دراسة علمية تكشف خطورة الأطعمة فائقة المعالجة وارتباطها بالأمراض المزمنة

دراسة علمية تكشف خطورة الأطعمة فائقة المعالجة وارتباطها بالأمراض المزمنة
هوية بريس – متابعات
أصدرت مجلة The Lancet العلمية، الأربعاء 19 نونبر 2025، دراسة تتكون من ثلاث ورقات بحثية حول تأثير الأطعمة فائقة المعالجة على صحة الإنسان، مؤكدة أن هذا النمط الغذائي أصبح يمثل أحد أبرز عوامل الخطر المرتبطة بارتفاع معدلات الأمراض المزمنة عبر العالم.
أكدت الدراسة أن المنتجات فائقة المعالجة لا تشكل مجرد خيار غذائي غير صحي، بل تحولت إلى عامل بنيوي يهدد الصحة العامة ويقوّض نظم الأغذية عالميا، مشددة على ضرورة تدخل حكومات العالم بصورة عاجلة لمواجهة ما تصفه بـ”تأثير الشركات الكبرى على الصحة والسياسات العامة”.
تزايد الأمراض المزمنة
تشمل الأطعمة فائقة المعالجة المأكولات الخاضعة لعمليات تصنيع متعددة تغير شكلها الأصلي بشكل كبير، وتُضاف إليها مكونات صناعية غير موجودة في الطبيعة، وغالبا ما تكون هذه المأكولات جاهزة للأكل أو الشرب أو التسخين، وتتميز بطعم قوي ومدة صلاحية طويلة.
ورصدت الورقة الأولى من السلسة العلمية كما كبيرا من الأدلة العلمية التي تربط بين استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة وارتفاع معدلات السمنة، والسكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، وبعض أنواع السرطان.
وأشارت الدراسة إلى أن خطر الإصابة بمرض كرون المزمن يرتفع بحوالي 90 في المائة، فيما يرتفع خطر الإصابة بالسمنة البطنية بسبب استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة بـ33 في المائة، والاكتئاب بنسبة 23 في المائة، والفشل الكلوي المزمن بنسبة 22 في المائة، كما يرتفع خطر الإصابة بالسمنة بصفة عامة بـ21 في المائة.
وتؤكد الدراسة أن مخاطر هذه المنتجات لا ترتبط بالسعرات الحرارية فقط، بل أيضا بتركيبة الأغذية الصناعية التي تشمل إضافات ومكونات معدلة ومعالجة بشكل مفرط قد يؤثر على وظائف الجسم والتمثيل الغذائي.
كما حذرت الورقة من “الانتشار الواسع لهذه الأطعمة في الأنظمة الغذائية حول العالم” باعتبارها اليوم مصدرا رئيسيا للسعرات الحرارية لدى شريحة واسعة من السكان.
تداعيات صحية واقتصادية واجتماعية
من جهة أخرى قدمت السلسلة العلمية المخصصة للأطعمة فائقة المعالجة، في الورقة الثانية، تشخيصا أوسع يتجاوز الجانب الصحي، بحيث ربطت انتشار الأطعمة فائقة المعالجة بتدهور النظم الغذائية التقليدية، وتراجع الأمن الغذائي، وتزايد عدم المساواة.
وتشير الورقة إلى أن هذه الأطعمة تُنتج غالبا من مكونات زراعية قليلة التكلفة، ما يجعلها مربحة للشركات، لكنها تُضعف تنوع الإنتاج الزراعي وتُهمش المزارعين الصغار.
كما تُظهر الدراسة كيف تؤدي هذه الأطعمة إلى “اختلالات في نظام الأغذية”، بما في ذلك ارتفاع الأمراض المزمنة وما يرافق ذلك من تكاليف اقتصادية متزايدة على الأنظمة الصحية.
وحذرت الدراسة، في ورقتها الأخيرة، من نفوذ الشركات الكبرى المنتجة لهذه الأطعمة، مشيرة إلى أنها “تقوض السياسات الصحية الوقائية” وتحول دون سن قوانين أكثر صرامة على مستوى الملصقات الغذائية والضرائب الصحية، أو الحد من التسويق للأطفال.
ودعت الدراسة إلى بناء “حركة صحية عالمية” لحماية السياسات الغذائية من التأثير التجاري وضمان الشفافية في القرارات المتعلقة بالصحة العامة.
كما خلصت إلى ضرورة تبني استراتيجيات حكومية واضحة للحد من استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة، من خلال سن ضرائب غذائية، وتشديد تنظيم الإشهار الموجه للأطفال، ووضع ملصقات تحذيرية واضحة على المنتجات.
وشددت على ضرورة وضع معايير صارمة لمنع تضارب المصالح في البحوث والسياسات الصحية، وفرض شفافية حول نشاط جماعات الضغط، كما أوصت بالاستثمار في الزراعة التقليدية، والمزارعين الصغار، وتعزيز سلاسل الإنتاج المحلية التي توفر غذاءً صحيا ومتنوعا.
وأكدت أن الحد من انتشار الأطعمة فائقة المعالجة لا يمكن أن يتحقق عبر النظام الصحي فقط، بل يتطلب تحالفات بين الباحثين والحكومات ومنظمات المجتمع المدني، والفاعلين في مجال العدالة الغذائية.
أين تكمن هذه الأطعمة؟
أكدت الأخصائية في الحمية والتغذية والتغذية الدقيقة خولة شاه، أن الأطعمة فائقة المعالجة توجد في العديد من المنتجات الغذائية وليس فقط المصنعة، بل أيضا في الخضر والفواكه التي تعرضت للتعديل سواء تعلق الأمر ببعض الأطعمة المعدلة وراثيا أو الأطعمة المعالجة بالمبيدات، بحيث قد تبقى بقايا المبيدات على سطح أو داخل الفواكه والخضر.
وأوضحت شاه، في تصريح للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، أن هذه المأكولات تتجلى كذلك في الأطعمة المصنعة التي تحتوي على أكثر من خمسة مكونات، على رأسها المضافات الغذائية، وهي مواد يتم إضافتها إلى الأغذية أثناء التصنيع أو التحضير لتحسين بعض الخصائص، مثل تحسين الطعم وتحسين اللون وإطالة مدة الصلاحية وتحسين القوام والشكل، فضلا عن المحليات الكميائية التي تعد بديلا للسكر.
ومن بين المنتجات الموجودة في السوق المغربية والتي تصنف ضمن الأطعمة فائقة المعالجة، تقول شاه، توجد الحبوب المحلاة المستعملة في الفطور والتي غالبا ما تكون غنية بالسكر، والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة التي تحتوي على كميات كبيرة من السكر أو المحليات الصناعية.
كما تصنف ضمن هذه الفئة المقرمشات والبسكويت المحلى، إذ تعد غنية بالدهون المشبعة والسكر المضاف، والوجبات السريعة مثل البرغر، والبطاطس المقلية، وقطع الدجاج الجاهزة، ثم اللحوم المعالجة مثل النقانق، والسلامي، ولحوم الديك الرومي المعلبة، إضافة إلى المعكرونة سريعة التحضير والتي تحتوي على نكهات ومواد حافظة بكميات كبيرة، ومنتجات المخابز الصناعية.



