د. أحمد الريسوني يكتب: وتزودوا من أرض فلسطين
هوية بريس – د. أحمد الريسوني
في فلسطين زاد أي زاد، زاد للإيمان والقلب، وزاد للعقل والفكر، فيها زاد لكل المتزودين وعبرة لكافة المعتبرين.
في الجزيرة العربية وفي الجزائر والمغرب يكتشفون آبار النفط والغاز ومناجم الفحم والفوسفاط، ويجدون منها زادا يكفي لجيل أو جيلين من حاجات البلد بيعا واستهلاكا.
أما في فلسطين فنكتشف ويكتشف العالم آبار الإيمان والإسلام، ومناجم العزة والكرامة، ومعادن الرجولة والبطولة.
من فلسطين تتدفق الأنابيب الساخنة المليئة بالآمال والبشائر، وتتعالى أصوات المستضعفين من الشيوخ والنساء والولدان، لتقول لنا ولكل من يعنيهم الأمر:
إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي
ولابد للقيد أن ينكسر
فهذا هو زاد فلسطين الذي يتزود منه اليوم جميع المسلمين، وهو يكفي لكي تتزود منه أجيال بعد أجيال. فتزودوا منه يرحمكم الله، وتشبعوا وتضلعوا، وتفكروا وتدبروا…
هذا الشعب الصغير الفقير، يواجه منذ سبعين سنة الحركة الصهيونية والمنظمات اليهودية، بكل أموالها وممتلكاتها في العالم، وبكل تغلغلها ونفوذها وتحكمها في العديد من دول العالم ومنظماته، ويواجه منذ أكثر من نصف قرن دولة الاغتصاب والإرهاب، بجيشها الجهنمي وجبروتها الفرعوني، ويواجه حرب إبادة وتهجير وتجويع وتعذيب، تستعمل فيها وتجرب فيها كل الأسلحة الحديثة الجديدة، ويواجه هذا الكيان المدعوم إلى حد الاحتضان والتبني من طرف دول هي أعتى وأقوى وأغنى الدول في العالم.
يواجه هذا الشعب الصغير الفقير حصارا وضغطا وقمعا وخنقا تمارسه عليه دول شقيقة لصيقة. وقد تعرض للتقتيل مرارا في لبنان، وتعرض للتقتيل في الأردن، ويخضع للإقامة الجبرية المحروسة في سوريا، ويتعرض للقهر والتطويع والتطبيع قسرا على يد سلطته “الوطنية”
هذا الشعب الصغير الفقير تقدم له الشعوب العربية والإسلامية الكثير من العطف والحنان ومن الإهمال والخذلان، والقليل من العون والإحسان.
ومع ذلك نجد هذا الشعب الصغير الفقير يقدم للأمة الإسلامية قاطبة زادا متدفقا في الصبر والمصابرة، في التضحية والفداء، وفي العطاء بعد العطاء، حتى نحسبه لكثرة البلاء والعطاء أنه قد دخل مرحلة الفناء، فإذا به يضخ إليناـ حينا بعد حين ـ زاده وعطاءه. ألا فتزودوا من شعب فلسطين.
حفظ الله شيخنا الفاضل-فخر المغرب-ونفعنا بعلمه ..