د. الودغيري: العربية في دستور 1908
هوية بريس – د. عبد العلي الودغيري
كان مشروع الدستور الذي وضعته نخبة من الوطنيّين المغاربة سنة 1908م، أي قبل الاحتلال بأربع سنوات، ونشر بجريدة (لسان المغرب) الصادرة بمدينة طنجة، أكثر تقدمًا في موضوع اللغة العربية من الدساتير المغربية الرسمية التي وُضِعت بعد الاستقلال (من 1962 إلى 2011)، وخاصة في النقطتين الآتيتين:
ففي المادة الثامنة عشرة من مشروع دستور 1908 نقرأ:
«لا يجوز أن يتولَّى أمِّيٌّ وظيفةً من وظائف المَخزَن على الإطلاق، فعلى المُوظَّف أن يكون عارفًا اللغةَ العربية قراءةً وكتابةً حقَّ المعرفة.«
ولا حظ كيف أن هذا المشروع الذي وُضِع قبل دخول الاستعمار بأربع سنوات، قد عرَّف الأُمِّي بأنه الشخص الذي لا يعرف العربية. وبعد مضي أكثر من قرن على ذلك، أي بعد أن فعل فينا الاحتلال اللغوي والثقافي ما فعل، نجد أغلب وزراء التربية والتعليم عندنا يتلعثمون في تهجِّي كلمات بسيطة من العربية مكتوبة ومشكولة، ونجد وزيرةً من وزيراتنا السابقات تصرح للصحافة يومًا بأنها تُصاب بالحُمى عندما تُدعَى للتحدث باللغة العربية.
وفي المادة الرابعة والأربعين من المشروع نقرأ أيضًا: «يجب على كلّ مَن يُنتخَب نائبًا في مجلس الأمة أن يكون مستوفِيًا الشروطَ الآتية: أولاً: أن يكون عارفًا اللغةً العربية قراءةً وكتابة حقَّ المعرفة». هذا في وقت كانت الأّمية هي الغالبة على الشعب المغربي. أما بعد ازدهار التعليم وانتشار المعرفة بنسبة عالية، أصبحنا نجد العشرات من نوابنا ومستشارينا في البرلمان دون مستوى الشهادة الابتدائية والكثير منهم لم يدخل الكُتَاب. وهؤلاء هم الذي يقرّرون في مصير البلاد ويرسمون رؤيتَها الاستراتيجية في التعليم واللغة وكل المجالات.
هذا معيارٌ بسيط جداً لقياس درجة التراجُع في موقفنا ونظرتنا للغتنا الوطنية الأولى، وماذا فعله الاحتلال اللغوي فينا وماذا سيفعله بعد قرار فرنَسة التعليم الذي صادقت عليه الأحزابُ الوطنية وبعضُها شارك في تحرير المغرب، يا حسرة؟