د. الودغيري: إسناد وزارة التربية والتعليم لوزير لا يستطيع أن يركِّب جملة صحيحة باللغة العربية “مهزلة”
هوية بريس – إبراهيم الوزاني
تحت عنوان “إهانة المسؤولين للغة البلاد”، كتب الدكتور عبد العلي الودغيري ردا على وزير التربية الوطنية سعيد أمزازي، واصفا إسناد الوزارة له وهو الذي لا يستطيع أن يركِّب جملة صحيحة باللغة العربية “مهزلة”.
وكتب عالم اللسانيات في تدوينة على فيسبوك “من المهازل أن تُسنَد مسؤولية الإشراف على وزارة التربية والتعليم، وهي أمُّ الوزارات، لشخص لا يستطيع أن يركِّب جملة صحيحة باللغة الوطنية الرسمية، فإذا خطَبَ أو تكلَّم تعثَّر لسانُه في أبسط الكلمات التي لا تخفَى على صغار المتعلِّمين، ومضى غيرَ ملتفِتٍ للومِ اللائمين وسُخرية الساخِرين واستهزاء المُستهزِئين، وإذا طُلِب منه حديثٌ قصير للصحافة قال من غير أن يصفرُّ وجهُه أو يَحمرَّ، أو تَنزِل منه قطرةُ حياءٍ وخَجَل: إنه لا يعرف العربية. ولقد رأينا من قبلُ وزيرة في حكومة سابقة، تقول: إنها تُصابُ بالحُمّى حين تُدعى للحديث بالعربية.
فعَلامَ يدلّ هذا؟”.
وأضاف الأستاذ الجامعي “أول ما يدلُّ عليه أن الدولة لا تضع ضمن معايير اختيار الوزراء وكبار المسؤولين، معيارًا ضروريّا في الدول التي تحترم نفسَها وشعوبَها، وهو إتقان لغة البلاد التي ينتمون إليها والوطنِ الذي بوَّأهم المراكز العليا من المسؤولية. فما بالك إذا كان أحدُ هذه المراكز السامية هو وزارة التعليم التي يقف فيها المسؤولُ الأول بها على رأس شخصيات بلَغت شأنًا عظيمًا في العلم والمعرفة، منهم رؤساءُ جامعاتٍ وعمداء كليات ومديرو معاهد ومراكز تعليمية وبَحثية لها ذكر وصيتٌ، وعلماء كبار وأساتذة وباحثون مرموقون وطلابُ علم مجتهدون”.
والدلالة الثانية، حسب الدكتور الودغيري “أن الدولة لا تضع في حسبانها ذلك الأثَر المُدمِّر الذي يكون وقعُه شديدًا على نفسية كل مُقبِل على تعلُّم العربية وساعٍ لتحصيلها حين يشاهد أو يسمع مهزلةً من مهازل مثل هذا المسؤول الأول على التعليم. فأول ما سيفكّر فيه ويخاطب به نفسَه وأساتذَته، هو هذا السؤال العنيف الباعثُ على اليأس والإحباط: ما الداعي لإجهاد النفس في إتقان هذه اللغة نُطقًا وكتابةً وإملاءً إذا كان المسؤول الأول عن التربية والتعليم لا يُبالي بما يرتكبه من أخطاء فاحشة يستحيي منها تلامذةُ الصفوف الأولى؟ هل أنا أحسن من وزير التعليم أو سيكون لي شأنٌ أكبر من شأن الوزير؟”.
وأضاف الدكتور الودغيري في نفس تدوينته “والدلالة الثالثة هي استمرارُ الدولة وكل مسؤوليها في احتقار اللغة الوطنية الرسمية، والاستخفاف بوجودها وإعطاء الدليل تلو الدليل على أن الاجتهاد في تعلمها وإتقانها ليس ضرورة ولا شرطًا من شروط الترقّي والحصول على أرفع المناصب في الدولة، مع أننا في بلد لا يفتقر إلى الكفاءات العليا مع إتقان العربية وغيرها من اللغات. فالمواطن عندنا مدعوٌّ للاجتهاد في كل شيء إلا في صيانة لغته والاعتزاز بها. والمسؤولون حريصون ألف مرة على إتقان اللغة الأجنبية أكثر من حرصهم على لغة بلادهم. وإذا كان الاعتزاز باللغة الوطنية الرسمية هو أهم شرط من شروط استمرارها ونموّها والتمكين لها، فإن الاستخفاف بها والتفريط فيها، هو أكبر علامة على المخاطر الكثيرة التي تحيط بها وتجعلنا متخوِّفين على مستقبلها”.
وكان سعيد أمزازي قد أثار موجة من السخط والاستهجان مرفوقة بكم هائل من التهكم، أواخر شهر يوليوز الماضي، عندما لم يعرف قراءة “المتوجين والمتوجات” بطريقة صحيحة، حتى لقب بـ”وزير المتوجين والمتوجات”.