د.الصمدي يكتب عن “سوق الرياء”
هوية بريس – د.خالد الصمدي
عمت موجة من اليأس بين الكتاب والمثقفين والمبدعين الذي غطت عليهم سحابة المؤثرين وسحبتهم إلى الخلف، وعوضت حضورهم في المشهد بمشاهد العبث والزيف في سوق الشهرة والرياء.
وقد تأملت كثيرا في نهي الاسلام عن هذا الخلق الذميم، حيث اعتبره محبطا للأعمال، وتأملت في العلة والسبب فوجدته خللا في مقاصد الأعمال والثبات عليها والاخلاص فيها والتضحية من أجلها وضمان تطورها واستمرار نفعها للعالمين.
وقبل زمن الفضاء الازرق كان الرياء بين الناس مذموما مدحورا، حتى إذا انتبه التجار إلى شهوة الشهرة وحب الظهور لدى الانسان استثمروا فيها فظهرت مهنة “المرائي” ضمن المهن الجديدة، وتم إحداث مواقع المساعدة على الرياء وتحقيق أكبر منسوب من الشهرة عبر العالم الأزرق، ثم انتقل الأمر إلى ميدان المال والاعمال فأصبح قطاع الرياء في البورصة يروج ملايين الدولارات من خلال شركات متخصصة في صناعة الزيف، في سوق عالمية واسعة وقودها الناس والإثارة.
فلم يعد الرهان على الجهد المبذول في إنتاج الثقافة والعلم والكتابة والفكر والاختراع والابتكار وكل ما ينفع الناس ويمكث في الارض بتضحية وإخلاص،
بل صار لزاما على المشتغلين في هذه الميادين المعتكفين في محاريبها أن يمروا عبر سوق المؤثرين الذين يخرجون على الناس كل يوم بحبالهم وعصيهم يلقونها بينهم حتى يخيل إليهم من سحرهم أنها تسعى، يرددون دوما بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون، وفراعنة هذا الزمان سلطات غير مرئية تستثمر في التواصل وتجر كل إنسان من خلال طائره (هاتفه) الذي في عنقه الى ساحة الاستهلاك الكبرى.
ومن راهن على هذا السوق وغادر تحت ضغط اليأس سوق الاخلاص إلى سوق الرياء بارت تجارته بعد انقشاع سحابة الزيف الكبرى التي لا تدوم الا للحظات.
لان عصى الحقيقة والواقع التي لم ولن تغيب عن الناس يوما ما دام المخلصون، إذا حضرت فإذا هي تلقف ما يافكون، وألقي السحرة ساجدين،
“فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الارض كذلك يضرب الله الامثال” صدق الله العظيم.