د.بنكيران يكتب عن: الصلاة وراء من يجيز المسح على تقاشر (الجوربين)
هوية بريس – د.رشيد بنكيران
◆ (تقاشر) كلمة بالعامية المغربية يراد بها ملبوس يكون على القدم مع الحذاء مصنوع من الثوب، وهو بمعنى الجوربين. وقد اختلف أهل العلم المعاصرين في جواز المسح عليه أثناء الوضوء، فمنهم من منعه ومنهم من أجازه، ومن المجيزين له: العالم المفسر الأصولي الفقيه ابن العيثمين،
والمحدث المحقق الكبير الشيخ الألباني،
والعالم الموسوعي الفقيه الدكتور يوسف القرضاوي، وغير هؤلاء كثير وكثير،
وإنما اكتفيت بذكر هؤلاء العلماء المعاصرين لأنهم يمثلون مدارس فقهية مختلفة اشتهرت بين الناس اليوم، ووجد لها قبول بينهم.
◆ ومسألة المسح على الجوارب المعاصرة هي مسألة اجتهادية، يسع فيها الخلاف كما وسع في غيرها من المسائل الفروعية الاجتهادية، نظرا للأدلة الظنية المتبعة لكلا المختلفين. وبناء عليه، فمن اتبع قول المجيزين أو قلدهم لإمامتهم في الدين فوضوؤه صحيح، وصلاته بهذا الوضوء صحيحة، وصلاة من خلفهم من المأمومين صحيحة، والقول ببطلانهما قول مبتدع خطير، وجرأة على الدين وعلى المنهاج المتبع الذي قررته القواعد الشرعية المرعية، وأسسه السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، فلا يزال العلماء منذ الصحابة إلى يومنا هذا يرون صحة الصلاة وراء المخالف الذي خالفهم بالدليل الراجح لديه والمرجوح لديهم، فمثلا:
– صحة الصلاة وراء من لا يقرأ البسملة في سورة الفاتحة والمأموم يراها آية منها، فلو كان إماما لنفسه ولم يقرأها ما صحت صلاته.
– صحة الصلاة وراء من لا يرى الوضوء من مس الذكر شهوة، أو من الحجامة، أو من أكل لحم الجزور، والمأموم يرى خلاف ذلك.
والأمثلة في هذه المسألة كثيرة جدا، وما ذكر كاف لمن أراد سلوك طريق من سلف من العلماء الكبار العدول والأئمة المتبوعين كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم.
◆ وبسبب التنطع في الدين وعدم اعتبار قول المخالف في الفروع والمسائل الاجتهادية، فقد وقع في تاريخ الأمة الإسلامية ما يندى له الجبين، إذ كان المسجد الحرام بأربعة محاريب، لكل مذهب محرابه؛ محراب الأحناف، ومحراب المالكية، ومحراب الشافعية، ومحراب الحنبلية، وكل متبع لمذهب يصلي وراء إمام مذهبه في المحراب الخاص به، والله المستعان. مسلمون كتابهم واحد، ونبيهم واحد، وقبلتهم واحدة، وهم بهذا الشكل الفضيع من التفرقة.
والسبب الأعظم في هذا الواقع المشين هو مخالفة طريقة من سلف من العلماء الكبار والأئمة المتبوعين كما سبق الإشارة إليه.
فاللهم اعصمنا من الزلل واهدنا إلى سواء السبيل.