د.الصمدي: إذا غاب موسى حضر السامري
هوية بريس – د.خالد الصمدي
الخطاب الإصلاحي الفكري والاجتماعي في القرآن الكريم على ثلاثة أضرب:
خطاب موجه إلى عموم المسلمين المؤمنين بحاكمية القرآن وسنة النبي العدنان، وهم الذين قال الله فيهم “وما كان لمؤمن ولا مومنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم“، وهو خطاب شرح وبيان لما يمكن أن يكون قد غاب عن الناس من الأحكام الشرعية المتينة البنيان، وهذه رسالة عامة الدعاة والوعاظ المتمكنين من الفقه والعرفان، ينبغي أن يبذلوا فيها الوسع والطاقة للرفع من منسوب الوعي على مر الزمان.
وخطاب موجه إلى غير المسلمين المختلفين في العقيدة والدين، وهو خطاب تطبعه السماحة واليسر والمجادلة بالتي هي أحسن في بيان قيم الاسلام وحكمته في صيانة الأسرة وبناء الاجتماع الانساني على أساس السكينة والمودة والرحمة، وهذه مهمة الخاصة من المفكرين والعلماء الفقهاء، فكثير من هذه الفئة تبين لهم أن الحق هو الاسلام فهداهم الله إليه، أو على الأقل احترموه وشهدوا له بالانصاف وإن احتفظوا بخياراتهم الدينية والعقدية والله حسيبهم، فحق هؤلاء البر والقسط بنص الكتاب المبين القائل “إن الله يحب المقسطين“.
وخطاب موجه لزمرة السامري وشيعته من عبدة العجل الذين يحضرون للتلبيس على الفئتين السابقتين كلما غاب موسى وانخفض منسوب الوعي المنهجي والشرعي، وهم فئة ثالثة ممن قال الله فيهم “يومنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض” يتعاملون مع نصوص الشرع بالانتقائية والتشهي، ويثيرون الزوابع هنا وهناك ليلبسوا على الناس دينهم، لا ضير عندهم في الجمع بين الايمان والطعن في القرآن وسنة النبي العدنان.
ينقلون الناس إلى المنطقة الرمادية منطقة الشك والارتياب، لينسوا مشية الحمام دون أن يتعلموا مشية الغراب، فهم يعلمون أن سوق الحيارى هو المكان المناسب لبيع العجل بأغلى الأثمان.
فإن صادفتموهم فلا تخاطبوهم بفروع الشريعة من زواج وطلاق وإرث وولاية قبل أن تحسموا معهم الموقف من ثوابتها وقطعياتها في أصولها ومصادرها، لأنكم إن فعلتم تكونون قد سقطتم في الفخ وانسقتم إلى ساحة الانهاك الرمادية المليئة بالغبار واتخذوا منكم وقودا لحملة التشويش على العامة لتوسيع دائرة الحائرين وتلك أمانيهم.
لذلك ينبغي استثمار الطاقة في خطاب الفئتين الأولى والثانية للرفع من منسوب المناعة، وترشيد الطاقة في مواجهة هؤلاء من خلال جرهم إلى منطقة الضوء، بطرح سؤال الاصول قبل الفروع لبيان فساد منهجهم في الجدال وضعف حجتهم في الاستدلال.
فهم بطبيعتهم يكرهون الوضوح، وتعميهم أشعة الشمس حين تلوح.
ولنغتنم العشر الأواخر من شهر الغفران في رضا الرحمن والله المستعان.