د. بنكيران: الذبح عند الأضرحة… جاهلية لا يجوز السكوت عنها
هوية بريس – د. رشيد بنكيران
قال الصاوي المالكي: “سوق الهدي لغير مكة من البدع والضلال لما فيه من تغيير معالم الشريعة“…
بهذا الكلام الصريح القوي يقرر المذهب المالكي في المشهور عنه أن تقليد الذبائح لغير مكة لا يجوز ويحرم، وبيان ذلك:
– أنه من البدع المستحدثة؛ إذ لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا شرعه لأمته، ولا درج عليه واحد من صحابته، ولا من التابعين لهم بإحسان، ولا أفتى به إمام يقتدى به من المجتهدين، ومنهم الإمام مالك رحمه الله. فهو عمل بدعي منكر يفضي إلى مضاهاة المشروع الذي نص عليه القرآن الكريم في قوله تعالى (حتى يبلغ الهدي محله)، ومحل الهدي هو بأرض مكة المباركة وما في حكمها بإجماع الأمة، وكذلك هو تشريع في الدين ما أنزل الله به من سلطان، ومنازعة الله حقه الخالص في التشريع، وقد قال سبحانه: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم)، فمن شرع للمسلمين محلا للهدي غير محل مكة!!؟
ولهذا، كان إشعار الهدي وتقليده وسوقه والذهاب به إلى قبور الصالحين بدعة شنيعة لا يجوز السكوت عنها بحال وهي من أولى الأولويات ما يجب إنكاره، و يشتد النكير على هذه البدعة أكثر اذا كانت تأخذ طابع الاتجاه الرسمي للدولة كما هو الواقع، ومنه المثال الذي في الصورة أسفله ، لما في ذلك من تغرير بعموم الناس ، وكما قيل إن الناس على دين ملوكهم وكبرائهم ، ومفسدة سوق الهدي إلى القبور محققة وتصطدم مع أعلى المقاصد الضرورية للشريعة الإسلامية وهو حفظ الدين.
– أنه ضلال؛ لأن سوق الهدي والذبائح إلى قبور الصالحين يفضي إلى الشرك الذي هو رأس ضلال البشرية، لأن الهدف الرئيس من سوق الهدي إلى الضريح هو تعظيم الولي الصالح المقبور فيه تعظيما لا ينتفع به أحد سوى الوقوع في المخالفات الشرعية من التوسل إليه، وسؤاله فيما لا يقدر عليه إلا الله، ورجاء شفاعته عند الله، وغيرها كثير من المفاسد المحققة والمحبطة للدين، ولهذا لم يتردد الإمام مالك رحمه لما سئل عن هذا العمل فقال كما جاء في المدونة: “سوق البدن إلى غير مكة من الضلال“.
وإن تعجب فكل العجب ممن يرفعون شعار التزام المذهب المالكي وهم يخالفونه أصولا قبل الفروع، وقد تقرر في المذهب المالكي وعد من محاسن مذهب الامام مالك رحمه الله مبدأ سد الذرائع، فكيف لا يعملون هذا المبدأ العظيم في دفع أعظم ذريعة للشرك وهي الذبح عند قبور الصالحين.