د.الودغيري: وداعًا حسن الطريبق
هوية بريس – د.عبد العلي الودغيري
رحم الله رحمة واسعة أخانا الصديق العزيز، الشاعر الكبير، الناقد الكاتب الأديب، الأستاذ الباحث، الوطني الغيور، الدكتور حسن الطريبق الذي نعَته إلينا آخر الأخبار، بعد عمر مليء بالعطاء الأدبي والفكري والتجارب الشعرية الغزيرة والمتنوّعة، والحضور الفاعل المتميّز على كثير من الواجهات.
جمعتني بالمرحوم صداقة وأخوة لسنوات وعقود، لكن ذلك لم يمنع من أن تقوم بيننا مناقشات وسجالات نقدية في فترة من الفترات كنتُ فيها مبتلًى ابتلاءً بحرفة الأدب، وذلك على إثر صدور ديوانيه: (تأملات في تيه الوحدة)، و(ما بعد التيه). وقد نُشِرت تلك السجالات على صفحات (العلم الثقافي) في حلقات. وكان في آخر لقاء لي به منذ أكثر من عشر سنوات، على هامش ندوة تكريمية للمؤرخ الكبير المرحوم محمد بن عزوز حكيم بمدينة العرائش، قد أخبرني عن عزمه على إخراج سجالاته النقدية التي جرت بينه وبين عدد من المثقفين والأدباء والباحثين كنت واحدا منهم، بعد أن جمعها -كما قال- في أكثر من جزء. والحق أن تلك السجالات والكتابات كانت في وقتها حدثًا أدبيا ذا أهمية في حد ذاته، ولا يمكن للباحث في الأدب المغربي المعاصر تناسيه أو تجاوزه. فقد شغَل حيّزا لا بأس به من الفضاء الثقافي بالنقاش والحوار الجاد وتلاقح الرؤى والأفكار، وإن لم يخل من صخَب المعارك التي تعالت فيها الصيحاتُ واحتدّت الأصوات وتُبودلت الاتهامات. ولاسيما أن الظرفية كانت تعكس بحق ما أصبح يَضطرم به الجسم الثقافي المغربي من تفاعلات سياسية واجتماعية وإيديولوجية وصراعات واصطفافات، حوَّلت كثيرًا من النقاش الدائر آنذاك في القضايا الأدبية، عن جادة الفكر والأدب والنقد والكتابة الموضوعية، وانحرفت به نحو اتجاهات أخرى، ألقيت فيها الحُمَم الحارقة التي ظلت آثارها وعقابيلُها تفعل فعلها في الساحة الثقافية لسنوات وعقود بعد ذلك.
واليوم، لا أدري، ماذا فعل الله بذلك المشروع الذي حدثني عنه المرحوم، وهل تمَّ نشر الكتاب الموعود أم حالت دونه صدوره الحوائل؟
مرة أخرى، أترحّم على روحه الطيبة، وأسأل الله تعالى أن يتقبلها قَبولاً حسنًا ويشملها بمغفرته وإحسانه، ويلهم أسرته الصغيرة الصبر والسلوان. وكل نفس ذائقة الموت، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وإنا لله وإنا إليه راجعون .