د. الكنبوري يعلق على كتاب أثار ضجة في فرنسا.. وهذا ما قاله..
هوية بريس- د. إدريس الكنبوري (باحث في الجماعات الإسلامية والفكر الإسلامي)
هذا الكتاب (انظر الكتاب أسفله) يثير ضجة اليوم في فرنسا وخارجها، بسبب إثباته وجود خالق للكون. ما التقطته من تصفحي للكتاب قبل الشروع في رحلة معه أن مؤلفيه الذين أنفقوا ثلاث سنوات في جمع مادة الكتاب وقدم له أحد الحاصلين على جائزة نوبل في الفيزياء، أن نظرية الانفجار العظيم، التي يستند إليها الكثيرون لإثبات الخلق من عدم وبالتالي وجود إله وراء هذا الكون، وجدت رفضا عاما من العلماء في العالم ـ العالم هو أمريكا وأوروبا هنا ـ ومن مراكز البحث والمختبرات العلمية، لأنها ببساطة تقضي على الفلسفة الطبيعية التي ترد كل شيء إلى الطبيعة وتنفي وجود الخالق. ويقول الكتاب إن هذا يكشف قدرة البشر على تقبل نظريات تعاكس معتقداتهم:
Cela en dit long sur la capacité des hommes à accepter des
thèses scientifiques qui contrarient leurs croyances
الأكثر من ذلك أن الكتاب يذكر عشرات العلماء بأسمائهم الذين قتلوا أو تعرضوا للاختفاء في الاتحاد السوفياتي السابق، إما لأنهم دافعوا عن نظرية الانفجار العظيم، أو لأنهم أثبتوا وجود الخالق، وبعضهم كان يحاكم ثم يحكم عليه بالإعدام. والسبب أن تلك الأفكار تقضي على جوهر النظام الماركسي الذي يرتكز أساسا على نفي الخالق.
الكتاب يبين لنا بوضوح، لكن بلغة علمية محايدة، أن الصراع بين الكفر والإيمان لم ينقطع لحظة واحدة في حياة البشر إلى اليوم، وأن ما نسميه العلم والعلم الدقيق ليس خاليا إطلاقا من العقيدة والإيديولوجيا. وأعتقد أن الكتاب سوف يكون له تأثير كبير يتجاوز حقل العلم الدقيق إلى الفلسفة الحديثة أيضا، باعتبارها السند “الديني” للعلم الغربي الحديث. فالكتاب يقول إن هناك ثلاث تيارات سيطرت على الحقل العلمي في القرن العشرين، لكنها بدأت تختفي تدريجيا، هي:الفرويدية، والماركسية، والفلسفة الطبيعية ومنها طبعا الداروينية. ويقول مؤلفو الكتاب إن سقوط الاتحاد السوفياتي أسقط جدارا مهما كان يحول دون البحث العلمي، لأنه أسقط من عقول الناس قداسة التفسير المادي للحياة. ولكن سقوط الاتحاد السوفياتي هو مجرد سقوط لجدار واحد، بينما هناك عشرات الجدران التي لا زالت تحول دون معرفة الناس للحق.
من هنا نفهم كيف يتم تمويل الأبحاث العلمية، وكيف يتم التحكم في البحوث في الجامعات العالمية ومراكز البحث، وفرض منهجيات معينة بحيث تقودك إلى نتائج معينة، وكيف تتحرك الكنيسة لتمويل تيارات الإلحاد والطعن في الإسلام، وكيف ينطبق على بعض المشتغلين في العلوم الدقيقة قوله تعالى (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون).