د.الريسوني: بيان الخطباء حول المدونة من أوجب الواجبات والحداثيون لا يؤمنون إلا بإديولوجياتهم المستوردة والمعلَّبة
هوية بريس – حاوره: محمد زاوي
1- ما رأيكم في بعض الأصوات التي لا يروقها حديث الخطباء والعلماء عن تعديل المدونة؟
العلماء والخطباء هم أصحاب الاختصاص والمسؤولية في هذا الموضوع. وبيانهم في هذا الباب من أوجب الواجبات عليهم، ولكنه واجب كفائي، فإذا تكلم بعضهم ووصل البيان والعلم والفهم إلى كافة المواطنين فهو كاف. وإذا لم تحصل الكفاية من البيان للناس رجالا ونساء، فالواجب يظل قائما على جميع العلماء أن يتكلموا ويبينوا. ولكن الإثم يكون خاصا لمن لم يتكلموا. وفي الحديث: من كتم علما ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة. وبيان العلماء يجب أن يتم عبر جميع الوسائل والوسائط الممكنة، كالمساجد، ووسائل الإعلام المختلفة، ووسائل التواصل الاجتماعي، وفي الجامعات والمحاضرات والمؤلفات..
أما أن يُـمنع -أو يمتنع- هؤلاء من البيان الذي هم أهله وخاصته، ويُستنكر على من تكلم منهم، ويحرَّض عليهم، ثم يتصدى للكلام والتضليل من ليس لهم علم ولا فقه، وكثير منهم ليس لهم حتى الإيمان بالدين وشريعته، فهذا انقلاب على الأوضاع الصحيحة وقلب لها. وهو من باب (أن تلد الأَمَةُ ربتها)!!
2-كيف تقيّم مطالب الحداثيين بخصوص تعديل المدونة؟
أولا نحن كلنا حداثيون بالمعنى الصحيح المحترم للحداثة، وليس بالمعنى المبتذل الذي ينتحلونه. فنحن عقلانيون وهم غوغائيون. ونحن ديموقراطيون وهم استبداديون انقلابيون. ونحن مجتهدون أصلاء، وهم مقلدون بَبَّغاويون، يستنسخون من نفايات الغرب ما يجدون..
أمير المؤمنين، ومعه العلماء وأهل القضاء والتشريع وذوو المرجعية الإسلامية، والمرجعية الدستورية، يؤمنون بالاجتهاد الفقهي من أهله وفي حدوده، ووفق قواعده. وأما هؤلاء الحداثيون الزائفون فلا يؤمنون إلا بإديولوجياتهم المستوردة والمعلَّبة، المضادة لكل ثوابتنا الرسمية والشعبية والتاريخية. ولو كانوا ديموقراطيين أو شبه ديموقراطيين، لسلموا بالاختيارات الشعبية والعلمائية، ولرضوا بالاجتهاد العلمي الحقيقي، الصادر عن العلماء والخبراء. ولكنهم يريدون دوما أن يكونوا الأقلية المتحكمة، والأقلية الساحقة للشعب ولإرادته ورغباته، وبطرق وأساليب غير ديموقراطية.
3-هناك نقاش مؤخرا حول نظام الإرث، إذ يطالب بعض من ذكرت بمراجعة أحكامه القطعية.. ما رأيكم؟
نحن المسلمين شطر ديننا يقوم على الاجتهاد المتجدد في كل عصر، ولكن من يجتهد؟ ولأي غرض نجتهد، وكيف نجتهد؟
الاجتهاد يقوم به أكثر الناس فقها وعلما وخبرة. وهؤلاء هم الفقهاء الأمناء، وهم قضاة الأسرة الخبراء، وهم العدول المعايشون ليل نهار للأسرة المغربية بكل أحوالها ومشاكلها.
وهؤلاء هم أنفسهم الذين سيحددون ما يحتاج إلى اجتهاد، وما يحتاج إلى تثبيت، وما هو فوق الاجتهاد.
نحن – (عبد الله بها، وسعد الدين العثماني، ومحمد يتيم، وأنا) – التقينا عام 1999 مع الوزير محمد سعيد السعدي في مكتبه، للتحاور حول ما سمي (الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية).. فقال لنا: نحن نريد الاجتهاد.. قلنا له: وإذا اجتهدنا فوصلنا إلى خلاف ما جاءت به (الخطة)؟ قال نعيد الاجتهاد مرة أخرى. قلنا: إلى متى؟ قال: إلى أن نتوافق مع المواثيق الدولية..!!
فهذه هي القضية: هل نجتهد بمرجعيتنا الإسلامية، في الإرث وفي غيره، فنثبت ما هو ثابت من الله ومن رسوله، ونعيد النظر في الاجتهادات والأعراف السابقة للفقهاء والحكام. أم نجتهد بنية الخضوع وإخضاع دولتنا ومجتمعنا لخطة سعيد السعدي ومواثيقه..؟!