د.بنكيران يكتب: مهرجان موازين وسفهاء القوم
هوية بريس – د.رشيد بنكيران
لن يختلف مغربيان حول شناعة عرس يقام وفي الحي فاجعة موت لجيران يبكون ألم الفراق، ولهذا تجد أصحاب العرس هم أول من يبادر في أداء واجب العزاء، ويشاركون الجيران حزنهم ومصيبتهم، ويؤجلون إقامة عرسهم إن كان في الأمر فسحة، وإلا تمت وليمة العرس مصغرة وفي هدوء وصمت.
وإذا كان هذا الخلق الرفيع المفعم بالإيمان الصادق وبمشاعر الإنسانية الحقة من القيم الثابتة للمغاربة، ومن محاسن الأخلاق التي يفتخر بها المجتمع المغربي ويعتز بها، ومن تنكب عن هذا الخلق يعدّ من سفهاء الناس -ولكل أمة ومجتمع سفهاء- وكان موضع ازدراء وتنقيص من الكبير والصغير…
قلت: إذا كان هذا الخلق الرفيع… من ثوابت المجتمع المغربي، فكيف يكون موقف هؤلاء المغاربة الأحرار الشرفاء إذا كانت الفاجعة أعظم، والمصيبة أشد وقد نزلت بالجيران، مصيبة ينفطر لها قلب البعيد قبل القريب، مصيبة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الجار الفلسطيني على يد المحتل المغتصب الصهيوني؛ قتل بالقنص بالرصاص، قتل بالقصف بالقنابل، قتل بالتجويع، قتل بهدم المنازل، قتل بالدهس.. كل أشكال القتل والموت جربت ونزلت بهذا الجار الحبيب على مرأى ومسمع من العالم، وليس له ذنب سوى أنه يرفض اغتصاب حقوقه وعرضه، ويرفض احتلال أرضه، ويرفض أيضا تدنيس مقدسات دينه، تدنيس المسجد الأقصى.
يا ترى هل سيحلو للمغاربة الشرفاء الأحرار إقامة عرس ومهرجان (مهرجان موازين) يعلو فيه صوت الموسيقى والغناء، صوت الرقص والصخب، صوت الضحك واللامبالاة، وجيرانهم في أرض العزة والصمود يقتلون ويبادون صباح مساء!!؟
وتساؤلنا هذا لا نستحضر فيه الحكم الشرعي لمهرجان موازين، بل نفترض فيه جدلا أنه مباح، لكن نستدعي له في الوقت نفسه القيم آنفة الذكر وأعراف المغاربة الأصيلة تامغربيت؛ “عرس ولدى الجيران ميت“.
وهنا سؤال يفرض نفسه:
هل من يقف على إقامة مهرجان موازين رغم استباحة دماء الجار الفلسطيني يهتم بما يهتم به المغاربة، ويشعر كما يشعر المغاربة!!؟
هل من يقف على إقامة مهرجان موازين رغم تلك المأساة الإنسانية الفظيعة مغاربة وطنيون شرفاء حقا!؟
هل يمكن لمغربي مسلم يسعه الغناء والرقص وحضور مهرجان لا موازين له، وإخوانه المسلمون يبادون!!؟
نحن نعلم أن لكل أمة ومجتمع سفهاء، فهل ترضى أن تكون مع السفهاء!!؟
ومن أحط السفه الذي صادفني في قضية مهرجان موازين جواب من أجاب أنه لا ينفق على المهرجان ويؤثث بمال العموم، أي بمال الشعب المغربي، وعليه فلا حق لكم أيها المواطنون المغاربة في الاعتراض. وكأن القضية محصورة فقط عند هؤلاء القوم في المال، فإذا امتلكت المال الخاص، كنت فوق الرقابة وفوق الأعراف، ولك أن تدوس على القيم والأخلاق وأن تنشر سفه موازين وقت ما تشاء رغم أن في الحي أمواتا ولدى الجيران قتلى!!
وهنا أسائل الشباب، وأسائل الآباء والمسؤولين، وأسائل الحكومة والدولة:
هل ترضون أن تكونوا مع السفهاء!
وأخيرا، إذا أقيم مهرجان موازين، هل سيتفهم الجار الفلسطيني عذر المغاربة الشرفاء الأحرار: أنه للأسف أن هؤلاء سفهاؤنا ولكل مجتمع وقوم سفهاء.
ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.