دراسة: 4% من المغاربة يعتبرون أن جائحة “كورونا” قوت روابطهم مع مؤسسات الدولة
هوية بريس – متابعات
أصدرت مؤسسة “منصات” للأبحاث والدراسات الاجتماعية، تقريرا لنتائج المرحلة الثانية من الدراسة التي تجريها بعنوان “المغاربة وكوفيد-19: المواقف، التمثلات والممارسات”.
وأشارت الدراسة أنه أمام المخاوف والقلق الكبير الذي لا زال يثيره الفيروس، تظل الأسرة والعائلة الملجأ الأساسي لأفراد العينة في حالة الحاجة إلى المساعدة.
فجوابا عن سؤال إلى من تلجأ في حالة الحاجة إلى مساعدة؟، أكد 73% من المستجوبين لجوؤهم إلى الأسرة والعائلة، وما يزيد من تعميق هذا الرابط، وما يدل أيضا على قوته، بالرغم من كل التحولات التي لحقته، بحسب الدراسة، اعتبار الأغلبية المطلقة 83% ظروف هذه الأزمة الصحية قوت من علاقتهم بأفراد العائلة.
فيما اعتبر 4% فقط من أفراد العينة بأن الأزمة قوت روابطه مع مؤسسات الدولة، و1,5% صرحوا أن علاقتهم تقوت مع الجيران خلال ظروف هذا الوباء. وصرح حوالي 80% من المستجوبين بأن ظروف الوباء غيرت من سلوكاتهم اتجاه محيطهم فيما أجابت النسبة المتبقية بالنفي.
إحياء رابط التضامن
وأوضحت نتائج الدراسة أن الجائحة بالرغم من كل تداعياتها الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية الكبرى، فقد ساهمت في إحياء روابط التضامن والتعاون بين التكتلات والأنساق الهوياتية الصغرى بمختلف تسمياتها.
وتبرز الهوية العائلية كنموذج مركزي في هذا السياق، حيث يصرح 73 % من المواطنين أن العائلة مثلت وتمثل الملجأ الأساسي لطلب المساعدة عند الضيق والحاجة، تليها جماعة الأصدقاء بنسبة 17 %، في حين كان الاعتماد على مؤسسات الدولة مطلب 6% من المواطنين، لتحل قبل جماعات الزمالة في العمل التي لم تتجاوز نسبتها ثلاث نقط من المئة.
وأكدت الدراسة أن هذا يؤشر على مركزية مساهمة الرابط العائلي في تخفيف الظروف التي نتجت عن الطوارئ الصحية، فيبرز سلوك التضامن عند أفراد العائلة الواحدة كالتزام تطوعي متعدد الأبعاد، لصالح غير القادرين من بينهم على تلبية حاجاتهم الاقتصادية، فرادى أو أربابا لأسر متعددة الأفراد.
تراجع المداخيل الشهرية
ولفت الدراسة إلى أن الظروف التي فرضتها الجائحة، ساهمت في فقدان نسبة مهمة من المواطنين لمكاسب مادية، في حين تحملت أخرى نقصا في فرص وشروط العمل، أو نقصا وحتى انقطاعا للموارد المالية الشهرية التي تعتمد عليها كل أسرة، لدرجة أن أكثر من نصف عدد العينة النشيطين لم تعد تتجاوز مداخيلهم الشهرية 5000 درهما، بل إن حوالي ثلث المبحوثين لم تتعد لديهم مبلغ 2500 درهما شهريا، بما فيهم 21.6 % من المجموع ظلت مواردهم دون 1000 درهم شهريا.
وتراوحت موارد رزق العينة المستجوبة في إطار البحث، بين مداخيل الاستمرار في مزاولة العمل بنسبة 54.1 %، والاعتماد على مدخرات سابقة بنسبة 11.9 % .
أما الاعتماد على دعم الدولة للفئات المتضررة بسبب الجائحة فلم تتجاوز في عينتنا نسبة 6.14 % من المجموع، ليكتفي الباقي بالبحث عن موارد أخرى أساسية أو تكميلية مختلفة، عبر ممارسة بعض أنشطة الترميق (البريكولاج)، أو الاعتماد على بعض المساعدات التضامنية التي تعددت مصادرها، تتصدرها العائلة التي ما زالت تحتفظ بقوة الربط المجتمعي وكونها خزانا تقليديا لثقافة وقيم التعاون والتضامن المباشر داخل المجتمع المغربي.
تغير العلاقات الاجتماعية
وكشفت الدراسة أنه في الوقت الذي ينفى فيه حوالي خمس العينة تغير علاقاتهم الاجتماعية خلال فترة الحجر الصحي، بنسبة 19.1 %، فإن نسبة أعلى منهم تصل إلى 78.6 % تؤكد حدوث تلك التغيرات في حياتهم الاجتماعية، وهي تغيرات لا يتم الإجماع على عدها سلبية أو إيجابية، بحيث يعتبر ما نسبته 57.9 % أن علاقاتهم بالأفراد المحيطين بهم قد تطورت نحو الأفضل، في مقابل 7.3 % فقط ممن صرحوا أن علاقات الآخرين بهم قد ساءت خلال فترة الحجر الصحي، لتبقى نسبة 34.8 % من المواطنين محتفظة بتمثل استمرار علاقات اعتيادية بينهم وبين الغير، ولم يسجلوا بهذا الصدد أي تغير محسوس.
وفضل 83.2 من مجموع المستجوبين، عبارة العلاقات العادية، حيث لم ينكروا مساهمة ظروف الحجر الصحي في تقوية وتحسن علاقاتهم العائلية، واكتفى البعض بالتعبير عن تحسن علاقاته مع الأصدقاء لكن بنسبة لم تتجاوز 8 %، بينما سجلت علاقات الجوار أضعف نسبة تحسن بتسجيل نقطة ونصف من المائة.
افتقاد الفضاءات المهنية والتعليمية
وأبرزت الدراسة أنه إذا كان المنزل هو الفضاء الأكثر استعمالا من قبل الأسر والمجموعات المشكلة للمجتمع المغربي خلال هذه الفترة، فإن افتقاد أماكن كانت تلبي حاجات ورغبات الأفراد ظل ملازما لمرحلة الحجر الصحي.
وتعتبر الفضاءات التعليمية والمهنية الأكثر غيابا وافتقادا في حياة المغاربة المبحوثين بنسبة 23 %، تليها المساجد كفضاءات للعبادة الجماعية عند 19.3% منهم، ثم بعدها فضاءات الترفيه والرياضة بنسبة العشر تقريبا (10.9 %).
أما الباقي من المواطنين فقد عبر عن افتقاده لبعض الأنشطة الجماعية الأخرى، كزيارة الأقارب بنسبة 15.3 %، والسفر والتنقل بنسبة 16.1 %. في حين تبقى نسبة المفتقدين لفضاءات وخدمات القرب التي تقدمها المقاهي والمطاعم، والصالونات والحمامات ضعيفة، إما لوجود بدائل عنها بالبيوت وفضاءات السكن، أو لتركيز الناس على الحاجيات الأساسية في حياتهم في مقابل تأجيل الكمالي والتكميلي خلال هذه الفترة.
ارتفاع الولوج للأنترنت
وأبرزت الدراسة أنه خلال مرحلة الحجر الصحي سواء الأولى او الثانية، صار التواصل عن بعد هو الوسيلة الأكثر فعالية والأكثر اعتمادا لتحقيق عدد من الحاجات والرغبات المجتمعية للأفراد.
وأشارت أن الولوج للأنترنت أصبح حاجة عامة تمت تلبيتها، بنسبة لا تقل عن 96.6%، وهي بذلك ظلت مستقرة بين مرحلتي هذا البحث، كما أن نسبة استقاء الأخبار والمعلومات عن الجائحة بواسطة الأنترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي بقيت مرتفعة أكثر من أية وسيلة أخرى.