د.بنكيران يكتب: كلمة في السراويل المعاصرة (البنطال)
هوية بريس – د. رشيد بنكيران
عاب بعض الأفاضل على بعض الدعاة الذين يلبسون السراويل المعاصرة (البنطال) بدعوى أنها لا تليق بمقامهم أو مقام الدعوة.
وأرى -والله أعلم- أن هذا التعليل ليس على إطلاقه، فللداعية أو الفقيه أو العالم أن يلبس هذا النوع من اللباس حتى يعلم الناس جوازه، وخصوصا أنه وقع تحريمه والتنفير منه في وقت سابق، ولم تعد في العقود الأخيرة أسباب تحريمه قائمة كما كانت من قبل، فالبنطال لم يعد لباسا خاصا بالكفار حتى يُنهى عن لباسه لأجل مفسدة التشبه بهم ، بل أصبح عالميا ولا يختص بأي قوم غير مسلمين أو بشعار ديني، فانتقل حكم لباسه إلى الإباحة.
بل أقول: لو لبسه الداعية أو العالم بنية رفع الحرج عن المتدينين ورفع اعتقاد تحريمه لكان مأجورا ومحسنا، فكم صادفت شبابا يعتقدون تحريم لباس البنطال بناء على انتشار فتاوى سابقة حُرموا من وظائف وأعمال بسبب أن القائمين عليها يشترطون اللباس العصري (البنطال) ويرفضون اللباس التقليدي أثناء مزاولة العمل، فأن يحرم هؤلاء الشباب من تلك الوظائف بسبب اعتقاد غير سليم حرج كبير يجب أن يرفع، وبيان ذلك مسؤولية تتنزل على عاتق الدعاة والعلماء، والبيان يكون بلسان القال كما يكون بلسان الحال، وأحيانا لسان الحال أبلغ في تحقيق المقصود.
نستأنس لهذا الفقه المحمود ما أخرجه البخاري في باب: الصلاة بغير رداء أن مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِرِ، قَالَ:
“دَخَلْتُ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ، مُلْتَحِفًا بِهِ وَرِدَاؤُهُ مَوْضُوعٌ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْنَا: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، تُصَلِّي وَرِدَاؤُكَ مَوْضُوعٌ؟
قَالَ: نَعَمْ، أَحْبَبْتُ أَنْ يَرَانِي الْجُهَّالُ مِثْلُكُمْ، رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي هَكَذَا”.
ومحل الشاهد من الحديث أن الصلاة بالرداء أفضل، ويتأكد فضلها في حق الإمام كما هو مذهب مالك رحمه الله، لكن لما رأى الصحابي الجليل جابر بن عبد الله من يعتقد أن الصلاة بغير رداء لا تجوز أو مكروهة تعمد ترك الرداء ليعلم الناس أو الجهال بتعبيره جواز ذلك.
نعم، ينبغي أن يكون البنطال واسعا لا يحدد تفاصيل العورة المغلظة لكي لا ينصرف حكم لباسه إلى الكراهة كما قرره بعض العلماء.