د.بنكيران: لماذا صيام يوم عرفة أفضل أجرا من صيام عاشوراء؟
هوية بريس – د. رشيد بنكيران
سئل بعض العلماء عن السر في أن صيام يوم عاشوراء يكفر سنة واحدة فقط وصيام يوم عرفة يكفر سنتين، سنة قبله وسنة بعده؟
فكان جواب هذا العالم أن يوم عاشوراء يوم موسوي نسبة إلى موسى عليه السلام، ويوم عرفة يوم محمدي نسبة إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
قلت: مراد هذا العالم أنه لما كان محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل والأنبياء كان اليوم المنسوب إليه أفضل الأيام المنسوبة الى غيره من الرسل والانبياء.
وقد ظهر لي وجه آخر في سر التفضيل في الأجر بين هذين اليومين العظيمين، ذلك:
أن عاشوراء يوم انتصر فيه موسى عليه السلام على فرعون فهو ذكرى عظيمة تستدعي الشكر، إلا أنها قد مضت ولا تجدد.
أما يوم عرفة فهو يوم لم ينته بمضيه أو حدث تخلد ذكره في الماضي فقط، بل هو يوم يتجدد في الحاضر والمستقبل، وفي الزمان والمكان، ويعظم وتزداد عظمته كل سنة بعودته في شهر ذي الحجة، فيدنو الرحمن الرحيم من الحجاج ويباهي بهم الملائكة. ففي صحيح مسلم عن عَائِشَةُ رضي الله عنها قالت: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: “مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ”.
وكذلك روى الإمام مالك في الموطأ مرسلا أن رسول الله ﷺ قال: “مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ؛ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ، وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ..” الحديث.
فيوم عرفة يوم متجدد لا ينتهي بذهابه، وما يكون فيه يختص برب جل جلاله وتقدست أسماؤه، فناسب أن يكون فضل صيامه مضاعفا عما سواه.
والله أعلم.