د.بنكيران يوضح قاعدة “حكم الحاكم يرفع الخلاف” ويبين المغالطة في توظيفها
هوية بريس – د. رشيد بنكيران
في الصراع الدائر بين المسلمين وبين الحداثيين أو العلمانيين لا مجال شرعا لتوظيف قاعدة حكم الحاكم يرفع الخلاف ووجه المنع يرجع إلى سببين اثنين:
◆ الأول منهما: أن المراد بالحاكم في القاعدة القاضي الذي يقضي بين متنازعين معينين في المحكمة، فحمه بعد قضائه لا يرفعه أي قاض آخر أو مفت، لكن بشرط ألا يخالف ذلك القاضي الذي حكم المجمع عليه من الأحكام أو القواعد الشرعية المقررة. (انظر القرافي في فروقه).
◆ الثاني: أنه على فرض صحة أن المراد بالحاكم في القاعدة كذلك السلطان أي والي أمور المسلمين(ملك، أمير، رئيس دولة..) كما ذهب إلى بعض المعاصرين فإن الصراع حول مدونة الأسرة صراع مرجعيات؛
مرجعية دينية إسلامية؛ تريد أن تُحّكم شريعة الإسلام في جميع مناحي الحياة،
ومرجعية حداثية علمانية لا دينية؛ تدعو إلى فصل قوانين الدولة عن دين الشعب، وتفرض مكانها القوانين الكونية للمجتمع الغربي على المغاربة،
وقاعدة حكم الحاكم يرفع الخلاف جاءت لتؤطر الخلاف داخل المرجعية الدينية الإسلامية لا خارجه. والحاكم (السلطان) الذي له حق رفع الخلاف محكوم عليه بالمرجعية الدينية الإسلامية فلا يجوز له تجاوزها، فلا يمكن للحاكم أو السلطان أن يرفع خلاف وقع بين دين الإسلام وبين فسلفة وضعية (الحداثة والعلمانية).
كما لا يجوز للسلطان كذلك مخالفة المجمع عليه من الأحكام الدينية، ومعظم الجدال الواقع في مدونة الأسرة بين المسلمين وبين الحداثيين هو خلاف في المجمع عليه في الدين والقطعي من أحكامه.
ولهذا كل حديث عن قاعدة حكم الحاكم يرفع الخلاف في الصراع الحالي إنما هو مغالطة مرفوضة بتاتا، فلا يحق لأي أحد أن يغير شرع الله عز وجل استنادا الى القاعدة.