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهَا قَطْرَةٌ مِنْ مَاءٍ، وَلَهُ فِي ذَلِكَ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ والحكمة القاطعة. قال ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم: لَيْسَ عَامٌ بِأَكْثَرَ مَطَرًا مِنْ عَامٍ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُصَرِّفُهُ كَيْفَ يَشَاءُ”[70].
اعتبر ابن كثير الحديث موقوفا عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم؛ إلا أن ناصر الدين الألباني أورده في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 2461 ثم قال:”فيظهر مما تقدم أن الحديث وإن كان موقوفا، فهو في حكم المرفوع لأنه لا يقال من قبل الرأي والاجتهاد، ولأنه روي مرفوعا والله أعلم”[71].
يتوافق هذا الحديث مع القواعد العلمية للمناخ؛ لأنه ما دامت كميات الإشعاع الشمسي نحو الأرض كميات لا تتغير سنويا؛ فإن ما يتبخر من ماء الأرض إلى غلافها الجوي سوف لن يتغير؛ وبالتالي فإن التكاثف والتساقطات سوف لن تتغير سنويا. وهو ما يسميه المناخيون بالميزانية الحرارية للأرض “المقصود بالميزانية الحرارية للأرض هو أن يكون هناك تعادل بين كمية الإشعاع التي يكتسبها جوها وسطحها، وكمية الإشعاع التي تنصرف منها إلى الفضاء، ويعتبر هذا التعادل شرطا أساسيا لبقاء حرارة سطح الأرض وجوها ثابتة تقريبا من سنة إلى أخرى…
حيث تؤدي عمليات التوزيع الحراري بواسطة الرياح والتيارات البحرية وعمليات الحمل والتبخر والتكثف إلى انتقال الحرارة من المناطق التي يتوفر فيها الإشعاع الشمسي إلى المناطق التي يوجد فيها عجز في هذا الإشعاع؛ فيؤدي هذا الإنتقال إلى أن يبقى إجمالي حرارة جو الأرض ثابتا من سنة إلى أخرى”[72].
لذلك يمثل هذا الحديث النبوي سبقا للإبستمولوجية الإنسانية بأكثر من أربعة عشر قرنا.
II – 5 – 2 – من سنن الله عدم اعتباطية الجريان السطحي للأنهار:
ليست توقعات علماء المناخ خارجة عن إطار سنن الله في كونه؛ منها تأكيدهم على أن ارتفاع درجة الحرارة من شأنه أن يؤدي إلى نقص في جريان المياه السطحية، ولما كانت منظومة مياه الأنهار والبحيرات تتجاوز الحدود بين الدول، وأن ثلثي الأحواض الضخمة لتجميع مياه الأنهار في العالم هي مناطق مشتركة بين بلدين أو أكثر، فمن المحتمل أن تزداد التوترات الإقليمية بين الدول نتيجة للتغير المناخي.
يجب إدراج هذه التوقعات ضمن المنظومة البيئية التي تم تسخيرها للإنسان؛ لقوله تعالى:{وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ}[73] وقوله:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ}[74].
اختير في الآية فعل (نَسُوقُ)؛ للدلالة على نفي اعتباطية الجريان المائي، والتأكيد على الجريان وفق منظومة محددة، “ومعلوم أن السَّوْق يكون من الوراء، على خلاف القيادة، فهي من الأمام، فالذي تسوقه تسوقه وهو أمامك، تراه فلا يتفلت منك، ولو كان خلفك فهو عُرْضة لأنْ يهرب منك، فلا تشعر به”[75]
اختير أيضا في الآية فعل (نَسُوقُ)؛ “بصيغة المضارع الدالّ على التجدّد والاستمرار… وهذه آية مستمرة نراها جميعاً، ولا تزال في الحال وفي الاستقبال، ولأن هذه الآية واقعة الآن تحتاج منا المشاهدة والتأمل قال في ختامها أَفَلاَ يُبْصِرُونَ”[76].
أما لماذا يساق الماء عبر الأنهار إلى بعض البلدان، دون أن يسقط عليها مطرا؟
يوضح العلماء الجواب بأرض مصر ومجراها الرئيسي النيل؛ فيقول ابن كثير في تفسير هذه الآية:
“أَرْضٌ رَخْوَةٌ غَلِيظَةٌ تَحْتَاجُ مِنَ الْمَاءِ مَا لَوْ نَزَّلَ عَلَيْهَا مَطَرًا لتهدمت أبنيتها، فيسوق الله تعالى إِلَيْهَا النَّيلَ بِمَا يَتَحَمَّلُهُ مِنَ الزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ أَمْطَارِ بِلَادِ الْحَبَشَةِ، وَفِيهِ طِينٌ أَحْمَرُ، فَيَغْشَى أَرْضَ مِصْرَ وَهِيَ أَرْضٌ سَبَخَةٌ مُرْمِلَةٌ مُحْتَاجَةٌ إِلَى ذَلِكَ الْمَاءِ وَذَلِكَ الطِّينِ أَيْضًا، لِيَنْبُتَ الزَّرْعُ فِيهِ، فَيَسْتَغِلُّونَ كُلَّ سَنَةٍ عَلَى مَاءٍ جَدِيدٍ مَمْطُورٍ فِي غَيْرِ بِلَادِهِمْ، وَطِينٍ جَدِيدٍ مِنْ غَيْرِ أَرْضِهِمْ، فَسُبْحَانَ الْحَكِيمِ الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ الْمَحْمُودِ ابْتِدَاءً”[77].
كما يجب أن يُعلم أن أي خلل وقع في منظومة جريان مياه الأنهار، لا يخرج عما أشارت إليه النصوص الشرعية؛ ففي الحديث المتفق عليه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “يُوشِكُ الفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَمَنْ حَضَرَهُ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا“[78].
وفي رواية لمسلم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ، يَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ، تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَيَقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ: لَعَلِّي أَكُونُ أَنَا الَّذِي أَنْجُو“[79]
تنبؤ صريح بأن الفرات سيحسر عن كنز من ذهب، ومعنى انحساره انكشافه لنقص في منسوب مياهه، كما أنه تنبؤ صريح بحصول توترات إقليمية بين الدول، تصل إلى درجة الإقتتال والحروب.
II – 5 – 3 – من سنن الله أن جعل النباتات تمتص ثاني أوكسيد الكربون:
من سنن الله في كونه أيضا؛ تأكيد علماء البيولوجيا أن النباتات تمتص ثاني أوكسيد الكربون؛ وتسهم في التقليل من انبعاث الغازات السامة في العالم، من خلال ما يعرف بالتركيب الضوئي أو التمثيل اليخضوري؛ وهي العملية التي يستعمل خلالها اليخضور(هو الصبغة الخضراء التي تلون أغلبية النباتات) الطاقة الشمسية؛ لاختزال ثاني أوكسيد الكاربون؛ أي تحرير الأوكسيجين وتثبيت الكاربون في النباتات على شكل بروتينات ودهنيات وسكريات؛ كمواد أساسية لتغذية النباتات[80].
ما دام الغطاء النباتي يمتص كميات مهمة من ثاني أوكسيد الكاربون؛ أليس من الممكن أن تُحَل مشكلة التغير المناخي؛ حينما ستنبت الأرض مثل ما كانت تنبت؟
في الحديث الصحيح “… ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ مَطَرًا لَا يَكُنُّ[81] مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ[82] وَلَا وَبَرٍ[83]، فَيَغْسِلُ الْأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ[84]، ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَرْضِ: أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ[85] مِنَ الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا[86]…“[87]
إذا كانت هذه الثمرة (الرُّمَّانَةِ) مثل الخيمة؛ فكم حجم شجرتها؟ وكم ستمتص من ثاني أوكسيد الكربون؟
تنبؤات مقطوع بحصولها؛ حسب الإبستمولوجية التي أنتمي إليها، تُستساغ بدليلين:
- دليل عقدي: مستند على النصوص؛ من قبيل {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ}[88].
- دليل عقلي: مستند على التاريخ البيوجغرافي للأرض، والذي أكد أن التشكيلة النباتية كانت عملاقة؛
لخلق التوازن البيولوجي، في مواجهة النشاط البركاني المكثف؛ “ومنذ بليوني عام من عمر الأرض وكان الغطاء النباتي فوق سطح الأرض بوفرة أتاحت الظروف لتزويد الغلاف الجوي بالمزيد من الأكسجين”[89].
ولعل التنبؤ الوارد في الحديث الموالي؛ يشير إلى شيء من التاريخ البيوجغرافي للأرض؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَعُودَ أَرْضُ الْعَرَبِ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا“[90].
في هذا الحديث تنبؤ بأن الجزيرة العربية ستتحول من المناخ الجاف إلى المناخ الرطب.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم (حَتَّى تَعُودَ)؛ إشارة إلى أن الجزيرة العربية كانت قد شهدت فترة مناخية مطيرة؛ “والعود في الأصل هو رجوع الأمر إلى شيء سبق أن كان عليه، ومتصفاً به، هذه حقيقة العود. أما معنى الحديث في النظرة العلمية المعاصرة؛ فإن أرض العرب كانت مروجاً وأنهاراً، وأنها بعد فترة من الزمن أصبحت صحراء مجدبة قليلة الماء والأنهار، وأنها بعد ذلك ستعود ثانية فتجري فيها الأنهار وتمتلئ بالمرج الأخضر الذي يعلو أرضها”[91].
تلك الفترة المطيرة هي التي شكلت ظروفا بيوجغرافية ملائمة لغطاء غابوي كثيف وحيوانات كثيرة، تعرضت بعدما دفنت تحت التراكمات الرسوبية؛ إلى عملية تحلل بفعل درجة الحرارة العالية في الأرض، وعمليتي الضغط الأفقي والعمودي، فتحولت إلى مواد كربوهيدرات سائلة تمثل أصل النّفط.
إلا أن هذه التنبؤات؛ لا ينبغي أن يفهم منها أنها تدعو إلى التكاسل والتواكل والإستسلام، بل لا بد من اعتماد مختلف الأسباب، العلمية والعملية، امتثالا لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ}[92]
وما الذي يمنع أن تكون هذه الأسباب؛ من قبيل التعمق في أبحاث ما أصبح يعرف ب (هندسة المناخ)؟ “أي محاولة تغيير أو تلطيف أو تبريد المناخ ودرجة الحرارة على سطح الأرض محليا أو إقليميا، سواء كان هذا بالتدخل في حركة السحب السائدة أو شدة أشعة الشمس المنبعثة أو كميات الأمطار المتساقطة أو توزيع النباتات والطحالب التي لها القدرة على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون، أو غيرها من العوامل والمكونات الفاعلة في ضبط درجة الحرارة على سطح الأرض”[93].
II – 5 – 4 – من سنن الله أن قرن بين الإنحراف النظري والعملي للإنسان وبين العقوبات الكونية:
حينما خلق الله الكون على أحسن صورة، وأوجد فيه أسباب الحياة الكاملة، إنما ليكون مهيئًا لأن يعيش فيه الإنسان ويعمره، وإن واجب الاستخلاف والإعمار في الأرض، يقتضي المحافظة على وسائل الحياة فيها، وعدم السعي فيها بالإفساد؛ قال تعالى: {وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}[94].
حينما يطرح القرآن إفساد المفسدين؛ إنما يطرحه كممارسة عملية خاطئة، ما هي إلا نتاجا لانحراف فكري عقدي، وهذا ما اعترف به لوي التوسر حينما قال: “إن أي انحراف سياسي مرتبط بانحراف نظري، وأي انحراف نظري يِؤدي الى ممارسة سياسية خاطئة”[95].
لذلك يقرن القرآن بين الإنحراف النظري والعملي للإنسان وبين العقوبات الكونية؛ في مثل قوله تعالى:{وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}[96].
“أَيْ لَا يَزَالُ الْكَافِرُونَ تُصِيبُهُمْ دَاهِيَةٌ مُهْلِكَةٌ مِنْ صَاعِقَةٍ كَمَا أَصَابَ أَرْبَدَ أَوْ مِنْ قَتْلٍ أَوْ مِنْ أَسْرٍ أَوْ جَدْبٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعَذَابِ وَالْبَلَاءِ”[97].
“وَالْقَارِعَةُ فِي الْأَصْلِ وَصْفٌ مِنَ الْقَرْعِ، وَهُوَ ضَرْبُ جِسْمٍ بِجِسْمٍ آخَرَ. يُقَالُ: قَرَعَ الْبَابَ إِذَا ضَرَبَهُ بِيَدِهِ بِحَلْقَةٍ. وَلَمَّا كَانَ الْقَرْعُ يُحْدِثُ صَوْتًا مُبَاغِتًا يَكُونُ مُزْعِجًا لِأَجْلِ تِلْكَ الْبَغْتَةِ صَارَ الْقَرْعُ مَجَازًا لِلْمُبَاغَتَةِ وَالْمُفَاجَأَةِ، وَمِثْلُهُ الطَّرْقُ. وَصَاغُوا مِنْ هَذَا الْوَصْفِ صِيغَةَ تَأْنِيثٍ إِشَارَةً إِلَى مَوْصُوفٍ مُلْتَزَمِ الْحَذْفِ اخْتِصَارًا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَهُوَ مَا يُؤَوَّلُ بِالْحَادِثَةِ أَوِ الْكَائِنَةِ أَوِ النَّازِلَةِ، كَمَا قَالُوا: دَاهِيَةٌ وَكَارِثَةٌ، أَيْ نَازِلَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِالْإِزْعَاجِ فَإِنَّ بَغْتَ الْمَصَائِبِ أَشَدُّ وَقْعًا عَلَى النَّفْسِ. وَمِنْهُ تَسْمِيَةُ سَاعَةِ الْبَعْثِ بِالْقَارِعَةِ”[98].
كما أن “كلمة “قارعة” نكرة تفيد العموم، فتعم كل قارعة، فقد تكون مسموعة كالصواعق والعواصف، وقد تقرع القلوب بالرعب والذعر والهلع كالانهيارات والأزمات المالية”[99].
“وهذا يعني أن حل المشكلات البيئية، سواء تلك التي تتعلق بالتقدم الاجتماعي، والتطور الاقتصادي المتسارع، أو تلك الناتجة عن التخلف وسوء إدارة المشروعات الاقتصادية، أو بسبب الحروب المحلية والإقليمية والدولية، يرتبط قبل كل شيء بتعزيز دور العامل البشري”[100].
“فإذا أصلحنا الإنسان، فقد صلحت الحياة كلها من حوله، وإنما يصلح الإنسان من داخله لا من خارجه، ومن باطنه لا من ظاهره؛ ومن نفسه التي بين جنبيه لا من غلافه البدني، وهذه سنة ثابتة قررها الكرآن الكريم حين قال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[101] “[102].
فكيف يتأتى هذا التغيير عمليا؟
من المقترحات؛ تلك التي أكدت أن هذا التغيير “يتطلب تغييرا جذريا في التمثلات والممارسات وسلوكيات المواطنين تجاه مكونات محيطهم الطبيعي، وإنجاز تغيير كهذا يستلزم من جهة: العمل في الديمومة وفي واجهات ومستويات متعددة ( الأسرة، المدرسة، وسائل الإعلام )، لترسيخ الوعي برهان البيئة، وتنمية روح المسؤولية الفردية والجماعية على هذا المستوى”[103].
فهل يمكن أن يتأتى هذا التغيير فقط بواسطة “سن إطار قانوني متكامل وقابل للتنفيذ”[104] ؟
وهل القوانين والتوصيات يمكن أن تخضع للتطبيق في غياب ترسانة من المبادئ؛ كالشعور بروح المسؤولية وإحياء الضمائر وتخليق الممارسات، إلى غير ذلك من المفاهيم التي تصب في مسألة واحدة؛ ألا وهي دور العوامل غير المرئية في كل عملية تنموية، يمثل العامل التربوي عمادها المحوري؛ ذلك لأن الظاهرة الثقافية لا يمكن التحكم فيها بقرار إداري.
لذلك يجب “إدماج العامل التربوي في كل أبعاده التكوينية، التحسيسية والتأطيرية والتواصلية، في استراتيجية حماية الموارد الطبيعية ومحاربة التلوث، بهدف إنعاش التربية البيئية وتدعيم روح المسؤولية والمواطنة على مستوى علاقة المواطنين بالموارد المائية أو التربة أو التراث الغابوي”[105].
من التوجيهات التربوية التي يمكن أن تعتبر أسبابا ناجعة لحل الإشكاليات البيئية، استعظام أبسط أشكال الفساد، كما يتصوره الإسلام؛ من أمثلة ذلك النهي عن التبول أو التغوط في الماء الراكد أو في طريق الناس؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ» قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ فِي ظِلِّهِمْ»[106].
“الْمُرَادُ بِاللَّاعِنَيْنِ الْأَمْرَيْنِ الْجَالِبَيْنِ لِلَّعْنِ الْحَامِلَيْنِ النَّاسَ عَلَيْهِ وَالدَّاعِيَيْنِ إِلَيْهِ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ فَعَلَهُمَا شُتِمَ وَلُعِنَ يَعْنِي عَادَةُ النَّاسِ لَعْنُهُ فَلَمَّا صَارَا سَبَبًا لِذَلِكَ أُضِيفَ اللَّعْنُ”[107].
II – 5 – 5 – من سنن الله التاريخية مؤاخذة المفسدين ونجاة المصلحين:
رجوعا إلى الشطر الأخير من الآية {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}؛ يتبين أن الضرر الناتج عن الإفساد البشري، ضرر جزئي لا كلي؛ بدليل قوله تعالى” لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا“؛ تبرز من خلاله سنة من سنن الله التاريخية؛ وهي أن البشرية لا تؤاخذ بكل عواقب الإفساد الذي سعت فيه؛ وإنما ببعض العواقب؛ لأنه لو كانت المؤاخذة كلية؛ لانتهت الحياة على الأرض “وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ“[108]، وهذا ما يسميه العلماء بسنة التدافع لاستمرار الحياة؛ بدليل قوله تعالى:{وَلَوْلَا دفاعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}[109]
“ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ الْمَوْجُودَاتِ الَّتِي عَلَى الْأَرْضِ مِنْ أَجْنَاسٍ وَأَنْوَاعٍ وَأَصْنَافٍ، خَلَقَهَا قَابِلَةً لِلِاضْمِحْلَالِ، وَأَوْدَعَ فِي أَفْرَادِهَا سُنَنًا دَلَّتْ عَلَى أَنَّ مُرَادَ اللَّهِ بَقَاؤُهَا إِلَى أَمَدٍ أَرَادَهُ، وَلِذَلِكَ نَجِدُ قَانُونَ الْخَلَفِيَّةِ مُنْبَثًّا فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْمَوْجُودَاتِ فَمَا مِنْ نَوْعٍ إِلَّا وَفِي أَفْرَادِهِ قُوَّةُ إِيجَادِ أَمْثَالِهَا لِتَكُونَ تِلْكَ الْأَمْثَالُ أَخْلَافًا عَنِ الْأَفْرَادِ عِنْدَ اضْمِحْلَالِهَا، وَهَذِهِ الْقُوَّةُ هِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِالتَّنَاسُلِ فِي الْحَيَوَانِ، وَالْبَذْرِ فِي النَّبْتِ، وَالنَّضْحِ فِي الْمَعَادِنِ، وَالتَّوَلُّدِ فِي الْعَنَاصِرِ الْكِيمَاوِيَّةِ”[110].
لذلك يذكر الله تعالى بسننه التاريخية؛ منذ أول رسالة أنزلت على نوح عليه السلام، مرورا بمن تبعه من الأنبياء، تقرر كلها على مؤاخذة المفسدين ونجاة المصلحين:
{فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ}[111]
{وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ}[112]
{فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ}[113]
{وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ}[114]
{وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ}[115]
إن كل الدراسات التاريخية؛ مهما تعددت مناهجها، لا تنكر هذه الأحداث؛ لذا يبقى استمرارها أمرا معتادا تاريخيا.
خلاصة:
التغير المناخي مظهر من مظاهر التغيرات البيئية، تشكل فيها زيادة كمية غاز ثاني أوكسيد الكربون العامل المحرك، اتفق الجميع على أن محركه الإنسان، من خلال سلوكياته الاستهلاكية الجائرة المهددة للنظام البيولوجي، في ظل تنافس اقتصادي- عسكري، يخطط للربح والتحكم، مهما كانت العواقب البيئية! {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}[116].
مما أفرز قناعة لدى عقلاء البشرية؛ أن العلوم التجريبية؛ إذا لم توجه بالعلوم الانسانية المتنوعة، تتحول أداة تخريب، لا تعترف بالحدود السياسية، ولا التنوعات الإثنية، في هذا الإطار؛ يمكن إدراج تحذيرات العلماء عبر بحوث متنوعة، واتفاقيات ومؤتمرات دولية.
إلا أن التخريب الناتج عن الإفساد البشري، رغم تحمله نسبة من الإنعكاسات السلبية التي تعانيها الانسانية اليوم؛ يجب وضعه في الدرجة اللائقة به، باعتبار أن خالق هذا الكون؛ وضع له ضوابط، تضمن استمراريته؛ منها قوله تعالى”وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ“[117]، أي أن المؤاخذة الدنيوية لا تعمم، وإلا حصل الفناء.
يسبب هذا الطرح نقاشا ابستمولوجيا، بين من هو مقتنع به، وبين من يعتبره طرحا تقليديا لاهوتيا! بمعنى أنه نقاش ينبني على أساس اختلاف وتناقض المناهج والإيديولوجيات؛ خصوصا بعد اعتماد أغلب البرامج التعليمية، على التحليل الأحادي- المادي؛ واعتباره التحليل الموضوعي المحتكر للصواب!
بينما اعتبر من طرف البعض الآخر؛ من أوضح الأدلة على القصور الإبستمولوجي للعلوم الانسانية، لعدم اعترافه بالتنوع الفكري، وأن تبرير استبدال الدين بالعلوم التجريبية؛ بسبب انحرافات الكنيسة، غير مبرر لدى المسلمين.
المراجع:
- إبراهيم الأزرق: الكوارث الطبيعية وهلاك الصالحين، مجلة البيان (219/ 3).
- ابن منظور(المتوفى: 711هـ): لسان العرب، الناشر: دار صادر، بيروت، ط.3، سنة 1414 هـ، عدد الأجزاء: 15.
- أبو الفداء إسماعيل بن كثير(المتوفى: 774هـ): تفسير القرآن العظيم (ابن كثير)، المحقق: محمد
حسين شمس الدين، الناشر: دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون – بيروت، ط.1، سنة 1419هـ.
- أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ): المنهاج شرح صحيح مسلم بن
الحجاج (شرح النووي على مسلم)، الناشر: دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط.2، سنة 1392، عدد الأجزاء: 18.
- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أبي بكر القرطبي (المتوفى: 671هـ): الجامع لأحكام القرآن (تفسير
القرطبي)، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، الناشر: دار الكتب المصرية – القاهرة، ط.2، سنة 1384هـ – 1964 م، عدد الأجزاء: 20.
- أحمد مدحت إسلام: التلوث مشكلة العصر، مجلة عالم المعرفة، العدد 152، غشت 1990.
- أندروس جودي: التغيرات البيئية، ترجمة محمود محمد عاشور، نشر المجلس الأعلى للثقافة بمصر، سنة 1996.
- أنور الجندي : تجاوزات العلوم الإجتماعية والإنسانية لمفهوم الفطرة والعلم ، سلسلة على طريق الأصالة رقم 23 ، دار الإعتصام ، القاهرة 1989.
- بيير جورج: مناهج البحث في الجغرافية، ترجمة ميشال أبي فاضل، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط.1، سنة 1986.
- التقرير السنوي لبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة، سنة 2008.
- د. حسين أحمد حسين: المفسدون في الأرض https://ar.wikibooks.org/wiki
- د. عادل معتمد عبد الحميد، مقال بعنوان”الإدارة البيئية بين الواقع والوهم العالمى”.
- د. عبدالله بن جمعان: الـتنمية المسـتدامة بين الحق في استغلال الموارد الطبيعية والمسئولية عن حماية البيئة. أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود غشت 2007.
- د. علي أحمد هارون: جغرافية الزراعة، دار الفكر العربي، القاهرة، سنة 2000، ط 1.
- د. يوسف القرضاوي: رعاية البيئة في شريعة الإسلام، دار الشروق، القاهرة، ط1، سنة 2001.
- د.محمد محمود سليمان: الجغرافيا والبيئة، منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق، 2007.
- سالم يفوت : فلسفة العلم المعاصرة ومفهومها للواقع، دار الطليعة، بيروت، الطبعة 1، 1986.
- عبد العزيز طريح شرف: الجغرافيا المناخية والنباتية، دار المعرفة الجامعية، سنة 2000.
- عبد المجيد بن محمد الوعلان: الآيات الكونية دراسة عقدية، أطروحة لنيل درجة الماجستير، كلية أصول الدين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، إشراف: عبد الكريم بن محمد الحميدي، الأستاذ المشارك، السنة الجامعية 1432 هـ / 1433 هـ.
- فرنانتز روزنتال: مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي، دار الثقافة، بيروت، ط. 4، سنة 1983.
- كتاب تكنولوجيا الطاقة البديلة، عالم المعرفة، فبراير 1981، العدد 38.
- لوي التوسر: الفلسفة وفلسفة العلماء العفوية، ترجمة رضا الزواري، منشورات عيون، البيضاء، ط2، 1989.
- ماحي تابث أول: تخزين ثاني أكسيد الكربون CO2 تحت الأرض http://marocenv.com/336.html
- محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي (المتوفى: 1393هـ): أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت – لبنان، سنة 1415 هـ – 1995.
- محمد الطاهر بن محمد بن عاشور التونسي (المتوفى: 1393هـ): تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد (التحرير والتنوير)، الناشر: الدار التونسية للنشر – تونس، سنة النشر: 1984 هـ، عدد الأجزاء: 30.
- محمد بلفقيه: الجغرافيا: القول عنها والقول فيها، 1 – البحث عن الهوية، النشر العربي الافريقي، الطبعة الأولى، 1992.
- محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي: الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه (صحيح البخاري)، المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر، الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، الطبعة: الأولى، 1422هـ، عدد الأجزاء: 9.
- محمد بن علي الشوكاني اليمني (المتوفى: 1250هـ): فتح القدير، الناشر: دار ابن كثير، دار الكلم الطيب – دمشق، بيروت، ط.1، سنة 1414هـ.
- محمد سميح عافية: القرآن وعلوم الأرض، الناشر: الزهراء للإعلام العربي، ط.1، سنة 1994.
- محمد متولي الشعراوي (المتوفى: 1418هـ): تفسير الشعراوي (الخواطر)، نشر سنة 1997، الناشر: مطابع أخبار اليوم، عدد الأجزاء: 20.
- مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261هـ): المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (صحيح مسلم)، المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت، عدد الأجزاء: 5.
- المعهد العالمي للفكر الاسلامي : الوجيز في اسلامية المعرفة، دار الامان، الرباط، الطبعة 1، 1988.
- موقع الإسلام سؤال وجواب، إشراف الشيخ محمد صالح المنجد (5/ 4895، بترقيم الشاملة آليا).
- مولاى أحمد العلوي، أوردها أحمد الهاشمي في: أسس الخلاف النحوي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في اللسانيات، كلية الاداب، الرباط، السنة الجامعية 1987- 1988.
- وحيد محمد مفضل: هندسة المناخ حل واقعي أم خيال علمي؟
- وحيد مفضل: التغير العالمي للمناخ وذوبان الجليد والطوفان القادم الكبير.
– 36http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions
– 37http://www.aljazeera.net/news/scienceandtechnology
– 38http://www.arabnet5.com/articles.asp?
– 39https://ar.wikipedia.org/wiki
– 40https://www.irinnews.org/ar/report
د. عبد الغني بقاس – شعبة الجغرافيا – كلية الآداب والعلوم الإنسانية مراكش
31 أكتوبر 2016
[1] “تتكون كلمة الإبستمولوجيا من مقطعين: الأول هوEpistemo وهو مشتق من الكلمة الإغريقية Episteme بمعنى المعرفة، أما المقطع الثاني Logy فيعني العلم بوجه عام، ومن ثم فقد أطلق الكثيرون على الإبستمولوجيا (علم المعرفة)” جان بياجيه: الإبستمولوجيا التكوينية، ترجمة د. السيد نفادي، الناشر: دار التكوين دمشق ودار العالم الثالث القاهرة، سنة 2004، ص24.
تدرس الإبستمولوجيا قضايا معرفية متعددة من قبيل: هل المعرفة ممكنة أم غير ممكنة؟ ماهي حدود المعرفة؟ ما وسائلها؟ الحس أم العقل؟ أم الحس والعقل معاً، وغير ذلك من القضايا.
[2] أندروس جودي: التغير البيئية، ترجمة محمود محمد عاشور، نشر المجلس الأعلى للثقافة بمصر، سنة 1996، ص 15 ضمن التمهيد.
[3] أحمد مدحت إسلام: التلوث مشكلة العصر، مجلة عالم المعرفة، العدد 152، غشت 1990، ص 23.
[4] وحيد مفضل: التغير العالمي للمناخ وذوبان الجليد والطوفان القادم الكبير http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions
[5] د. حسين أحمد حسين: المفسدون في الأرض https://ar.wikibooks.org/wiki
[6] قام الهولنديون مثلا بحماية أراضيهم المنخفضة ببناء سدود واقية وقوية، الأمر الذي لا تطيقه الدول الفقيرة.
[7] حسب توقعات الدكتور عبدالله الوليعي بقسم الجغرافيا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
[8] حسب كتاب البيئة ومشكلاتها، مجلة عالم المعرفة؛ أكتوبر 1979، ص 9.
[9] جزيرة تقع في الشمال الشرقي لكندا، تقدر مساحتها بمليوني كيلومتر مربع (5مرات مساحة فرنسا) تغطي الثلوج 85 % منها.
[10] انظر تفاصيل حول نشأة الأعاصير في:
– كتاب الأرصاد الجوية للدكتور أحمد أحمد الشيخ: جامعة المنصورة، سنة 2004، ص 158-165.
– كتاب الجغرافيا المناخية والنباتية للدكتور عبد العزيز طريح شرف، دار المعرفة الجامعية، سنة 2000، ص 160-165.
[11] أندروس جودي: التغير البيئية، مرجع سابق، ص 319.
[12] وحيد مفضل: التغير العالمي للمناخ وذوبان الجليد والطوفان القادم الكبير http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions
[13] سورة البقرة الآيتان 204، 205.
[14] سورة الروم الآية 41.
[15] أبو الفداء إسماعيل بن كثير(المتوفى: 774هـ): تفسير القرآن العظيم (ابن كثير)، المحقق: محمد حسين شمس الدين، الناشر: دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون – بيروت، ط.1، سنة 1419هـ ، ج 1، ص247 .
[16] محمد متولي الشعراوي (المتوفى: 1418هـ): تفسير الشعراوي (الخواطر)، نشر سنة 1997، الناشر: مطابع أخبار اليوم، عدد الأجزاء: 20، ج2، ص 866.
[17] نفس المرجع ونفس الصفحة.
[18] سورة البقرة الآية 204.
[19] تفسير الشعراوي، مرجع سابق، ج2، ص 872.
[20] تفسير الشعراوي، مرجع سابق، ج2، ص 873.
[21] سورة البقرة الآية 204.
[22] سورة الروم الآية 41.
[23] ابن منظور(المتوفى: 711هـ): لسان العرب، الناشر: دار صادر، بيروت، ط.3، سنة 1414 هـ، عدد الأجزاء: 15، ج3، ص335، مادة (فسد).
[24] محمد بن علي الشوكاني اليمني (المتوفى: 1250هـ): فتح القدير، الناشر: دار ابن كثير، دار الكلم الطيب – دمشق، بيروت، ط.1، سنة 1414هـ ، ج4، ص 263.
[25] تفسير ابن كثير، مرجع سابق، ج6، ص 287.
[26] تفسير الشعراوي، مرجع سابق، ج18، ص 11475.
[27] سورة الروم الآيتان 6-7.
[28] تفسير الشعراوي، مرجع سابق، ج 4، ص 2475.
[29] أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أبي بكر القرطبي (المتوفى: 671هـ): الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي)، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، الناشر: دار الكتب المصرية – القاهرة، ط.2، سنة 1384هـ – 1964 م، عدد الأجزاء: 20 جزء، ج14، ص 7.
[30] تفسير ابن كثير، مرجع سابق، ج 6، ص 274-275.
[31] محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي (المتوفى: 1393هـ): أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت – لبنان، سنة 1415 هـ – 1995 م، ج2، ص 262.
[32] سورة الروم الآية 8.
[33] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، مرجع سابق، ج6، ص 168.
[34] سورة الأنبياء الآيات 30 – 32.
[35] محمد الطاهر بن محمد بن عاشور التونسي (المتوفى: 1393هـ): تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد (التحرير والتنوير)، الناشر: الدار التونسية للنشر – تونس، سنة النشر: 1984 هـ، عدد الأجزاء: 30، ج17ص 53.
[36] تفسير ابن كثير، مرجع سابق،ج5ص 297.
[37] بن عاشور: التحرير والتنوير، مرجع سابق، ج17ص 56.
[38] تفسير الشعراوي، مرجع سابق، ج6 ص 3529.
[39] https://ar.wikipedia.org/wiki
[40] https://www.irinnews.org/ar/report
[41] ماحي تابث أول: تخزين ثاني أكسيد الكربون CO2 تحت الأرض http://marocenv.com/336.html
[42] كتاب تكنولوجيا الطاقة البديلة، عالم المعرفة، فبراير 1981، العدد 38.
[43] اعتمادا على التقرير السنوي لبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة، سنة 2008.
[44] د. عادل معتمد عبد الحميد، من جامعة أسيوط، في مقال له بعنوان”الإدارة البيئية بين الواقع والوهم العالمى”.
[45] د. عبدالله بن جمعان: الـتنمية المسـتدامة بين الحق في استغلال الموارد الطبيعية والمسئولية عن حماية البيئة. أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود غشت 2007.
[46] سورة الروم الآية 8.
[47] http://www.arabnet5.com/articles.asp?
[48] نشر المقال الأصلي في جريدة الأهرام الأسبوعية الصادرة باللغة الإنجليزية، 7-15 فبراير 2008
What global warming?/ Lubna Abdul-Aziz.- Al-Ahram Weekly
[49] بيير جورج: مناهج البحث في الجغرافية، ترجمة ميشال أبي فاضل، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط.1، سنة 1986، ص 109.
[50] محمد بلفقيه : الجغرافيا : القول عنها والقول فيها ، 1 – البحث عن الهوية ، النشر العربي الافريقي ، الطبعة الأولى ، 1992 ، ص 23 .
[51] أنور الجندي: تجاوزات العلوم الإجتماعية والإنسانية لمفهوم الفطرة والعلم، سلسلة على طريق الأصالة رقم 23، دار الإعتصام، القاهرة 1989، ص3
[52] محمد بلفقيه: مرجع سابق، ص 25.
[53] محمد بلفقيه: مرجع سابق، ص 41.
[54] مولاى أحمد العلوي، أوردها أحمد الهاشمي في: أسس الخلاف النحوي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في اللسانيات، كلية الاداب، الرباط، السنة الجامعية 1987- 1988، ص 11.
[55] رواه البخاري برقم 5610 ومسلم برقم 272.
[56] مولاى أحمد العلوي، مرجع سابق، من ص 18 -21.
[57] محمد بلفقيه: مرجع سابق، ص 43.
[58] محمد بلفقيه: مرجع سابق، ص 25.
[59] محمد متولي الشعراوي: المنتخب في تفسير القرآن الكريم، دار العودة، بيروت، سنة 1987، الجزء1، ص25.
[60] لوي التوسر: الفلسفة وفلسفة العلماء العفوية، ترجمة رضا الزواري، منشورات عيون، البيضاء، ط2، 1989، ص20.
[61] محمد بلفقيه : مرجع سابق ، ص 27.
[62] سالم يفوت : فلسفة العلم المعاصرة ومفهومها للواقع، دار الطليعة، بيروت، الطبعة 1، 1986، ص. 223.
[63] محمد بلفقيه: مرجع سابق، ص 37-38.
[64] فرنانتز روزنتال: مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي، دار الثقافة، بيروت، ط. 4، سنة 1983، ص 189.
[65] محمد بلفقيه: مرجع سابق، ص 42.
[66] المعهد العالمي للفكر الاسلامي : الوجيز في اسلامية المعرفة، دار الامان، الرباط، الطبعة 1، 1988، ص 8.
[67] إبراهيم الأزرق: الكوارث الطبيعية وهلاك الصالحين، مجلة البيان (219/ 3).
[68] سورة الفرقان الآيتان 48 – 50.
[69] رواه البيهقي في السنن الكبرى برقم 6482 وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره وغيرهما.
[70] تفسير ابن كثير، مرجع سابق، ج6، ص 105.
[71] أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني (المتوفى: 1420هـ): سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، الناشر: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض، الطبعة: الأولى، (لمكتبة المعارف)، سنة النشر: جـ 1 – 4: 1415 هـ – 1995 م، جـ 6: 1416 هـ – 1996 م، جـ 7: 1422 هـ – 2002 م، ج5، ص 593.
[72] عبد العزيز طريح شرف: الجغرافيا المناخية والنباتية، مرجع سابق، ص 52 – 53.
[73] سورة إبراهيم الآية 32.
[74] سورة السجدة الآية 27.
[75] تفسير الشعراوي، مرجع سابق، ج19، ص 11867.
[76] تفسير الشعراوي، مرجع سابق، ج19، ص 11867.
[77] تفسير ابن كثير، مرجع سابق، ج6، ص 332.
[78] رواه البخاري برقم 7119 ومسلم برقم 30.
[79] رواه مسلم برقم 29.
[80] د. علي أحمد هارون: جغرافية الزراعة، دار الفكر العربي، القاهرة، سنة 2000، ط 1، ص92.
انظر أيضا: عبد العزيز طريح شرف: الجغرافيا المناخية والنباتية، دار المعرفة الجامعية، سنة 2000، ص 491-512.
[81] لايمنع من نزول المطر.
[82] الصوف أو الشعر والمراد به البوادي.
[83] المدن.
[84] المرآة أي أن الماء يعم كل الأرض.
[85] الجماعة من الناس.
[86] مُقَعَّرُ قِشْرِهَا شَبَّهَهَا بِقِحْفِ الرَّأْسِ وَهُوَ الَّذِي فَوْقَ الدِّمَاغِ.
[87] رواه مسلم برقم 2937.
[88] سورة القصص الآية 68
[89] محمد سميح عافية: القرآن وعلوم الأرض، الناشر: الزهراء للإعلام العربي، ط.1، سنة 1994، ص 37.
[90] رواه أحمد برقم8833 ومسلم برقم 60.
[91] عبد المجيد بن محمد الوعلان: الآيات الكونية دراسة عقدية، أطروحة لنيل درجة الماجستير، كلية أصول الدين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، إشراف: عبد الكريم بن محمد الحميدي، الأستاذ المشارك، السنة الجامعية 1432 هـ / 1433 هـ، ص 583.
[92] سورة النساء الآية 71.
[93] وحيد محمد مفضل: هندسة المناخ حل واقعي أم خيال علمي؟ http://www.aljazeera.net/news/scienceandtechnology
[94] سورة القصص الآية 77.
[95] لوي التوسر: الفلسفة وفلسفة العلماء العفوية، مرجع سابق، ص 21.
[96] سورة الرعد الآية 31.
[97] تفسير القرطبي، مرجع سابق، ج 9 ص 321.
[98] بن عاشور: التحرير والتنوير، مرجع سابق، ج13 ص 146.
[99] موقع الإسلام سؤال وجواب، إشراف الشيخ محمد صالح المنجد (5/ 4895، بترقيم الشاملة آليا).
[100] د.محمد محمود سليمان: الجغرافيا والبيئة، منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق، 2007، ص 79.
[101] سورة الرعد الآية 11.
[102] د. يوسف القرضاوي: رعاية البيئة في شريعة الإسلام، دار الشروق، القاهرة، ط1، سنة 2001، ص 234.
[103] الحوار الوطني حول إعداد التراب: مشروع الميثاق الوطني لإعداد التراب ص27-28.
[104] الحوار الوطني حول إعداد التراب: مرجع سابق ص 22.
[105] الحوار الوطني حول إعداد التراب : مشروع الميثاق الوطني لإعداد التراب ص 36.
[106] رواه مسلم برقم 68.
[107] أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ): المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (شرح النووي على مسلم)، الناشر: دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط.2، سنة 1392، عدد الأجزاء: 18، ج3، ص 161.
[108] سورة فاطر الآية 46.
[109] سورة البقرة الآية 251.
[110] بن عاشور: التحرير والتنوير، مرجع سابق، ج2، ص 501.
[111] سورة يونس الآية 73.
[112] سورة هود الآية 58.
[113] سورة هود الآية 66.
[114] سورة هود الآية 94.
[115] سورة الشعراء الآيتان 65، 66.
[116] سورة الروم الآية 41.
[117] سورة فاطر الآية 46.