د. البشير عصام: من العادات المضرة.. تقديم الفرع على الأصل، والاستثناء على القاعدة
هوية بريس – د. البشير عصام المراكشي
من العادات المضرة: تقديم الفرع على الأصل، والاستثناء على القاعدة.
وفي مناهج طلب العلم على الشيوخ:
?الأصل هو حضور الطالب بنفسه عند الشيخ،
?والفرع هو اكتفاؤه بالدرس المسجل بالصوت فقط أو بالصوت والصورة معا.
ودليل الترتيب: ما يتيحه اللقاء المباشر من التفاعل والأخذ والرد وتعلم السمت، مما لا تتيحه الدروس المسجلة.
ولأجل ذلك، فالطالب المجد ذو الهمة العالية، يحرص على تتبع مجالس العلم بنفسه، بل يرحل إليها – إن أمكنه ذلك – كما رحل أئمتنا الأولون في الطلب، بل كما رحل جابر بن عبد الله رضي الله عنه مسيرة شهر في طلب حديث واحد!
وأما الطالب ذو الهمة الضعيفة فإنه:
✔ لا يرحل أبدا في طلب العلم، مع كونه مستطيعا. وبرهان استطاعته سفره المتكرر للاستجمام الصيفي أو لزيارة الأقارب أو لحضور المؤتمرات والندوات العامة!
✔ يهجر مجالس العلم التي يعقدها شيوخ مدينته، ولا يسأل عنها. ومن العجائب التي رأيتها بعيني مرارا حتى صارت عندي أمرا مألوفا: أن العالم يزوره في بيته الطلبة والعلماء من أقاصي الأرض، ويسألونه ويستفيدون منه، والحال أن مجالسه العلمية لا يحضرها من أهل مدينته إلا ثلة قليلة تعد على الأصابع!
✔ إذا حضر درسا لم يتكلف الانتباه والتركيز. وما فائدة ذلك ما دام الدرس مسجلا، ويمكنه الرجوع إليه في ما يستقبل من الأيام؟!
✔ كلما سمع بدرس أو دورة كان أول ما يسأل عنه: هل التسجيل موجود؟ ثم يكدس الدروس العلمية والمحاضرات الدعوية في حاسوبه، كما يكدس الطالب المبتلى بجمع الكتب، كتب العلم فوق رفوف مكتبته!
ثم..
لا شيء!
ولذلك -ومنذ سنوات- لم أعد أفرح بسؤال الناس: “هل سجلتم الدورة؟” أو “هل صورتم الدرس؟” أو “هل يوجد بث مباشر”، ولا أعد ذلك إقبالا محمودا على العلم، لأنني أعلم أن مصير أغلب التسجيلات: الجمع في ذاكرات الحواسيب!
وأعلم أن طلبة العلم المجدين قلة من الناس، عملهم أكثر من كلامهم، وحرصهم أكبر من دعاواهم، وانتفاعهم بالشيوخ القريبين وبتسجيلات الشيوخ البعيدين حاصل على قدر المستطاع، فلا يطلبون معدوما مع التقصير في الموجود، ولا يتحسرون على بعيد مع الاستهانة بالقريب.
والله الهادي.