د. رفوش: «قطعتْ جهيزةُ قَوْلَ كُلِّ خطيبٍ».. والدُ الشهيد محسن فكري يتحدث إليكم
هوية بريس – د. عادل رفوش
..لم أستغرب أن يصدر من رجلٍ نشأ في كنَف الحركة الإسلامية وتربى على القيم الوطنية؛ تصريحٌ بالغٌ في التعقل مليء بالعزة والحكمة معاً..
إنها كلمات والد الشهيد محسن فكري رحمه الله ذلك الشاب الفتي النقي الذي فُجع المجتمع بحادثته الأليمة وأعطانا دروساً في العدالة والكرامة أغنت عن كثيرٍ من التحليل…
إنها نقطةُ حدَثٍ يبعث على ضرورة الاستمرار في الإصلاح بمصداقية كاملة لا تقبل التجزئة أو النفاق؛ بل عملية تتظافر جهود الجميع لتوفيرها حقيقة لا مجازاً وواقعاً لا بالخطابات الموسميةِ..
فكثير من الحوادث هي بمثابة جرس الإنذار لوجوب تدارك الخلل ومواطن الدخن على كل المستويات من القمة إلى القاعدة وفي كل المجالات..
لقد أبهرني والد الشهيد وسط كل المواقف وبين كل المشاهد ومع كل الأمواج التي تأتي بالحق وبالباطل؛ إذ أبان جزاه الله خيراً عن احتسابٍ مؤثر وهو يترحم على فلذة كبده بلا عواطف ملغومة؛ احتساب لم يمنعه من التأكيد على مطلبين هامين:
1- مَطْلَبُ عِزَّةٍ: فهو يطالب بالتحقيق العادل بحيث لا يضيع حق مظلومٍ ولا يُتهم بريءٌ؛ وذلك ما تحقق حوله إجماع وطني من الملك والحكومة والشعب..
(( فلا للحُكْرة ولا للجَمْرة.. ولا لفساد الإدارة..))
2- مَطْلَبُ حِكْمَةٍ: أنه جَهَرَ بالقول الصريح وبالبيان الفصيح؛ أنه لا يريد من حادثة ولده أن تكون سبباً لفتنةٍ في هذا البلد الآمن ولا يجوز ذلك أبداً أبداً؛ فلا داعي للتباكي الخبيث ولا داعي لدموع الذئاب؛ ولا مكان لصب الزيت على النار ولا للتحامل على من لا يد له؛ حتى ولو كانت الإدارة والسلطة التي قد لا نتفق معها في بعض المواقف كما حدث في صورٍ شتى كالعبث الذي مورِس في الانتخابات الأخيرة باسم “حزب الجرار” وما مارسه من خلط للأوراق وعبثٍ بمختلف الملفات؛ بل إنه قد صدرت عنه مواقف مستعجلة في هذه الحادثةِ لتوريط بنكيران وحكومته تؤكد بُعد هذا الحزب السحيق عن أهليته الحقيقية كحزب وطني يسعى للإصلاح..
فلا لتوسيع دائرة المؤاخذة بالبهتان؛ ولا لرفع شعارات أكبر من الحدث؛ ولا تخدم إلا أعداء الثوابت الوطنية ممن يكرهون ما يعيشه بلدنا العظيم من إصلاح في ظل استقرار..
إنها فرصة أخرى للتأكيد على ضرورة الجدية في الإصلاح الشامل وضرورة الشفافية في ذلك..
وضرورة الحفاظ على مكتسبات هذا الوطن العظيم.
لقد أحسن والد الشهيد بهذا الموقف الشريف، وجسَّدَ بكل واقعية وبكل اتزان قول الحق سبحانه:
﴿ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قُتِل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا﴾.
اللهم انصر الحق وأهله واكفنا شر السرف وأهله..
اللهم جنب بلدنا الفتن ما ظهر منها وما بطن..
وامدد علينا سحائب الرضوان والأمن والإِيمان
والسلام والأمانِ والاطمئنان..
يا أرحم الراحمين يا رب العالمين..
– هل الميت صبروا والعزايا كفروا – درس مهم من والد الضحية يجب أن يستوعبه الداعون إلى الاحتجاجات المزيفة وأصحاب القموه الحالمة وأصحاب دموع التماسيح الكاذبة