د. الشارف ينقل لنا تصريحا مؤلما لعامل مغربي في إسبانيا
هوية بريس – بقلم د. عبد الله الشارف
في صباح يوم من اﻷيام المنصرمة كنت على موعد مع (م.ش) وهو عامل مغربي مهاجر يعيش ويشتغل في مدينة والبة huelva غرب إقليم الأندلس بجنوب إسبانيا. وكان حديثنا يدور حول أوضاع المغاربة الاجتماعية في هذا البلد.
ولقد أخبرني هذا العامل المهاجر أن الوضعية الاجتماعية والنفسية للعمال المغاربة المقيمين في إسبانيا، تعتبر وضعية مأساوية على جميع المستويات؛ حيث إن البطالة منتشرة انتشارا ذريعا بينهم، مما يؤثر سلبا على حياتهم الأسرية. كما أن معظم الأبناء لا مستقبل لهم، وسيخلفون آباءهم في البطالة والبؤس والتهميش، ذلك أن أغلبهم لا ينهي دراسته الثانوية، بله ولوج أبواب الكليات. ويتعاطى كثير منهم المخدرات، كما يمارسون السرقة وأنواعا من الجرائم مما يجعل السلطات تزج بهم في السجون. وهذا أمر معروف، تتداوله وسائل الإعلام الإسبانية.
كما أخبرني أن الأسر المغربية المقيمة في إسبانيا تعرف تصدعا خطيرا، فيما يخص العلاقة بين الزوجين، أو بينهما وبين الأبناء الذين يغلب عليهم سلوك التمرد والثورة على قيم وثقافة الأبوين.
وحكى لي هذا المهاجر أمرا غريبا وقع لابنته ثريا في المدرسة، أثناء قيام التلاميذ بإنجاز مادة الرسم. ذلك أنه استدعي ذات يوم من طرف معلمة ابنته التي أخبرته أن ثريا وحدها امتنعت عن رسم الكنيسة؛ موضوع مادة الرسم. ورغم إلحاح معلمتها فإنها لم تستجب، وقد رسم الكنيسة كل التلاميذ الذين هم من أصول عربية. وقالت المعلمة مستفسرة: “ما الذي جعل ابنتك تمتنع عن هذا الرسم؟” فأجابها السيد (م.ش): لا أدري”. فأردفت قائلة: “لعلك أسمعتها كلاما قبيحا عن الكنيسة”؟! فقال: “هذا ممكن، وهو موقف قد يصدر من مسيحي فيما يتعلق بمسجد المسلمين”.
يستفاد من هذا الحوارالقصير، أن التعليم في أوربا الذي يقوم أساسا على مبادئ العلمانية، يصر كثير من أعضاء أسرته على القيام بوظيفة التنصير وزعزعة العقيدة في قلوب التلاميذ من ذوي اﻷصول العربية.
ومن ناحية أخرى أخبرني هذا المغربي المهاجر أن الزوجة المغربية كثيرا ما تثور على زوجها لعلمها أن السلطات الإسبانية تحميها وتقف في جانبها ولو كانت ظالمة. وإذا ما ضربها زوجها أو هم بذلك، أو هددها… قد تستدعي الشرطة، وحينذاك يفرق بينهما، وتمكث الزوجة وأولادها في البيت. أما الزوج فيمنع من الوصول إلى البيت أو الاتصال بزوجته وأولاده الذين كثيرا ما تسلمهم أمهم الى الجمعيات الخيرية كي يسهل عليها الزواج من جديد أو تعيش كما يحلو لها.
وأكد لي السيد (م.ش) أن كثيرا من المغربيات انفصلن عن أزواجهن بطريقة أو أخرى، وتزوجن برجال إسبانيين. وهذه ظاهرة اجتماعية شائعة في إسبانيا، مما يدل على جهل أغلب المغربيات المقيمات في هذا البلد، وعلى انسلاخهن تدريجيا من مبادئ وقيم الدين والشريعة الإسلامية.
كما لاحظ، من جهة أخرى، أن عددا هائلا من النساء المغربيات يعملن في قطاع الفلاحة مثل جني الفراولة. ثم لما ينتهي موسم هذا القطاع، يلتجئ بعضهن إلى البحث عن العمل كخادمات في البيوت، أو الإشراف على العجزة أو العمل في المقاهي والحانات…بل كثير منهن يحترفن البغاء والدعارة.
ويتعجب السيد (ش.م) لهؤلاء الرجال، بل الذكور، الذين سمحوا لزوجاتهم أو بناتهم أو أخواتهم، بمفارقة الأهل والوطن، والذهاب للعمل في بلاد أجنبية تحارب الشرف والمروءة، وتحتقر المسلمين، وتعادي دينهم وهويتهم.
إن هذا العمل الشنيع الذي أقدم عليه هؤلاء السفهاء، لا يقبله عقل ولا شرع، بل تنفر منه الفطرة الإنسانية. إن هذا الذي أذن لامرأته أو ابنته أو أخته، كي تسافر إلى بلاد النصارى والعلمانيين والملاحدة، لتشتغل في الفلاحة أو البيوت أو المقاهي والحانات، أو تمارس البغاء، كل ذلك من أجل الدنيا وجمع المال، لهو إنسان سفيه لا عقل له ولا مروءة. كما أنه جاهل جشع، طامع في حطام الدنيا، ولو على حساب الدين والكرامة والعرض. إنه خسيس وساقط ووضيع. وجمع من الدناءة والسفالة والحقارة والنذالة، ما جعله يفتخر بامرأته أو ابنته، ويتعبر ذلك شجاعة وبطولة، علما بأن الأوربيين قد داسوا كرامتها وأذلوها واستعبدوها.
وإني لأستغرب كيف انحطت القيم الدينية والخلقية في قلوب كثير من المغاربة. وكيف تولد عن هذا الأمر وجود صنف من الرجال والنساء رضوا بأن يكونوا عبيدا محتقرين ومهانين في بلاد النصارى.