د. فضل مراد يكتب عن: حمولة من الخسارة الهائلة في رحلة الخلود!
هوية بريس – د. فضل مراد
كيف تكون مفلسا ؟!!
“ويل لكل همزة لمزة” .. هُمَزة على وزن فُعَلة بضم الفاء وفتح العين، وهذا يدل على الاحتراف والتضلع والسرعة في الهمز واللمز.
إن هذه الآيات مكية نزلت لتعلن للعالم أن المجتمع المسلم يجب أن يسمو بالقيم والأخلاق بعيدا عن الدونية والسفالة أو العلو الزائف والتنمر الشخصي أو النسبي.
إن الإنسان ولو كان كافرا تحرم الشريعة أن يُتّخذ محلا للسخرية والتنقص، إنها تهدم جدار الشنآن الشخصي المبرر وغير المبرر حال التعامل مع الآخرين ..
تعامل بعدل وحسب، ولو كان المتكلم عدوا. يقول لنا سبحانه وتعالى:
” ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى”
معنى هذا النص الدستوري القيمي العظيم يقول: حتى لو كانت عدوات شخصية مبررة أو غير مبررة، فإن قانون العدل ثابت لا يتزحزح ..
إن التشبّع بالعداء بين أفراد المجتمع أمر تكرهه الشريعه ولا تحبذه، لأنه ماخور للصفاقة والنذالة والبذاءة.
التشبع بالعداء والنفخ فيه ينتج أصنافا من الثار والعداء بين الناس الغير منطقي ولا المبرر، لا علاقة له بالحقيقة ولا دوافع له سوى المزاج .. يصبح الآخر عدوا بلا مقدمات ولا أسباب. وفي هذا الجو يتكاثر نوع من المخلوقات كالديدان على ركام المخلفات .. يعجبهم السب والشتم واللعن والقذف والسخرية والتهريج على خلق الله ..
يتحول الفيس وغيره إلى بيئة عقيمة لا تلد سوى الزيف من خلال مخلوقات مهرجة يتقافزون على صفحات التواصل أيهم يدوس الفضيلة أولا، أيهم أشد فتكا في الامتهان لشخص ما أو موقف ما، وكل ذلك يبدأ أو ينتهي بمقابل بخس من الوهم الالكتروني المسمى اللايكات، وقد يحصل أحدهم على رذاذ من موائد تجار الرقيق والمرتزقة، ولكنه عند الله هو المفلس ..
نعم مفلس من الأخلاق والقيم ومن الحسنات يوم القيامة … كما في الحديث الصحيح:
“يأتي يوم القيامة وله حسنات كالجبال لكن يأتي وقد شتم هذا وسب هذا وأكل مال هذا، فيأخذ الكل من حسناته ثم يوفى بسئياتهم ويطرح في النار ..”.
إنها حمولة من الخسارة الهائلة في رحلة الخلود وهي أعظم خسارة!!
ماذا تكسب من السب والشتم واللعن؟
إنها قاذورات من أثارها لفحته في وجهه أولا .. ووصله نتنها قبل الناس.
أعجب من أناس يشترون الخسارة بأموالهم!!
يضيق صدره إن انتهى الرصيد وتتنكد حالته إن قطع النت!! .. يسارع في تعبئة الرصيد ليعود على رصيده القيمي بالخلل والعطالة.
كل ذلك للتجارة الخاسرة، ولا يسلم منه دين ولا عرض ولا حتى الفتوى؛ فقد أصبحت مرتعا مباحا لهذه الجوقة المجنونة.
لقد أصبحت التعليقات البائسة كحقول من الألغام المتناثرة فعلا .. اللعن والسب والقذف والهزء والسخرية واللهمز واللمز …
إننا أيها الإخوة ملزمون شرعا بكف اللسان عن الناس.
وأن نكون جميعا قوامين بالقسط.
والسلام …