دراما المعركة بين الحلفاء..

26 يونيو 2025 19:01

هوية بريس – يونس فنيش

لقد اعتبر بعضهم أن ما وقع في 7 أكتوبر كان فخا نصب لحماس من أجل تمكين الكيان المنبوذ عالميا من قتل أكبر عدد من سكان غزة في أفق تهجير ما تبقى منهم إلى دول عربية مجاورة، و كان ما مكان من إبادة جماعية و ما تلاها من تجويع للغزاويين إلى يومنا هذا. ولكن لا أحد زعم أن ما قامت به حماس من عمل بطولي تاريخي دفاعا عن فلسطين كان مسرحية.

حماس حركة مقاومة، و المقاومة بصفة عامة بطبيعتها تستغل جميع الظروف و كل الفرص المتاحة من أجل تحرير أرض شعبها من الإستعمار. و إن كانت المقاومة في فلسطين محاصرة بشكل لم يسبق له مثيلا في التاريخ، فلقد وجدت فيها إيران فرصة لمقايضة حليفتها السرية أمريكا حتى تنال المرتبة التي تظن أنها تستحقها في الشرق الأوسط، و ذلك عبر مد حماس ببعض قطع السلاح و المؤونة، و ما كان لحماس سوى أن تشكر إيران الشيعية على ذلك لأن من لا يشكر الناس لا يشكر الله.

المعروف أن الكيان مجرد حارس الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، ولكنه كيان متغلغل في دواليب القرار في أمريكا بما في ذلك الكونغرس، و لذلك جميع القرارات تصدر لصالح الكيان مهما اقترف من جرائم نكراء، يعني أننا ربما أمام وضعية تجعل المرؤوس يتحكم في الرئيس. ولكن إذا كان الكيان يحظى بحماية أمريكا ضد الدول العربية المجاورة للكيان، و إن كانت مطبعة، فلأمريكا حليف آخر ألا و هو دولة إيران التي لا تقوم بأي مبادرة تجاه الكيان دون استشارة الولايات المتحدة الأمريكية.

ولكن أمام تغول الكيان بشكل لا يعكس حجمه الحقيقي لدرجة محاولة تجريد الولايات المتحدة الأمريكية من حليف يتقن اللعب في الخفاء، فهذا ما لم يكن مقبولا لأن أمريكا لا تقبل أن تمس مصالحها الإستراتيجية في الشرق الأوسط و التي لن تستطيع المحافظة عليها بدون الذراع الشيعي في المنطقة الممثل في إيران، فكان لابد لأمريكا من إعادة “بعض الأمور إلى نصابها”..

لا شك و أن الكيان لم يكن سعيدا لما أعلن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية عن خطة تهجير سكان غزة من أجل جعلها منطقة سياحية تابعة له أو لبلده، لأن الكيان يريد كل شيء له لوحده من أجل تحقيق حلمه العجيب تحت عنوان من النهر إلى النهر. و لما بادر الكيان لضرب إيران لجر الولايات المتحدة الأمريكية إلى تكرار سيناريو شبيه بالذي حصل في العراق، و أمام قوة اللوبي اليهودي في الكونغرس، بادر البيت الأبيض إلى حيلة لضرب عصفورين بحجرة واحدة، فسمح لإيران حليفته السرية بتأذيب الكيان بشكل محدود من جهة، و ليتضح له من الأقوى إيران أم الكيان، من جهة أخرى.

ولعل البيت الأبيض الآن علم أن الكيان لا يساوي شيئا في الشرق الأوسط رغم استنزافه لأموال الشعب الأمريكي منذ 70 سنة، و أنه لن يصمد لوحده أسبوعا واحدا لأنه لا يتوفر على شعب يخصه و لا على جيش باستطاعته خوض حرب لأن الأرض ليست أرضه، و لعل البيت الأبيض علم الآن أيضا بأن جميع شعوب العالم تكره الكيان كرها شديدا. و تجدر الإشارة إلى أن لا يبدو أن هناك اليوم انسجام بين البيت الأبيض و اهتماماته البرغماتية، و الكونغرس الذي يتحكم فيه اللوبي اليهودي الداعم للكيان مهما اقترف من مجازر في حق المدنيين في غزة، في حق الإنسانية كلها…

ما حصل من معركة بين الكيان و إيران مجرد خصومة بين حليفين من أجل السيطرة. فالأول يريد الوصول إلى النيل و الثاني يريد استعمار عددا من الدول المجاورة بدأ بنشر الشيعة. نعم، لم تكن المعركة مسرحية بقدر ما كانت مبارزة داخل نفس المجموعة وفقا لقانون الغاب لتحديد الزعامة فقط. لقد انهزم الكيان في معركة السماء و لولا تدخل البيت الأبيض الأمريكي الذي فرض وقف إطلاق النار لكانت معركة برية من شأنها أن تفضح ضعف جيش الكيان على المباشر لأنه جيش لا يتقن سوى قتل المدنيين بدم بارد لا إنساني.

و رغم كل ما حصل يبقى الكيان لديه تخوف واحد على المدى الطويل، تخوف مرضي، من أهل السنة فقط، لأنهم طيبون و هو لا يحب الطيبين مهما عاملوه بلطف و بحسن الظن، و لذلك فهو يتأبط لهم شرا عبر الدسائس و الخبث و المكر و الخداع.

إيران الشيعية تدعم المقاومة في فلسطين بالسلاح لأن هذا لا يزعج روسيا و الصين، حتى تظل المقاومة الفلسطينية خاضعة لها في بعض الأمور السياسية و مكبلة في ما يتعلق ببعض المواقف(…) و حتى تستغلها لمنع الكيان من التمدد، يعني أن إيران في هذه القضية لا تتعامل بالعاطفة بتاتا، لأن سيطرة الكيان على غزة يعني إنهاء حلم إيران في نشر الشيعة من أجل التغلغل في الدول العربية قبل السيطرة عليها؛ فكما يقول بعض اليهود الصهاينة بمكر خبيث و عبر الكذب البواح، و الكذب عقيدتهم، بأن لديهم أجداد في المغرب تمهيدا للسيطرة عليه، تدعي إيران أصولا شيعية في المغرب تمهيدا للتغلغل فيه و لذلك فلا مصلحة لها في وحدة المغرب، و بيدقها في ذلك يكمن في حكومة الجزائر السنية التي لولا قضية الصحراء المغربية لطبعت مع الكيان بشكل علني و هستيري، لأن على عكس إيران و الكيان، لا يحرك حكومة الجزائر سوى الحسد، و هذا شيء لم تسبق له أي دولة في تاريخ الإنسانية.

و مع إطلاق صفارة الحكم الأمريكي لإنهاء المعركة بين إيران و الكيان، لا يهم من انتصر بقدر ما يهم أن إيران كسبت قدرا من التعاطف الشعبي العالمي بحكم مواجهتها للكيان قاتل الأطفال و مرتكب الإبادة الجماعية في غزة، و قدرا من التعاطف العربي أيضا الذي انبهر من استعمال إيران لصواريخ من صنع محلي أرعبت الكيان و جعلته يرتجف، و لولا التدخل الأمريكي لتفكك و انهار تماما. ولكن أمريكا كجميع دول الغرب تعي الآن بأن الكيان سبب الدمار و أصبح عبئا لم يعد أحد يريد تحمله، فأمريكا نفسها تعرف مشاكل مع شعبها بسبب مساندتها للكيان القاتل المجرم مرتكب الإبادة الجماعية في غزة.

و من بين ما أسفرت عنه معركة الحلفاء إيران/الكيان، ما جاء في الإعلام الدولي، و الله أعلم، بأن 57.000 من سكان الكيان أتوا للإسقرار في المغرب بصفة دائمة. و بطبيعة الحال هذا ما قد تستغله إيران شر استغلال في ما يتعلق بقضيتنا الوطنية إن مباشرة أو عبر الجار الحسود لمحاولة المس بالإستقرار في المغرب. ولكن لا خوف لأن هنا المغرب، من طنجة إلى الكويرة، و المغاربة، الطيبون الأقوياء، الذين لا يقبلون تجاوز الحدود سواء كانت جغرافية أو معنوية… فالمغرب بلد التعايش ولكن فقط داخل إطار دينه و مقدساته و شعاره الوطني الذي يلتف حوله الشعب المغربي الذكي بأكمله. فمن كان يعرف المغرب و المغاربة حقا و حقيقة، يعلم أن لن يفلح لا حسد الجزائر، و لا خبث الكيان الصهيوني، و لا تقية شيعة إيران في المس بوحدة المغرب و المغاربة، و أن لا يمكن العبث في دولة المغرب المسلمة لا بدسائس، و لا بمكر، و لا بخديعة، لأن بكل بساطة طبيعة الشعب المغربي الأبي لا تسمح بذلك. و تحياتي إلى القراء الشرفاء الأعزاء.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
9°
16°
الثلاثاء
18°
الأربعاء
19°
الخميس
21°
الجمعة

كاريكاتير

حديث الصورة