د.بنكيران يكتب: نحو التفكير الجماعي

هوية بريس – د. رشيد بن كيران
◆ لقد دلت التجربة الإنسانية، في مجالات الحياة كلها، على أن الجماعة واجتماع الناس على غاية نافعة يعود عليهم بفوائد جليلة، ويثمر نتائج عظيمة لا يحققها الجهد الفردي مهما بلغ. غير أن الحديث النبوي الشريف الصحيح «يدُ الله مع الجماعة» يضيف إلى هذا المعنى الإنساني بعدا إيمانيا أعمق؛ إذ يبين أن اجتماع الناس إذا كان بنية صالحة واستحضار لوجه الله تعالى، فإنه يستجلب معية ربانية خاصة، وبركة إلهية تحيط بالجماعة وتسدد خطاها.
◆ إن الجماعة لا تقتصر على الاجتماع الجسدي أو المصلحي، بل تمتد لتشمل كل صور التعاون والتآزر، ومن أعظمها الجماعة الفكرية أو الجماعة المتفكرة إن صح التعبير؛ أي اجتماع العقول على التفكير الجماعي المشترك في الدفاع على الدين أو الدعوة إليه أو التفكير الجماعي المشترك في قضايا الأمة أو الوطن ومشكلاتهما.
وقد دلّ التأمل والتجربة على أن التفكير الجماعي يحدث تحولا عميقا في نوعية الفكر وفاعليته:
▪︎ من التفكير العاطفي الى التفكير المعقلن،
▪︎ من التفكير المشتت إلى التفكير المركز،
▪︎ من التفكير الحماسي الى التفكير الواعي،
▪︎ من التفكير المنغلق إلى التفكير المنفتح،
▪︎ من التفكير الوهمي إلى التفكير الواقعي،
▪︎ من التفكير الضبابي إلى التفكير الصافي،
▪︎ من التفكير السطحي إلى التفكير العميق،
▪︎ من التفكير الارتجالي إلى التفكير المؤسسي.
◆ وما قلناه عن التفكير الجماعي يصدق على كل أمر يحبه الله ويرضاه من الحسنات والطاعات والصلاح وأعمال الخير؛ فكل جماعة اجتمعت على ما يحبه الله ويرضاه نالت من معية الله ونصره وتوفيقه بقدر إخلاصها واجتماعها.
وإنما ركزنا على التفكير الجماعي لأن الحاجة إليه اليوم أشد من أي وقت مضى، بل هو مفتاح إصلاح كثير من الخلل الذي أصاب واقع الأمة، إذ لا ينهض فكرها ولا تنتظم مشاريعها إلا إذا اجتمعت عقولها كما يجب أن تجتمع قلوبها على الغاية الواحدة.
◆ وخلاصة الكلام، نحتاج دوما إلى أن نتفكر ونفكر ونعمل ونتعاون ونحن جماعة، لا فرادى، نتعبد الله بالتفكير الجماعي، فهكذا يريد منا الله، وبهذا ننال بركته. وما اجتمع قوم على طاعة إلا وكان الله معهم يسدد خطاهم ويبارك ثمارهم؛ فـ«يدُ الله مع الجماعة».



