د.عبد العلي الودغيري يكتب: كي لا ننسى
هوية بريس – د.عبد العلي الودغيري
في هذا اليوم العالمي للغة العربية أذكِّر النَّاسين بأن التراجع عن تدريس المواد العلمية باللغة العربية باتَ جُرحًا غائِرًا، وكان فضيحةً مُجَلجِلةً، وانتكاسةً مُحزِنةً ناءَ بثِقلها الثَّقَلان، وباءَت بوِزْرها أغلبيةٌ يقودها حزبٌ إسلاميٌّ كبير، وأقلّية معارِضة فيها أحزابٌ كان لها القولُ الفصلُ في يوم من الأيام، قبل أن تفقد بُوصلتَها وتَتيه مَراكبُها، ويَنضُب ماؤُها، وتَجفّ أغراسُها، وتصبح مثلَ أَعجازِ نَخلٍ خاوية.
لا تتظاهروا بحب الوطن، ولا تَتباكَوا على القرآن، ولغةِ القرآن، وحضارة القرآن. لا تتملَّقوا مشاعرَ الناس الطيّبين وتستغلّوا يأسَهم وإحباطَهم وهَوانَهم على أنفسهم واستعدادَهم للتعلّق بكل قَشّة مهما خَفَّت وضَعُفَت، فتُحَشِّشُوا رؤوسَهم بالحديث عن المرجعية والهُويّة وغير ذلك من الكلام المغشوش والعبارات المُجوَّفة المعروفة، وليس في نيَّتكم إلا أن تَحلُبوا الأصواتَ وتتسلَّقوا الأكتافَ، وتُمسِكوا أعوادَ الكراسي. لتطعَنوا بعدها ثقةَ المواطن في الظهر. تتنكَّرون، وتتنمَّرون. والنهاية، خيانةُ الأمانة.
عرفنا حقيقةَ أفعالكم ودواخِلَ أحوالكمْ، فلن تخدَعَنا بعد اليوم أقوالُكم وشعاراتُكم. مظاهرُكم كلُّها مُزيَّفةٌ خادعة. ولن يَغرّنا يَمينُكم ولا يَسارُكم، لا قَديمُكم ولا حديثُكم، لا صلاتُكم ولا صيامُكم. لا قِصَرُ قُمْصانُكمْ ولا طولُ لِحاكُم، فليس في القنافذ أملس. لكنْ، لا تَفرحوا بما آتاكُم، ولا تَسيروا في الأرض مَرَحًا، وأَبشِروا بأن الله سوف يذهب بريحكم ويُبدِّد غًثاءَكمْ، ويَأتينا بخير منكم، ويعوِّض الأمةَ فيكم بمن يَنفعها وينصرها ويحقق آمالَها ومطامحَها.
فما هي إلا لحظةٌ ثم تَنجَلِي
سَحائبُها، والنصرُ آتٍ بلا رَيْبِ
بَشائرُهُ في الأُفْقِ صارتْ جَليَّةً
وراياتُهُ البيضاءُ باتَتْ على قُربٍ