د.حسن الكتاني: الأوقاف هاجسها السيطرة على الشأن الديني والأئمة والخطباء يأخذون الفتات
هوية بريس – محمد زاوي
في نظركم أين تكمن أهمية القائمين على الشأن الديني في المجتمع المغربي؟ وما هي الثغور التي يجب أن يقفوا عليها حفظا للدولة والمجتمع؟
في نظري أن القائمين على الشأن الديني في المجتمع المغربي هم الذين يناط بهم تعليم الناس وقيادتهم وتبيين أحكام دين الله عز وجل، فهم العلماء وهم الائمة وهم الخطباء وهم المدرسون وهم وجوه كل حي، فلذلك وجب الاهتمام بهم وإكرامهم وتقديمهم وتعظيمهم وكفايتهم حتى لا يكونوا عالة على الناس، لأن التضييق عليهم وإذلالهم هو من إذلال المجتمع وإذلال الدين كله في المجتمع. فلذلك وجب على القائمين على أمور الدين أن يهتموا بهذه الطائفة من الناس.
هل استطاعت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن توازن بين مطلوب الواقع ومطلوب النص فيما يتعلق بـ”هيكلة الحق الديني”؟
الحقيقة أن وزارة الأوقاف كان هاجسها الأساسي هو السيطرة على الشأن الديني، بمعنى أنها ليس من اهتمامها تعليم الناس ولا تثقيفهم ولا توعيتهم ولا أطرهم على الحق. هذا الموضوع، في الحقيقة، ليس من المسائل التي جعلتها من اهتماماتها الكبرى. وإنما اهتماماتها الكبرى كانت في السيطرة على أهل الدين، وعلى العلماء والخطباء والمدرسين، حتى لا يخرجوا عن خطوط حمراء معينة، هذه الخطوط الحمراء هي التي تسهر وزارة الأوقاف على حمايتها.
ولذلك، أصبح الخطباء تحت سيف مصلت عليهم جميعا يخشون أن يتكلموا أو يقولوا ما يخرجون به عن هذه الخطوط الحمراء التي ليست خطوطا بينة واضحة يمكنهم الرجوع إليها، لأنها ترجع إلى مزاج بعض القائمين على الوزارة، ومزاج بعض المسؤولين.
فلذلك، قد يعزل خطيب هنا بما لا يعزل به في منطقة أخرى. ولا يخضع هؤلاء لنفس المساطر الإدارية، بمعنى أن الإدارات المغربية تعامَل بطريقة معينة لها قوانينها، لكن الإدارات المتعلقة بالشأن الديني ووزارة الأوقاف هذه تخرج عن هذا الأمر، فرواتبهم ليست كرواتب بقية الناس، والتعامل معهم ليس بالمسطرة التي يتم التعامل بها مع بقية الناس، ولا يدخلون أصلا في السلم الإداري المعروف لدى بقية الإدارات الأخرى. هذا شيء عجيب، سبحان الله العظيم، كأن المقصود منه هو السيطرة على الدين حتى لا ينتشر بين الناس. وإذا انتشر ينتشر نوع من التدين لا يؤثر في المجتمع.
ألا تعتقدون أن نقد قرارات وزارة الأوقاف ورؤيتها من الأمور التي تطلب الحكمة والتحرز؟
مع الأسف الشديد، وزارة الأوقاف لا تقيم وزنا لكلام أحد، فالخطباء منذ سنوات طويلة وهم يحاولون أن يحسنوا وضعيتهم. الأئمة في المساجد يعملون جهدهم ليحسنوا وضعيته، لكن وزارة الأوقاف لا تلقي لهم بالا ولا تهتم بهم، كأنهم ليسوا من الناس الذين ينبغي الإنصات إليهم.
فكم من وقفة وقفوها، وكم من اعتراض اعترضوا عليه، وكم من مطالبات طالبوا بها، وأسسوا تنسيقيات لكي يأخذوا حقوقهم، لكنهم لم يلتفت إليهم أحد إلى الآن. وعلى العكس، عندما قام الإمام سعيد أبو علي مطالبا بحقه، كان جزاؤه أن يحكم بسنتين سجنا ظلما وعدوانا، لا لشيء إلا لأنهم اعتبروه تطاول عليهم، وخرج عن المعهود في الخطباء والأئمة في أنهم يعزلون فيسكتون ويصمتون ولا يطالبون بحقوقهم.
فتلك وضعية يجب أن تنتهي، فلا يمكن لطائفة من الناس أن يبقوا أذلة هكذا تحت سلطة وزارة الأوقاف التي تفعل فيهم ما تشاء.
طبعا، هذا لا يمنع من وجود قوانين معقولة يمكن التحاكم إليها في مثل هذه الأمور، توجد قوانين إدارية، إذا أخطأ الخطيب أو الإمام أو الداعية يبيَّن له وينبَّه، لا أن تقطع الأرزاق. الأوقاف تركها لنا أجدادنا رحمهم الله جيلا بعد جيل، وهي من أغنى الوزارات، يجب يكرَّم هؤلاء الخطباء. سبحان الله العظيم، نحن نرى علماء اليهود والحزانين يأخذون رواتب سمينة. في حين أن علماء المسلمين والخطباء وأئمة المساجد يأخذون فتات المال الذي هو دون أي موظف في الدولة، حتى أن الخادمة التي تعمل في البيت لتأخذ قانونا أكثر منهم. وهذا في الحقيقة أمر يندى له الجبين.
ـــــــــــــــــــــــ
* د.الحسن بن علي الكتاني: رئيس رابطة علماء المغرب العربي.